يحرص مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار على تجميع وتطوير منظومة عمل متكاملة للشركات والصناعات في الشارقة، لتعزيز الابتكار في عدد من القطاعات، التي أحدثت تغيرات عالمية أبرزت ملامح الثورة الصناعية الرابعة.
الشارقة 24:
إدراكًا لحقيقة أن التصنيع المضاف أو الطباعة ثلاثية الأبعاد تمكِّن من إبراز ملامح "الثورة الصناعية الرابعة"، يعمل مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار على تجميع وتطوير منظومة عمل متكاملة للشركات والصناعات في الشارقة، لتعزيز الابتكار في عدد من القطاعات المتمثلة بتقنيات المركبات ذاتية القيادة، وقطاع النفط والغاز والعلوم الطبية والتصنيع الذكي وغيرها من الصناعات، التي أحدثت تغيرات عالمية أبرزت ملامح الثورة الصناعية الرابعة، والتي بدت معالمها بتغيرات غير مسبوقة في حياة البشرية، وتعد التحولات الصناعية وطرق الإنتاج الحديثة من أهم التحولات التكنولوجية التي يشهدها العالم الحديث.
وتم تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد في الثمانينيات من القرن الماضي، وهي إحدى تقنيات التصنيع، حيث يتم تصنيع القطع عن طريق تقسيم التصاميم ثلاثية الأبعاد لها إلى طبقات صغيرة جداً باستخدام برامج الحاسوبية، ومن ثم يتم تصنيعها باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد عن طريق طباعة طبقة فوق الأخرى، حتى يتكون الشكل النهائي.
ويختلف هذا النظام عن نظامي القولبة والنّحت اللذين يبددان أكثر من 90% من المادة المستخدمة في التصنيع والطابعات ثلاثية الأبعاد في العادة أسرع وأوفر وأسهل في الاستعمال من التكنولوجيات الأخرى للتصنيع.
وتتيح الطابعات ثلاثية الأبعاد للمطورين القدرة على طباعة أجزاء متداخلة معقدة التركيب، كما يمكن صناعة أجزاء من مواد مختلفة وبمواصفات ميكانيكية وفيزيائية مختلفة ثم تركيبها مع بعضها البعض.
وتُستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد أيضًا في صنع أجزاء من المعدات الطبية ومعدات الحماية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي.
وفي قطاع الطاقة والمرافق، وتُستخدم الطابعات ثلاثية الأبعاد لتصنيع قطع غيار لتوليد الطاقة ونقلها وتوزيعها.
كما تستخدم في صناعات الطيران والفضاء بالإضافة لاستخدامها في انشاء الأجزاء والمكونات الحيوية، كما أنها أصبحت واقعاً حقيقياً في طباعة السيارات والمنازل.
وأشار سعادة حسين المحمودي، الرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، إلى أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تضيف الكثير لعملية التصنيع العالمية، ويجب على الشركات الابتكار والتكيف مع هذه التكنولوجيا، فقد أثبتت الطباعة ثلاثية الأبعاد أنها حيوية في وقت مبكر من الجائحة التي يعيشها العالم، عندما نجح فريق بحثي من مختبرات "إيمنسا للتكنولوجيا - الشريك المتخصص في تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد" والتي تركز عادةً على قطع الغيار لصناعة النفط والغاز ومكونات الطباعة ثلاثية الأبعاد، ويعمل بشراكة مع مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار في تطوير وتصميم وإنتاج مجموعة متنوعة من أقنعة الوجه التي تم استخدامها للوقاية من عدوى كورونا.
وقال المحمودي: "إن الشارقة تعتبر حاضنة للكم الأكبر من الصناعات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان لا بد من العمل على تطوير منظومة تقنية لدعم هذا القطاع الحيوي في الدولة والإعداد للتحولات الذكية والجاهزية للاستفادة منها بالطريقة المثلى، لتكون الشارقة ومن خلال مجمع الشارقة للبحوث مركز اختبار فاعل لتجربة وتطبيق التكنولوجيا، ومركزاً محورياً لشبكة عالمية من المطورين والباحثين لدعم القطاع الصناعي والانتقال به الى صناعة مستقبلية تعتمد على أحدث التقنيات الابتكارية".
