اختتم "النوخذة" ملتقى الشارقة الدولي الراوي بدورته الـ 22، مثلما استقبل جمهوره في بداية افتتاح الحدث الذي نظمه معهد الشارقة للتراث، بإنشاد أجمل النهمات الشعبية المحلية، التي كانت يوماً ما أشهر ما يتداوله الناس حتى صارت إرثاً شعبياً كبيراً يدعو إلى الفخر والاعتزاز.
الشارقة 24:
مثلما استقبلهم في بداية افتتاح ملتقى الشارقة الدولي الراوي بدورته الـ 22 الذي نظمه معهد الشارقة للتراث، ودع النوخذة الجمهور بحفاوة أكبر، بإنشاد أجمل النهمات الشعبية المحلية، التي كانت يوماً ما أشهر ما يتداوله الناس حتى صارت إرثاً شعبياً كبيراً يدعو إلى الفخر والاعتزاز، وعاملاً مهماً من عوامل الهوية الوطنية، وتحول صدى الأصوات الشجية، والإيقاعات، والتصفيق المتناغم من أجمل ما تحفل به ذاكرة الجمهور عن هذا المحفل التراثي الثقافي المهم.
جلسات أكاديمية مهمة، تحدث فيها أكاديميون ومتخصصون ومهتمون وعشاق للفن الشعبي، توزعت على ثلاث جلسات و18 ضيفاً مشاركاً، أبحرت الأولى في سحر البحر في إيطاليا وما يكتنزه التراث الشعبي هناك من أسرار وحكايات، ومنه انتقل باحث آخر إلى بحر حيَّرت أسراره أفواج البحارة الذي مروا منه، أو سمعوا عنه، وهو "بحر الظلمات"، الذي كان يدعو إلى الخوف من جهة، والمواجهة التي عرف بها البحار من جهة أخرى، وكان هناك حديث عن المداحة أو الدرويشة التي تزين المجالس بأنواع الحكايات والأشعار، وتلهب الأجواء بحسن الأداء والاختيار، وانتهت الجلسة بالحديث عن أرشفة الفن الشعبي.
الجلسة الثانية، أخذت الجمهور لا إلى عمق البحر، وإنما إلى أعماق النفس البشرية التي جاورته، أو أبحرت فوقه، ومنها ظهرت أسماء ومسميات وحكايات، مثل الحادي، والحيدي المنصور، وأبرز ما قص في الحكاية الشعبية البحرية، وأخطر حكايات البحر في الخليج العربي طيلة قرن من الزمان، وإشكاليات التوافق بين المروي والمدون من حكايات البحر، ثم الانتقال إلى حكايات شعبية مصرية، سلطت الضوء على حضور البحر في الخيال الشعبي المحلي.
آخر الجلسات جمعت بين الحكايات الشعبية، ومفهوم البحر في الوجدان الشعبي، وأسرار المهنة البحرية للنهامة والرواة والنوخذة، وأدب البحر وأمثاله الشعبية، وطبيعة سكان البحر، قدم فيها الباحثون المشاركون صورة فنية جمالية شعبية بحرية لسكان الإمارات، والعراق، ومصر، والسودان، وأعطت انطباعاً جميلاً على تقارب وجهات النظر بين جيران البحار في هذه الدول، والتقارب الكبير في تعاطيهم مع مدلولاته، وآثاره، فشكلت الجلسة صورة حية، وجرعة معرفية، وإضافة نوعية.