جار التحميل...

°C,
بحضور عبد الله العويس

شعراء يضيئون قناديل الأمل والحب بختام مهرجان الخرطوم للشعر العربي

December 04, 2022 / 9:41 PM
أسدلت العاصمة السودانية الخرطوم، الستار على الدورة السادسة من مهرجان الشعر العربي، الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة، ونظمته دائرة الثقافة في الشارقة على مدار 3 أيام نسج خلالها شعراء من السودان ودول عربية عدة أجمل اللوحات.
الشارقة 24:

طَوت العاصمة السودانية الخرطوم صفحة الدورة السادسة من مهرجان الشعر العربي، الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونظمته دائرة الثقافة في الشارقة على مدار 3 أيام نسج خلالها شعراء من السودان ودول عربية عدة أجمل اللوحات الشعرية.

وأقيم حفل الختام في قاعة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العاصمة السودانية، بحضور سعادة عبد الله بن محمد العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحيي فريحة الأمين العام لمجلس الشباب والرياضة، والصديق عمر الصديق مدير بيت شعر الخرطوم، وعدد كبير من الشعراء والنقّاد والأكاديميين ومحبي الشعر.

يشار إلى أن المهرجان تنقّل خارج الخرطوم نحو منطقة الشيخ الطيب في الريف الشمالي في مدينة أم درمان، كما عرف التنقّل داخل العاصمة في العديد من المؤسسات الثقافية المحلية، محتفياً بالشعراء ونتاجهم الإبداعي، ليعكس صورة تؤكد أهمية الحدث الشعري في السودان.

وأعاد المهرجان، على مدى 6 دورات متميزة، الألق والتوهج للشعر العربي في السودان، وهو ما أشار إليه عدد من الشعراء المشاركين في قولهم، إن بيت شعر الخرطوم بات حاضنة للمبدعين السودانيين والعرب، مؤكدين ما تمثّله الشارقة من دور بارز في هذا المشهد الثقافي الذي يمتد من الخرطوم إلى آفاق عربية واسعة، معتبرين أن المهرجان أصبح أحد أهم الفعاليات الثقافية في السودان.

شهد اليوم الختامي من المهرجان فعاليات متنوعة، فقد قام المشاركون بزيارة بيت شعر الخرطوم، ضمن جولة تعريفية على مرافق البيت، فيما تنقّل الحضور مشياً على الأقدام نحو قاعة الشارقة التي استضافت ندوة نقدية قدّمها الشاعر والناقد السعودي حيدر العبد الله، مسلطاً الضوء على "الهايكو العربي" في أطروحة بحثية حملت عنوان "مُهاكاة ذي الرُّمة".

حاول العبد الله في أطروحته أن يقترح للهايكو صيغة عربية عبر بناء مجموعة من الجسور بين الشعريتين العربية واليابانية، وبين قديم الشعر العربي وجديده، وبين الإنسان وعلاقته بالطبيعة التي يعيش فيها، وبين اللغة والإيقاع.

وقال معرفاً الهايكو بأنه نص شعري يربط الطبيعة بالإنسان، ويقال في نَفسٍ واحد، وأشار إلى أن هذه الأطروحة لا تحاول أدلجة "الهايكو"، بقدر ما تحاول تنظيمه، وحمايته من المطاطية وانعدام الشكل، موضحاً أن ذي الرمة هو النموذج الذي سينتهجه لمقاربة روح الهايكو الياباني بأدوات عربية صرفة.

ومن مختبره النقدي، قدّم العبد الله عدة نماذج شعرية يابانية، ومنها يذكر تجربة بوسون، وكوبائيشي إيسا، وغيرهم.

وأعتبر الباحث أن بوسون كان رساماً بحساسية فنية عالية، فيما قال إن إيسا كان يشعر بأصغر الأشياء شعوراً عميقاً، وأن الجزء الأكثر روعة في شخصيته هو حبه للحشرات، وقد تجلّى ذلك بكتابته ما يزيد على 1000 "هايكو" عن الكائنات الصغيرة، يذكر منها:
"على غصن يجرفه النهر/ الحشرات ما تزال تغنّي".

