خلال جلسة نقاشية بعنوان "التواصل بين الثقافات"، أقيمت في جناح المرأة بإكسبو 2020 دبي، أشاد مجلس "إرثي" للحرف المعاصرة بتراث دولة الإمارات في صناعة العطور، ودعا إلى الحفاظ على هذا الإرث الغني وتعريف الأجيال الجديدة على سردياته وذاكرته الجمالية.
الشارقة 24:
أشاد مجلس "إرثي" للحرف المعاصرة، التابع لمؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة، بتراث دولة الإمارات في صناعة العطور، ودعا إلى الحفاظ على هذا الإرث الغني وتعريف الأجيال الجديدة على سردياته وذاكرته الجمالية.
جاء ذلك خلال مشاركة المجلس، في جلسة حوارية بعنوان "التواصل بين الثقافات"، أقيمت مؤخراً في جناح المرأة بإكسبو 2020 دبي، وشهدت إطلاق بحث "عبق المستقبل"، الذي يهدف إلى توثيق حرفة وتجارة العطور، وإبراز أهميتها في الممارسات اليومية للمجتمع الإماراتي.
وناقش المجلس مكانة العطور باعتبارها مكوناً أساسياً في الثقافة الإماراتية، وأحد أبرز المنتجات التي تفتخر بها أسواق دولة الإمارات، وتناول آليات توثيق فن مزج العطور والوصفات القديمة، والمكونات الفريدة التي استخدمها الإماراتيون الأوائل لصناعة أرقى أنواع العطور، وسبل تعزيز استدامة هذه الصناعة وإضفاء عنصر الحداثة عليها.
وشارك في الجلسة التي أقيمت كل من كيران ساجواني، خبيرة استراتيجيات التصميم وباحثة وأستاذة مساعدة في كلية العمارة والفنون والتصميم في الجامعة الأميركية بالشارقة، والدكتور أنيجو ماثيو، الرئيس السابق لقسم الفنون والتصميم في الجامعة الأميركيّة بالشارقة، والمدير الحالي لأكاديمية "ديزاين نيكست" (DesigNext) وأستاذ مشارك في معهد التصميم التابع لمعهد إلينوي للتكنولوجيا في شيكاغو، الولايات المتحدة.
كما مثّل مجتمع طلاب الجامعة، كل من الطالبة الإماراتية مزنة خالد، وحمدة حارب الفلاحي، طالبات في كلية العمارة والفنون والتصميم، والمشاركات في "بحث عبق المستقبل" لدراسة تاريخ صناعة العطور في دولة الإمارات.
وجاءت مشاركة الطالبات في إطار اتفاقية تعاون مع الجامعة الأميركية في الشارقة، نظم بموجبها مجلس إرثي دورتين تدريبيتين في قسم الفنون والتصميم في كلية العمارة والفن والتصميم في الجامعة، وتم تقسيم المشاركين في كل دورة إلى عدة مجموعات، بهدف تعزيز مشاركة الطلاب في الجوانب الثقافيّة والاجتماعيّة والتقنيّة والاقتصاديّة لحرفة صناعة العطور في المنطقة، من خلال سلسة من المشاريع.
إطلاق بحث "عبق المستقبل"
وتماشياً مع التزامه بتوثيق المعارف المتعلقة بالعادات والتقاليد الثقافية في دولة الإمارات وتعزيز مستقبل المنتجات الإبداعية، أصدر مجلس "إرثي" خلال الجلسة بحث "عبق المستقبل" باللغتين العربية والإنجليزية، الذي يسلط الضوء على مشاريع التصميم والوسائط المتعددة التي ينفذها المجلس بالتعاون مع الجامعة الأميركية بالشارقة، ضمن 4 مواضيع.
ويوثق الكتاب حرفة وتجارة العطور، بالإضافة إلى أهميتها وجذورها المترسخة بالذكريات والهوية والعادات والتقاليد والممارسات اليومية للمجتمع الإماراتي، كما أسهم البحث المكثف الذي سبق إعداد الكتاب في إتاحة الفرصة لابتكارات جديدة في صناعة العطور التقليدية في دولة الإمارات والتي اعتمدت على مجموعة من المواد الخام المستوردة والمستدامة، الأمر الذي يعزز مكانة الدولة مركزاً رائداً لصناعة العطور، ووجهة يقصدها خبراء العطور من جميع أنحاء العالم.
