الشارقة 24 – وام:
دفعت أهداف الإمارات الطموحة لتنويع مصادر الطاقة والتزامها بتحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050؛ جهودها الرامية لبناء مستقبل أكثر استدامة، والتي توجت بالإعلان عن استضافت مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الثامن والعشرين "COP28"، بما يدعم خطط الخمسين عاماً المقبلة للدولة نحو مستقبل منخفض الكربون.
وتضع الإمارات قضية التغيّر المناخي في صدارة اهتماماتها، حيث وضعت في العام 2017 هدفاً طموحاً يتمثّل بتوليد 50% من مزيج الطاقة من مصادر طاقة نظيفة، و تابعت تقدمها الحثيث بإعلان استثمارها أكثر من 600 مليار درهم في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050، مع تعزيز دورها العالمي في مكافحة التغير المناخي، والذي يأتي متسقاً مع أهداف "اتفاق باريس للمناخ" لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى لخفض الانبعاثات الكربونية والغازات الدفينة.
وشكل إعلان الإمارات عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050 خارطة طريق، تعمل تحت مظلتها جميع المؤسسات في الدولة كفريق واحد لتحقيق هذا الهدف، بما يعزز مسيرتها في العمل من أجل المناخ على المستويين المحلي والعالمي، والتي بدأت منذ انضمامها لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في 1995، حيث تبنّت دولة الإمارات منذ ذلك الوقت مجموعة كبيرة من التشريعات، وطبقت العديد من الإجراءات الهادفة إلى خفض الانبعاثات وتقديم الحلول المستدامة.
ووضعت الشركات العاملة في قطاع الطاقة بالدولة استراتيجيات تتماشى مع هذا التوجه، حيث وقعت شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" وشركة مياه وكهرباء الإمارات واحدة من أكبر الاتفاقيات في قطاع النفط والغاز، تحصل بموجبها "أدنوك" على احتياجات شبكتها الكهربائية عن طريق الكهرباء المنتجة من المصادر النووية والشمسية الخالية من الانبعاثات خلال شهر يناير من العام 2022.
ووفقاً للشراكة الاستراتيجية التي تعد الأكبر من نوعها في قطاع النفط والغاز؛ تصبح "أدنوك" بموجبها أول شركة نفط وغاز تؤمن احتياجات عملياتها من الطاقة الكهربائية الخالية من الانبعاثات، ابتداء من يناير الجاري، ما يعزز مكانتها الرائدة ضمن منتجي النفط والغاز الأقل كثافة في مستويات انبعاثات الكربون، ويدعم جهودها ومبادراتها لخفض الانبعاثات وتمكين النمو المستدام.
وفي سياق متصل تُولي الاستراتيجية الجديدة لمجموعة "طاقة" أهمية كبيرة للطاقة النظيفة لا سيّما الطاقة الشمسيّة، حيث تهدف الشركة لأن تشكل الكهرباء النظيفة التي تنتجها المجموعة نسبة تفوق 30% من إجمالي إنتاجها بحلول العام 2030.
وأوضح جاسم حسين ثابت الرئيس التنفيذي للمجموعة والعضو المنتدب في "طاقة"، أن دولة الإمارات تقود جهود مواجهة التغير المناخي وبناء مستقبل أكثر استدامة، وتؤدي شركة طاقة دورها من خلال تخفيض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عمليات توليد الكهرباء وتحلية المياه، في ظل المضي قدماً نحو زيادة قدرات الدولة من الطاقة النظيفة.
وقال: "يجب ألا يقتصر سعينا على تنويع مصادر الطاقة وبناء القدرات اللازمة داخل الدولة فحسب، بل يتعيّن علينا أن نتيح خبراتنا الواسعة التي اكتسبناها للآخرين للمساهمة في بناء مستقبل مزدهر محلياً وعالمياً".
من جانبه أفاد عبد الله سالم الكيومي الرئيس التنفيذي لـمحطة "نور أبوظبي" للطاقة الشمسية، أن محطة "نور أبوظبي" التي تملك شركة أبوظبي الوطنية للطاقة تعد حصة 60% فيها أكبر محطّة مستقلّة للطاقة الشمسيّة ضمن موقع واحد قيد التشغيل في العالم حالياً.
وكانت هذه المحطّة التي تبلغ قدرتها 1.17 جيجاواط قد حقّقت رقماً قياسيّاً عالمياً، حتّى قبل انطلاق أعمال التشييد فيها، حيث سجلت أدنى تعرفة للكهرباء المنتَجة من الطاقة الشمسية في ذلك الوقت، وبلغت 2.42 سنت أميركي لكل كيلوواط/ ساعة.
وأضاف أن تشييد المحطّة التي استغرق إنشاؤها 23 شهراً فقط بات مرجعاً معيارياً لدولة الإمارات ولسائر دول المنطقة، حيث تحظى باهتمام الشخصيّات الرفيعة المتخصصة حول العالم كنموذج استثنائي في إنتاج الكهرباء وخفض الانبعاثات الكربونية.
وتعكف "طاقة" حالياً على إنشاء محطّة ثانية على غرار محطّة "نور أبوظبي" وهي محطّة "الظفرة للطاقة الشمسيّة"، التي ستكون قدرتها الإنتاجية ضعف قدرة "نور أبوظبي" تقريباً عند الانتهاء من تشييدها.
وفي الوقت الذي تتحضّر فيه دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الثامن والعشرين "COP28" في العام 2023؛ فإن محطّة "الظفرة للطاقة الشمسيّة" ستكون على أتمّ الاستعداد للبدء بعملياتها.
وكانت محطّة "الظفرة" قد حققت رقماً قياسيّاً عالميّاً مع توفيرها لأدنى تعرفة للكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية، وأكثرها تنافسية في العالم حينها وقيمتها 1.32 سنت أميركي لكلّ كيلوواط/ ساعة، ما يؤكّد أكثر فأكثر أنّ الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسيّة أصبحت قادرة على منافسة الكهرباء المنتجة من المصادر التقليديّة.
جدير بالذكر أن أسبوع أبوظبي للاستدامة سينعقد خلال الفترة من 15 إلى 19 يناير الجاري، ويعد منصة عالمية تستضيفها شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وتهدف إلى تسريع وتيرة التنمية المستدامة، فيما تستضيف القمة العالمية لطاقة المستقبل سلسلة من المنتديات، حيث تجمع نخبة من الخبراء لمناقشة قضايا متنوعة تشمل الطاقة النظيفة والشمسية والمياه ومعالجة النفايات والمدن الذكية والتغير المناخي والبيئة.
ويستقطب أسبوع أبوظبي للاستدامة مجموعة متميزة من القادة والخبراء المهتمين بتغير المناخ، بمن فيهم زعماء الدول وصناع السياسات وخبراء الاستدامة ورواد التكنولوجيا، إضافة إلى عدد من القيادات الشابة في هذا المجال، فيما يركز على اتخاذ خطوات وإجراءات فعالة في ثلاث مجالات تشمل التعاون الدولي والقيادة والتنمية الاقتصادية والتكنولوجيا والابتكار.