كما يذكر مقطعاً آخر، حيث يقول:
"تعال العب معي/ يا عصفوراً/ يتيم الأبوين".
كما يقرأ: "الندى الأبيض/ على كل شوكة عوسج/ قطرة منه". "على غصنٍ عارٍ/ غراب وحيد/ عشية الخريف".
وقال الناقد السعودي إنها مقاطع شعرية تعكس دقة التصوير، وقرب العدسة من الأشياء، إنما يعبّر عن قرب روح الشاعر لها، إلى درجة أنها تلتقط حبّة الندى على رأس الشوكة، مبرزاً أن الشعر يمكن أن يُحسّ فنلتمس الحزن الذي يكسو المشاهد، موضحاً "دون أن يبوح ويصرّح به الشاعر مباشرة، فالهايكو إيحاءٌ لا تصريح، وهو من براعة هذا الشعر الذي لا يبوح صراحة بالمشاعر".

وتناول العبد الله أشعار ذي الرُّمة في مقاربة نقدية مع "الهايكو" الياباني، ويقتبس نموذجاً يصف فيه ذو الرمة لحظة غروب في آخر الربيع، كأن بقية قرص الشمس في أفقه، بقية الروح في صدر رجل يحتضر.. يقول ذي الرمة:
فلما رأين الليل والشمس حية حياة الذي يقضي حشاشة نازع.

ويقاربه مع نص شعري لبوسون حيث يقول: "بشمعة في يده، يهرول في الحديقة/ ناعياً الربيع".

وأضاف العبد الله أن كل شيء يقع في طريق ذي الرمة عرضة لأن يكون مشبهاً، أو مشبّهاً به، مشيراً إلى أن ذي الرمة طوّر آلة التصوير الخاصة به، وقد رأى ذو الرمة حرف الميم لأول مرة، فشبه به عين الناقة، يقول:

كأنما عينها فيها وقد ضمرت.. وضمّها السيرُ- في بعض الأضا- مِيمُ.

وأضاف العبد الله بقوله: "إن ذي الرمة كان واعياً بجريان الزمن، مكثراً من ذكر طوالع النجوم وأنوائها، وظواهر المواسم الأربعة، من ريح ومطر وهاجرة وسوى ذلك، فقد وصف النعامة في الشتاء، لأنه قرَنها بالبرد، وجعلها تخاف أن يتكسر بيضها من وقوعه، وهذا الوعي بتقلب الزمن وأثره على الطبيعة المحيطة، ركن من أركان الهايكو الياباني، لكن أهم سمات شعر ذي الرمة التي تقارب بينه وبين الهايكو موضوعيته، وقدرته على تحييد الذات وعدم الحكم على الأشياء".

وقال إن ذي الرمة يبرع في محاكاة الأصوات تقليدا وتشبيها، فيشبه أصوات أخفاف الإبل المدلجة ليلاً، بصوت ارتشافها للماء إذا كان طمؤها سٍبعاً، أي إذا لم ترد الماء منذ ستة أيام، فلا شك أن صوت ارتشافها سيكون مرتفعاً، يقول الشاعر:
لأخفافها بالليل وقع كأنه على البيدِ ترشاف الظماءِ السوابعِ.

أعقب الندوة جلسة شعرية شارك فيها مجموعة من مبدعي بيت الشعر، وكان من اللافت أن تشارك الشاعرة السودانية سارة أحمد التي تعاني من حالة خاصة تمنعها من النطق، فقرأت نيابة عنها الشاعرة ابتهال تريتر، تقول:
لا تسْألي القلبَ عمّا خطَّ أو كَتَبا ولا العيونَ إذا ما اسَّاقَطَتْ سُحُبا
ولْتَسألي الروحَ في عليائها ترفاً عنِ انْهِماركِ في أعْماقِها طرَبا
يا تَوْأَمَ الروحِ يا ميزانَ قافِيَتي يا بيتَ شعرٍ يُزيلُ الغَمَّ والكُرَبا
أنتِ الطباقُ على عيْني نزلتِ وفي القصائد كنتِ الشِّعْرَ والأدَبا.
December 04, 2022 / 9:41 PM

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.