كما أن مختبر الشارقة المفتوح للابتكار في مجمع الشارقة للابتكار، هو أول حاضنة تطبيقية للشركات الناشئة والمبتكرة في الشارقة لتصنيع النماذج الأولية بالإضافة لمركز الشرق الأوسط للتصنيع المضاف، الذي تم إطلاقه لتعزيز هدف الإمارات بأن تصبح مركزًا عالميًا للطباعة ثلاثية الأبعاد.
صياغة مستقبل الطباعة ثلاثية الأبعاد
وفقًا لخبراء الصناعة، من المقرر أن يصل سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد العالمية إلى 52 مليار دولار أميركي بحلول عام 2027.
وتعد صناعة الرعاية الصحية أحد القطاعات التي ستحقق مكاسب كبيرة من هذه التكنولوجيا، وذلك نتيجة للتطبيق المتزايد لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد حيث اكتسبت شعبية في المجال الطبي مثل جراحة العظام، وطباعة أجزاء وأعضاء جسم خاصة بالمريض باستخدام بيانات من الأشعة المقطعية والتصوير بالرنين المغناطيسي وكذلك تكرار الهياكل التشريحية للمرضى.
من الممكن الآن طباعة عدد من أجزاء الجسم، بما في ذلك الأسنان وعظام الفك والفخذين والأعضاء السمعية وغيرها. وقد طور بعض العلماء أيضًا استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج نماذج لأجزاء سرطانية من الجسم، بحيث يمكن للأطباء استهداف الأورام الخبيثة بدقة أفضل.
تصميم وإنشاء منازل بتقنية الطباعة "ثلاثية الأبعاد" في الشارقة
استقطب مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار خلال العام 2019 شركات عالمية متخصصة في انشاء الأبنية بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، اذ تم بناء أول منزل بهندسة معمارية تراثية على أرض المجمع باستخدام هذه التقنية، والتي تعد من أحدث تقنيات الثورة الصناعية الرابعة المتعلقة بالبناء بالتعاون مع أبرز الشركات التي تمتلك هذه التقنية في العالم، ويأتي هذا المشروع كثمرة للتعاون بين القطاع الحكومي والخاص والأكاديمي على أرض المجمع، اذ تم إنشاء المنزل في مدة زمنية لا تتجاوز الأسبوعين، حيث تم خلال هذه العملية تدريب مجموعة من الطلبة الباحثين من كلية الهندسة في الجامعة الأميركية بالشارقة في هذا المجال على هذه التقنية ليكون تنفيذ المشروع بمثابة تدريب عملي فعال.
انضم إلى الثورة الصناعية الآن
لا شك أن تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ستؤدي إلى ثورة صناعية شاملة، حيث أشار المحمودي: "يجب على الشركات - إذا أرادت أن تكون جزءًا من الثورة الصناعية الرابعة - الاستفادة من الطباعة ثلاثية الأبعاد أو التصنيع الإضافي الآن."
تعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد واحدة من أكثر التقنيات تطوراً في عصرنا، وهي الحل للعديد من تحديات الأعمال، ويتيح نهجها التحويلي للإنتاج الصناعي إنشاء أجزاء وأنظمة أرخص، ومصممة حسب الطلب، وأخف وزنًا، وأقوى ".
كما دعا المحمودي العديد من الشركات في المنطقة وخارج دولة الإمارات العربية المتحدة لتأسيس أعمالهم في مجمع الشارقة للابتكار وتجربة التحول الهائل في سوق تصنيع المواد المضافة العالمية، حيث يتمتع المستثمرون في هذا القطاع في المجمع بدعم كبير بالإضافة لاستفادة من التعاون الثلاثي الذي يقوم على أساسه عمل المجمع وهو التعاون بين الشركات الخاصة والحكومة والأوساط الأكاديمية.