الشارقة 24:
أعلنت البعثة المحلية لهيئة الشارقة للآثار، عن العثور على جرة قديمة، مليئة بالكثير من العملات التي كانت تسك في هذا الجزء القديم في موقع مليحة، وكان ذلك يقرب من القرن الثالث قبل الميلاد، حيث كانت تسك عملاتها المعدنية الخاصة، المستوحاة من عملات الإسكندر، وخلفائه السلوقيين، إذ كانت من الإصدارات الأولى لهذه المسكوكات.
وقد حملت أيقونات تلك الفترة، رأس هرقل، ويمثله في ذلك، الإسكندر الأكبر، والإله اليوناني زيوس جالساً على عرشه، بالإضافة لكلمة الإسكندر؛ لكن، مع مرور الوقت تم تغيير هذه النماذج، لكي تضاف إليها كلمة "آبيل" مكتوبة بأحرف آرامية، بدلاً عن كلمة الإسكندر الإغريقية.
وعن مكونات الكنز الأثري الذي اكتشف أثناء عملية المسح والتنقيب في منطقة مليحة في فبراير من العام 2021م؛ أوضح الدكتور صباح عبود جاسم، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، أن فريق المسح الأثري المحلي في الهيئة، عثر على جرَّة فخارية وكان وزنها ثقيلاً، مما دعا إلى التفكير بأنَّها تضم شيئا نادراً، فقد وصل الوزن إلى تسعة كيلوجرامات، ومن ثمَّ بادر الفريق إلى إجراء عملية الفتح والبحث عن هذه المكونات بعد نقل الجرَّة إلى هيئة الشارقة للآثار، حيث تم فحصها، وإخراج الرمل منها، وتبين بعد البحث والتدقيق، وجود عملات فضية من فئة الدراخما الرباعية.
كنز مدفون
سجَّلت الهيئة ملاحظاتها الأولية على هذا الكنز، وتبين أن العدد الإجمالي للعملات المكتشفة يصل إلى 409 عملات، فئاتها يتراوح وزنها ما بين 16جراماً إلى 17 جراماً، أمّا مادة العملة، فكانت من الفضة.
التصنيف حسب القالب، يظهر أن القوالب ذات الوجه الواحد، عددها 387 عملة، أمّا القوالب ذات الوجهين، فعددها يصل إلى 22 عملة.
ظهر من خلال البحث أن مجموعة من العملات المكتشفة في الجرة، من العملات التي عرفت في السابق، حيث اعتبرت هذه المجموعة، الأكبر من المجموعات التي اكتشفت في منطقة الخليج العربي؛ إذ لم يتم تسجيل مثل هذا العدد في الماضي، والبعض منها، يعتبر من الإصدارات الجديدة بين عملات مليحة المكتشفة.
الجدير بالذكر أنه تم اكتشاف كنز من الفترة نفسها في مملكة البحرين في العام 1970م، من قبل البعثة الدنماركية، وعدد عملاتها كان 309 عملات، مسكوكة من الفضة.
مليحة في التاريخ
من المعلوم أن مدينة مليحة، تُعدُّ من أهم مواقع شبه الجزيرة العربية في فترة ما قبل الإسلام، وهي واحة تقع في وسط إمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد أصبحت في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد مركزاً تجارياً كبيراً للقوافل المارة على الطريق، من شمال وجنوب شبه الجزيرة العربية.
أكد شاهد القبر المكتشف في مليحة، الذي يؤرخ إلى أواخر القرن الثالث قبل الميلاد، على وجود مملكة عُمان، وكانت مليحة على الأرجح عاصمة لها.
إذ تعتبر أهم مجتمع مزدهر في المنطقة، وقد اعتمدت على قوتها الاقتصادية، في مد نفوذها التجاري إلى ممالك شبه الجزيرة العربية، مدن البحر الأبيض المتوسط، وادي الرافدين، بلاد الشام، وبلاد فارس، حتى وصلت إلى المناطق الشمالية الشرقية من أفغانستان، ووادي السند، وهي ما كانت تعرف في الماضي بـ "مملكة كوشان".
المجموعة الكبيرة من مقابض جرار الأمفورا المستوردة من جزيرة رودس، تعتبر دليلاً مهماً على هذه التجارة، كما تميزت مملكة مليحة بانفرادها في المكتشفات، حيث تعتبر جرة الأمفورا ذات التزجيج الأسود، الجرَّة الوحيدة المعروفة في العالم، حيث تعود بفترتها إلى نهاية القرن الثالث قبل الميلاد.
عرفت مليحة الكتابة، من خلال ما اكتشف فيها من نقوش متنوعة، وهي: نقوش جنوبية عربية، نقوش آرامية، ونقوش لخط الزبور، وهو نوع من أنواع خطوط المسند.