دخلت الاشتباكات في السودان، يومها العشرين، بينما أسفرت المعارك المتواصلة رغم الهدن المعلنة بين الجيش وقوات الدعم السريع حتى الآن، عن مقتل نحو 700 شخص وإصابة الآلاف، ونزوح أكثر من 335 ألفاً، ولجوء 115 ألفاً آخرين إلى دول الجوار، وسط مخاوف من بلوغ ثمانية أضعاف هذا العدد من اللاجئين، وتمدد الأزمة خارج البلاد، وأوضاع كارثية تثقل كاهل الشعب.
الشارقة 24 – أ ف ب:
لا يزال دوي الانفجارات وإطلاق النار يُسمع في الخرطوم، اليوم الخميس، في اليوم العشرين من المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين يتنازعان السلطة في السودان، وسط مخاوف من تمدد الأزمة خارج هذا البلد.
ورغم إعلان اتفاق مبدئي لتمديد الهدنة التي لم تحترم حتى 11 مايو الجاري، فإن المواجهات والانفجارات مستمرة في الضاحية الشمالية للخرطوم، كما أعلن سكان فجراً.
وعلى غرار أكثر من خمسة ملايين شخص من سكان العاصمة، يعيش هؤلاء فقط على وقع القصف.
ولتجنّب الرصاص الطائش، يلازمون منازلهم التي تفتقر للمياه والكهرباء مع تضاؤل مستمر للمال والغذاء.
ومنذ 15 إبريل الماضي، أسفر القتال بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثه "أيه سي إل إي دي".
وبات أقلّ من مستشفى واحد من أصل خمسة في الخرطوم، قيد الخدمة، مع شبه انعدام للخدمات الاستشفائية في إقليم دارفور "غرب".
وأجبرت المعارك، أكثر من 335 ألف شخص على النزوح، ودفعت 115 ألفاً آخرين إلى اللجوء لدول مجاورة، وفق الأمم المتحدة التي تخشى بلوغ ثمانية أضعاف هذا العدد من اللاجئين.
وأكد مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر، عبر حسابه على موقع تويتر، عبور 50 ألف شخص إلى الأراضي المصرية عبر الحدود السودانية، بينهم 47 ألف سوداني.
وفي يوم اندلاع الحرب، كان مقرراً أن يبحث الجنرالان المتصارعان مع الأمم المتحدة والوسطاء الدوليين، سبل دمج قوات الدعم السريع بالجيش، وهو شرط كان لا بد من تنفيذه، تمهيداً لإعادة السلطة لحكومة مدنية، واستئناف المساعدات الدولية المعلقة.
ولكن بدل المفاوضات السياسية، استيقظ 45 مليون سوداني على دوي قصف مدفعي وغارات جوية.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يمكن القول إننا أخفقنا في منع اندلاع الحرب التي فاجأت المنظمة الأممية.
وعلّق خالد عمر يوسف، وهو وزير مدني سابق خسر منصبه، مع كل دقيقة إضافية من الحرب، يموت أناس أو يُرمَون في الشوارع ويزداد تفكك الدولة.
وأوضح زعيم أحد فصائل التمرد السودانية المسلحة في دارفور عبد الواحد النور، أن الحرب الدائرة بين القائدين العسكريين في السودان لن تعرف منتصراً، وأضاف الشعب السوداني لا يريد أياً منهما، بل يريد حكومة مدنية، مؤكداً أنه لا يدعم أحداً من الطرفين في الحرب وأن مقاتليه لا يؤدون أي دور فيها.
وفي مدينة بورتسودان الساحلية، التي ظلّت نسبياً بمنأى عن أعمال العنف، يحاول منسّق عمليات الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، إعادة تنظيم مخزون الإمدادات بعد تعرضه لعمليات نهب كبيرة.
وطالب غريفيث، بضمانات أمنية على أعلى مستوى، لتأمين إيصال المساعدات إلى السودان، بعد نهب ست شاحنات تحمل مساعدات غذائية على وقع استمرار المعارك.
من جهته، أشار المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، إلى تعرّض مستشفى في الخرطوم لغارة جوية، موضحاً أن قوات الدعم السريع تشنّ هجمات في مناطق سكنية مكتظة.
وفي إقليم دارفور، لفت المجلس النرويجي للاجئين، إلى سقوط 191 قتيلاً على الأقل، واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف، فضلاً عن تعرض مكاتبه للنهب.
وأعلن جنوب السودان، الذي غالباً ما يقوم بوساطة في السودان، أنّ طرفي النزاع وافقا على هدنة من 4 الى 11 مايو الجاري، ووافق الجيش السوداني على الهدنة، شرط أن تلتزم بها قوات الدعم السريع، التي لم تعلق على الأمر.
وفي وقت تتكثف فيه الاتصالات الدبلوماسية في إفريقيا والشرق الأوسط، أعلن الجيش، أنه اختار هذا الاقتراح الذي تقدمت به الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا "إيغاد"، بسبب الحاجة لحلول إفريقية لمشاكل القارة.
وتعقد الجامعة العربية في القاهرة، يوم الأحد المقبل، اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية لبحث الحرب في السودان.
وسيبحث الاجتماع المخصص للسودان، الوضع في هذا البلد، بأبعاده كافة، السياسية والأمنية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
وتعهد معسكر البرهان، تسمية موفد يمثله للتفاوض على الهدنة مع الطرف الآخر، برعاية رؤساء جنوب السودان وكينيا وجيبوتي.
ومع استمرار نزوح السودانيين، تتواصل عمليات إجلاء مئات الأجانب، وخصوصاً عبر مدينة بورتسودان على البحر الأحمر.
وأعلن غوتيريش في نيروبي، أن الوضع الحالي غير مقبول على الإطلاق، ويجب التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وأعرب عن قلقه الشديد، بشأن امتداد النزاع إلى دول الجوار، التي تمر بمشاكل سياسية ومراحل انتقالية، ولا سيما تشاد وإثيوبيا وجنوب السودان.