الشارقة 24:
عبّر 5 من أدباء المهجر عن سعادتهم بمبادرة معرض الشارقة الدولي للكتاب بدعوتهم للمشاركة في فعاليات دورته الـ41 واحتضان الندوة التي عرضوا خلالها مساء اليوم الخامس من أيام المعرض جوانب من التحديات الثقافية واللغوية والحياتية التي يواجهها الأديب العربي المعاصر المهاجر في الغرب والذي يواصل إبداعه في بيئة ثقافية مختلفة.
جاء ذلك في ندوة بعنوان "كُتّاب المهجر، التحديات والصعاب"، وشارك فيها كل من الروائي حبيب عبدالرب، والشاعر محمد مظلوم، والشاعر مروان علي، والقاص مازن معروف، والكاتبة سونيا بوماد، والدكتور هيلموث نيدرلي رئيس نادي القلم النمساوي.
أدار الندوة الشاعر علي العامري، مدير تحرير مجلة الناشر الأسبوعي، الذي استهلها بالتعريف بالضيوف والإشارة إلى أهمية موضوع أدب المهجر وطبيعة المتتالية الجديدة من الهجرة أو النزوح الذي يؤثر على الحياة الشخصية للكاتب وإبداعه، واتصال قضايا المهجر المعاصر بمجموعة تحديات وتساؤلات حول إشكاليات الهوية واللغة.
وكان أول المتحدثين الكاتب حبيب عبدالرب، الروائي والخبير في مجال الذكاء الاصطناعي المقيم في فرنسا، الذي اعتبر أن الهجرة تطرح مجموعة أسئلة جوهرية وأنه يفضل من واقع تجربته اعتبارها تحديات أكثر من كونها صعوبات، ولخصها في إشكاليات التعامل مع اللغة والتعليم وفتح المهاجر آفاقاً لنفسه تمكنه من تغيير العلاقة مع الهوية الأولى واكتساب هوية جديدة تقوم على التفاعل مع الآخر لإثراء التجربة الذاتية.
تحدي الهجرة داخل اللغات
وبدوره تحدث الشاعر مروان علي حول تحديات الانتقال من لغة إلى أخرى من خلال تجربته التي دفعته أولاً إلى الدراسة في الطفولة بلغته الكردية، ثم بالعربية، وعندما هاجر إلى هولندا وجد نفسه أمام لغة ثالثة، ثم انتقل إلى المانيا ليواجه أيضا تحدي تعلم اللغة الألمانية، وأشار إلى أن التحديات تواجه كافة المهاجرين لكن تحدي اللغة بالنسبة للكاتب يتعلق بالكتابة وحاجته إلى متابعة ألوان الأدب باللغات الأخرى في البيئة التي يعيش فيها، وأكد أنه مع أن يكتب الأديب بلغة المكان الذي يعيش فيه، مستشهداً بما حققه بعض الأدباء العرب من نجاحات داخل اللغات الأخرى.
افتقاد ديناميكية الحياة في الشرق
وخلال مشاركته رأى القاص مازن معروف أن انتقاله من لبنان إلى آيسلندا منذ العام 2011 أحدث لديه في البداية صدمة وحالة من الجمود في الكتابة لاعتياده على ديناميكية الحياة السابقة في بيروت، كما وجد أن الأدباء في آيسلندا غير معتادين على وجود كتاب من ثقافات ولغات أخرى، إضافة إلى أن عدد الكتاب في آيسلندا بالآلاف، ما يجعل الأديب العربي المهاجر إلى ذلك البلد يتعرض لقدر من التهميش وعدم إشراكه في الفعاليات والأنشطة الثقافية.
عندما يصبح المنفى وطناً
أما الشاعر العراقي محمد مظلوم فتحدث حول تجربته في الانتقال من العراق إلى سوريا، وركز على محنة النفي التي تعرض لها كثير من أدباء العراق، وخاصة أولئك الذين ظلوا يكتبون في المنافي القسرية بأسماء مستعارة وينشرون بها دون أن يعرف أحد أسماءهم الحقيقية، حتى بعد وفاة بعضهم ظلت مقالاتهم ونصوصهم في المجلات مجهولة وتحمل تلك الأسماء المستعارة، وختم مشاركته جازما بالقول إن المنفى يبقى مصيراً حتمياً ودائماً لمن ظلوا يعيشون فيه لفترة طويلة حتى أصبح وطناً لهم ولعائلاتهم.
عودة الطيور المهاجرة
في حين أبدت الكاتبة اللبنانية المقيمة في النمسا سونيا بوماد سعادتها للمشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب واعتبرت أن احتضان الشارقة لعدد من كتاب المهجر يمنحهم شعور الطيور المهاجرة بالعودة إلى الوطن، لأن ما يطلبه الأدباء في المهجر هو الاحتضان العربي، والشارقة حققت لهم ذلك.
قرن اللاجئين
وشارك الدكتور هيلموث نيدرلي، رئيس نادي القلم النمساوي في الجلسة بحديث حول طبيعة التحديات التي تواجه المبدعين القادمين إلى أوروبا من خلفيات ثقافية ولغوية محلية، وأعاد التذكير أن القرن العشرين هو قرن اللاجئين بامتياز، وذلك ما جعل الأدباء المهاجرين ضمن من يعانون من صعوبات التكيف والبحث عن فرص لنشر إبداعاتهم في مجتمعات لا يتحدث فيها أحد بلغتهم، ناهيك عن الكتابة عن موضوعات قد تحتل أهمية بالنسبة للمهاجر لكنها بالنسبة للناشر الغربي ليست ذات أولوية، وأن هذا الإشكالية قد يواجه أحياناً حتى بعض الأدباء في الغرب عندما يتناولون موضوعات غير شعبية في سوق الأدب.