يطرح معرض الشارقة الدولي للكتاب، عدداً من التساؤلات تتكرر غالباً حول مجمل الفعاليات الثقافية والإبداعية التي تقام في المنطقة، فمن هم جمهور هذه الفعاليات، وهل يمكن لأي شخص أن يشارك فيها ويحضرها، أم هي موجهة لجمهور من المتخصصين بالأدب والفن والفكر؟
الشارقة 24 – وام:
يسعى معرض الشارقة الدولي للكتاب، في الشعار الذي اختاره لدورته الأربعين "هنا.. لك كتاب"، إلى طرح عدد من التساؤلات تتكرر غالباً حول مجمل الفعاليات الثقافية والإبداعية التي تقام في المنطقة، فمن هم جمهور هذه الفعاليات، وهل يمكن لأي شخص أن يشارك فيها ويحضرها، أم هي موجهة لجمهور من المتخصصين بالأدب والفن والفكر؟.
هذا ما تواجهه الكثير من الفعاليات الثقافية في المنطقة والعالم، إذ غالباً ما يختصر جمهورها على المثقفين، إلا أن معرض الشارقة الدولي للكتاب لم يكن يوماً حدثاً للكتاب وحسب، وإنما لكل أشكال الفنون والإبداعات والمعارف الإنسانية، ونجح منذ دوراته الأولى، أن يفتح أبوابه أمام فئات الجمهور كافة بمجمل اهتماماتهم، فصار ينتظره الصغار قبل الكبار، ومن لا يهتمون بالقراءة قبل القراء والأدباء والكتاب.
في دورته الجديدة، التي تقام في مركز إكسبو الشارقة، خلال الفترة من 3 إلى 13 نوفمبر الجاري، يؤكد المعرض على رسالة كرسها طوال مسيرة طويلة، وقاد فيها أكبر حملة ثقافية في العالم تحت شعار "إذا مهتم بشيء، يعني مهتم بالكتب"، فكانت هذه الرسالة رغم بساطتها وبداهتها مثيرة لاهتمام الملايين حول العالم، فظهرت في إمارات الدولة، وعلى مركبات الأجرة الشهيرة في لندن، وعلى اللافتة الأشهر في التايمز سكوير في نيويورك، وفي شارع الشانزليزيه بباريس، كما حملتها القاهرة والمملكة العربية السعودية.
ويحول المعرض، مع كل دورة من دوراته، هذه الرؤية إلى واقع ليس للناطقين باللغة العربية وحسب، وإنما للجمهور من كل الثقافات واللغات، فعلى أرضه تلتقي هذا العام 1632 دار نشر من مختلف بلدان العالم، ويستضيف نخبة من الكتاب والمبدعين والفنانين من 83 دولة، منهم الناطقون بالعربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والروسية والأردو والهندية والفلبينية وغيرها من اللغات العالمية.
ويبحث الكثير من متابعي جديد إصدارات دور النشر العربية والأجنبية، عن منصة تتيح لهم الوصول إلى الكتب من دون عراقيل الشحن أو الجودة أو غيرها من التحديات التي تواجه تسوق الكتب عبر الإنترنت، وهذا ما يجده القراء في المعرض ليس على مستوى إصدارات دور النشر العربية وحسب، وإنما على مستوى ما ينتجه العالم أجمع من مؤلفات في مختلف الحقول، فالمعرض يقدم هذا العام 15 مليون كتاب تمثل 1.3 مليون عنوان، منها 110 آلاف عنوان جديد يعرض للمرة الأولى في المعرض.
إلى جانب آلاف الإصدارات التي تقدم تاريخ الفن وتقنيات إنتاج اللوحة وفنون الرسم والتلوين والزخرفة، التي تحضر في المعرض مع ناشرين من مختلف بلدان العالم، يخصص المعرض هذا العام ركناً للرسامين، يتيح من خلاله الفرصة أمام المهتمين لاحتراف فنون رسوم كتاب الطفل، ويفتح أمامهم الباب ليعرضوا تجاربهم على خبراء ومتخصصين من حملة الجوائز العالمية، لتقييم تجاربهم وتوجيههم في مسارهم الإبداعي.
وعلى يمين بوابة مركز إكسبو الشارقة المطلة على ممزر الشارقة، في القاعة الرئيسية للمعرض، تفتح أبوابها طوال 11 يوماً، أمام عشاق المسرح من الكبار والصغار لمتابعة عروض فنية لمسرحيين ومبدعين في فنون الأداء، توافدوا من بلدان عربية وأجنبية ليثروا تجربة زوار المعرض بحكايات وفنون ساحرة تحمل ذاكرة بلدان كاملة.
ويكشف البحث السريع في موقع معرض الشارقة الدولي للكتب، حول الكتب المعنية بالرياضة عن مئات العناوين باللغة العربية والإنجليزية وغيرها من اللغات، يمكن لهواة متابعة الرياضات الإبحار من خلالها إلى كواليس وأسرار أبطال ونجوم الألعاب الرياضية والتعرف عليهم، كما يمكن للمتخصصين، قراءة أحدث ما توصل له العلم حول قدرات الجسم البشري وتقنيات تمرينه، والحدود التي تدفع نحو الطاقة القصوى للرياضيين في كل لعبة.