وبحثت المشاريع المشتركة بين المجلس والجامعة الروابط التي تجمع حرفة صناعة العطور والهوية الثقافية الإماراتية، والمكانة التاريخية لهذه الحرفة التقليدية الأصيلة والتقنيات الخاصة بها، إلى جانب العديد من الدراسات حول أشكال وأنواع "الدخون" ومصادر المكونات الفريدة التي يتم استيرادها من دول مختلفة.
وأسهم البحث في تمكين فرق الطالبات المشاركات من تسليط الضوء على التحديات الحاليّة في مجال صناعة العطور، وتطوير الرؤى والتصورات حول آليات الحفاظ على التراث الوطني والهوية الثقافية، حيث أكملت 5 طالبات من قسم التصميم ضمن فريق "طيب" الذي ركز على فن صناعة الدخون، برنامجاً تدريبياً لدى مجلس إرثي مدته 6 أشهر، يهدف إلى تطوير منتج وتقديمه بقالب معاصر يتناسب مع متطلبات سوق العطور، وسيدعم إرثي طرح المنتجات النهائية في السوق.
وفي تعليقه على أهمية الدورات والمشاريع، أكد الدكتور أنيجو ماثيو، أن المواضيع المتنوعة والمنهجية الشاملة مكنت الطالبات من التعرف على التحديات الحقيقية وما يقابلها من فرص على أرض الواقع، وقال: "أبرزت المشاريع جماليات التراث الإماراتي بلمسة إبداعية أضفت على المشروع جمالاً واضحاً، حيث نجحت الطالبات بتحويل الوصفات التقليدية التي تستدعي حياة الأجداد وميراثهم، إلى منتجات عصرية تنبض بالحياة".
المواد المفضلة
من جهتها، قالت حمدة الفلاحي: "إن فكرة العمل مرت بمرحلة دراسة المواد التي نحتاج إلى إضافتها في تلك المنتجات العطرية، حيث رأينا أن المسك من المواد المفضلة لدى شريحة كبيرة من المجتمع الإماراتي"، وأكدت أن العطر يعد مكوناً رئيساً من مكونات الحياة الإماراتية، وليس ترفاً أو رفاهية يمكن الاستغناء عنها، لافتةً إلى أن هذا ما أضفى على المشروع أهمية ورواجاً لدى فئات المجتمع المحلي.
بدورها، قالت الطالبة مزنة: "إن البساطة هي الأساس الذي بني عليه المشروع الذي يعتمد على مزج العطور المحلية التقليدية وتقديمها في تصميم عصري يتلاءم مع كافة الأذواق، وهو ما يضفي على المنتجات العطرية لمسة حداثيّة في الشكل، ومضموناً عابقاً برائحة الماضي".
وأكدت مزنة أن عملية إنتاج العطور تستغرق وقتاً للوصول إلى المنتج النهائي، ولكنها تستحق التجربة، ولا سيما أنها مصنعة ومصممة يدوياً، مشيرة إلى أن الفكرة الجوهرية من المشروع هي إبراز الهوية الإماراتية في قالب حداثي.
دور التعليم
وعن نظرتها حول تأثير تطوير صناعة العطور على المجالات التراثية والاقتصادية المتنوعة، أشارت كيران ساجواني إلى أهمية المؤسسات التعليمية في تعزيز دور الصناعات التراثية، بحيث توفر المناهج الدراسيّة للطلاب دراية تامة بمتطلبات المستقبل وتنمي مهاراتهم وقدراتهم، لأن تلعب دوراً كبيراً في غرس الثقافة عند النشء الجديد، وقالت: "تلعب التكنولوجيا الحديثة دوراً محورياً في تطوير الحرف التقليدية وتحديث سياقاتها لتلبية احتياجات الأسواق المعاصرة".