تفتح الأعداد الكبيرة من أسماك السردين بالمحيط الهندي، في مثل هذا الوقت من السنة، شهية الكثيرين في مياه البحر وفوقها، إذ تنطلق الدلافين في أثرها بمطاردة تتخللها قفزات، وتُغير الطيور عليها من الجو، فيما تصعد أسماك القرش من القعر سعياً إليها.
الشارقة 24 - أ ف ب:
تثير الأعداد الكبيرة من أسماك السردين بالمحيط الهندي، في مثل هذا الوقت من السنة، اهتمام الكثيرين في مياه البحر وفوقها، إذ تنطلق الدلافين في أثرها بمطاردة تتخللها قفزات فوق السطح الأزرق، وتُغير الطيور عليها من الجو، فيما تصعد أسماك القرش من القعر سعياً إليها.
إنه سباق محموم، تدور رحاه في المياه قبالة الساحل الشرقي لجنوب إفريقيا، عندما يحصل حدث طبيعي مذهل يتمثل في هجرة ملايين أسماك السردين، على مدى أشهر نحو هذه البقعة، خلال فصل الشتاء الجنوبي، في حركة تصل إلى ذروتها في يوليو من كل عام.
ويبدو المشهد تحت الماء، وكأنه فيلم رسوم متحركة، أشبه برقصة باليه أو بالتحضيرات لوليمة، إذ تؤدي كل عائلة من الحيوانات دورها في المطاردة، بينما تتكتل أسماك السردين، وهي تحاول الفرار والحد من خسائرها على شكل سحابة سوداء لا تنتهي، تصدر منها انعكاسات فضية.
من على متن زورق، توضح عالمة الأحياء البحرية الأميركية ميشيل كاربنتر بفرح، هل رأيت؟ ثمة الآلاف من الدلافين، ونحن نراهم دائماً خلال موسم "سردين ران".
يجذب هذا النشاط الموسمي، عدداً كبيراً من الفضوليين، الذين يتدفقون من كل أنحاء العالم، وقد تراجع عددهم بسبب الوباء، بينما تترقب مجموعة صغيرة مع قائدها مؤشرات النشاط على السطح.
ويعلق كينت تيلور بعد ساعات في البحر، أرى القليل من الحركة أمامنا مباشرة، أنها على بعد كيلومتر، يجب النظر إلى البعيد، ولكن عندما تراها، تشعر بالفرح.
وتتولى الدلافين، الجانب الأكبر من العمل، نيابة عن كل الحيوانات الأخرى، وتفصل قسماً من قافلة السردين الضخمة التي تمتد لكيلومترات، وتستدرجها من الأعماق إلى السطح، وتصبح أسماك السردين، بعد عزلها والاستفراد بها، بمثابة "كرة طعم"، وتتحول لقمة سائغة للأسماك الساعية إلى التهامها.
ويشرح الغواص المحترف غاري سنودغراس، أن أسماك السردين تحاول دائماً العودة إلى القاع، لحماية أنفسها، وهنا يأتي دور أسماك القرش، فنظراً إلى كونها في القاع، تتولى إقفال طريقها.
ويضيف بالتالي لدينا أسماك القرش في الأسفل، والدلافين حولها، هل ترون تلك الدلافين هناك تقفز؟ إنها تحاول منع السردين من الهروب.
وفي هذا الوضع، تصبح المهمة سهلة أمام طيور "كيب غانيت" البحرية القادرة على الانقضاض على فرائسها، وهي في الأعماق.
أما الضيف الأخير الذي ينضم إلى المأدبة، أمام حفنة من المتفرجين المذهولين، الذين يبتعدون عنه، فهو القرش "المظلم"، الذي يدخل على الخط ويتسبب بالرعب للسردين، وما هي إلا دقائق حتى يكون الابتلاع، مصير الأسماك المُطارَدَة التي يستحيل هروبها.
ويعلّق الغواص الفرنسي لوران، لقد كان المشهد مذهلاً، وجاء القرش ليُتَوجَه، لم يعضنا، لقد كان الأفضل.
أما صديقه جيريمي، فاعترف بأنه كان "خائفاً بعض الشيء"، وعاجله لوران مصححاً بل، بصراحة، كنتَ خائفاً جداً جداً.
ويتكرر هذا المشهد، خلال موسم الـ"سردين ران"، الذي يمتد أشهراً عدة من هجرة، يشرح العلماء، أنها مرتبطة بالدورة التناسلية للأسماك.
وتحت الماء، بعد انتهاء الوليمة وعودة الهدوء، لا تبقى سوى قشور أسماك تتساقط ببطء.