ويسافر محترفو التصوير وهواته، إلى بلدان العالم لالتقاط ملامح وجوه البشر بتنوعها الفريد، ويتنقلون بين الأحداث والفعاليات للوصول إلى لقطات استثنائية لافتة، وهذا ما يختزله المعرض بين ردهاته، فهو المكان الذي يجمع ضيوفاً وجمهوراً من كل بلدان العالم، وهو المكان الذي يمكن للمصورين فيه أن يكونوا وجهاً لوجه مع نجوم وفنانين ومشاهير، بالإضافة إلى المشاهد المدهشة التي تقدمها العروض الفنية والبهلوانية والمسرحية التي يمكن للمصورين الخروج منها، بلقطات مميزة ونادرة، وإلى جانب هذه العوالم فالمعرض يقدم كتباً لاحتراف التصوير وإتقان فنونه بمختلف اللغات.
ويشكل الطهي شغفاً لدى الكثير خاصة لدى رباة البيوت اللواتي، يحولن الطعام إلى رحلة بين ثقافات وبلدان العالم وغالباً، ما يعرفن البلدان بأسرار مطابخها، ومن هنا يفتح معرض الشارقة الدولي للكتاب وعبر ركن مخصص للطهي الباب أمام الطهاة من الهواة والمحترفين للتعرف مباشرة على فنون إعداد المأكولات مع أشهر الطهاة في المنطقة والعالم، فيتحول ركن الطهي إلى منصة حية لتعلم أسرار إعداد الوجبات والحلويات والمشروبات، كما يتيح المعرض آلاف الكتب المتخصصة بالطبخ منها ما يقدم وصفات وفنون وآخر يكشف تاريخاً ثقافياً للمأكولات وأصناف الطعام، فيما يتناول آخر الفوائد الصحية للأطعمة ويعلم كيفية الاستفادة منها.
ويتطلع الأطفال واليافعون، كما أولياء الأمور، إلى منصة تحتضن نشاط الصغار وتكشف عن مواهبهم، وتثير فيهم الحماس نحو التعلم والتجريب، وهذا ما يضعه معرض الشارقة الدولي للكتاب على رأس أولوياته، من خلال تنظيمه سنوياً لبرنامج متكامل ينظم مئات الورش والفعاليات الإبداعية والفنية والمعرفية التي يقودها متخصصون عرب وأجانب يقدمون على مدار أيام المعرض ورشاً في صناعة الروبوتات والرسم والهندسة والبرمجة وصناعة الدمى وغيرها من المهارات التي تعزيز تجارب الأطفال الإبداعية والمعرفية.
ولأن مواقع التواصل الاجتماعي، تمثل اليوم مركز التفاعل والتواصل وتقديم المحتوى الترفيهي والإبداعي والمعرفي في العالم، يمنح المعرض عبر منصة التواصل الاجتماعي فرصة كبيرة أمام الجمهور للقاء أشهر المؤثرين وصناع المحتوى العرب والأجانب، وفي الوقت نفسه يمنح هواة صناعة المحتوى الفرصة لاحتراف وتعلم مهارات وتقنيات التسويق الرقمي والتصوير وإنتاج البودكاست والكتابة لمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المهارات.
وليس غريباً، أن يجد المتجول في أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب، نفسه أمام فرقة موسيقية جوالة تؤدي عرضاً فنياً، يجمع بين فنون الأداء والعزف على الآلات ويروي في الوقت نفسه حكايات وتراث شعوب، فالموسيقى ترافق الزوار وتصحبهم إلى ثقافة بلدان وحضارات قديمة ومعاصرة.
وما أن تبرز في المشهد الثقافي العربي أو العالمي، رواية أو مجموعة قصصية أو شعرية، حتى تثار حولها الأسئلة ويتحول كاتبها إلى حديث المتابعين للشأن الثقافي والإعلام، فالعديد من الروايات ينتظر القراء مقابلة كتابها ليتعرفوا على كواليس تأليفها ويتعرفوا على قصة مؤلفها، وهذا ما يقدمه المعرض لجمهور القراء كل عام، إذ يستضيف كبار الأدب العربي والعالمي سنوياً، ويفتح حواراً مباشراً بينهم وبين الجمهور، ويتيح المجال أمام القراء للحصول على نسخهم الموقعة من كتابهم المفضلين، وهذا العام يفاجئ المعرض المشهد الثقافي العربي والعالمي باستضافة حاصد جائزة نوبل للأدب عبد الرزاق بن قرنح، في أول مشاركة دولية له بعد حصوله على الجائزة.
قد يتساءل البعض، ماذا يقدم المعرض للراغبين في المشي والحفاظ على صحتهم؟ والإجابة تقدمها أروقة المعرض، فهي تمتد على مساحة تتجاوز أكثر من عشرة آلاف متر مربع، ما يجعل المشي فيه مشياً مثمراً بدنياً ومعرفياً، فيكفي التجول بين دور النشر والتعرف على عناوين الكتب أو مشاهدة العروض الفنية التي تقام في المعرض، لتحقيق أحد الأهداف التي ينشدها الرياضيون والراغبون في الحفاظ على صحتهم بالمشي 10 آلاف خطوة يومياً.
أما للإعلاميين والإعلاميات، فالمعرض يستضيف سنوياً العديد من الكتاب الصحافيين ورؤساء تحرير صحف وإعلاميين وإعلاميات من كبرى المؤسسات الصحافية والإعلامية العربية والأجنبية، الأمر الذي يجعله واحداً من المنصات الدولية التي تعزز العلاقات بين الإعلاميين والصحافيين، وتجمعهم في مكان واحد من مختلف البلدان في المنطقة والعالم.