الشارقة 24 - عمر الجروان:
أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن تأسيس مجمع القرآن الكريم في الشارقة، جاء ليكون مكاناً يجمع تحت قبابه، روائع ونوادر ما يتصل بكتاب الله ـ تبارك وتعالى ـ من مخطوطات وكتب ولوحات قيمة، ومقتنيات للأعلام البارزين، الذين كان لهم دور واضح على مدى قرون الإسلام في خدمة القرآن الكريم.
جاء ذلك، خلال كلمة سموه، التي ألقاها، مساء اليوم الخميس، في حفل تخريج الدفعة الأولى للقراء المجازين من مجمع القرآن الكريم بالشارقة، والذي أقيم في قاعة المدينة الجامعية.
وأوضح صاحب السمو حاكم الشارقة، نجتمع اليوم بعد توفيق الله في مناسبة انتظرتُها طويلاً، وحالت دون تحققها ظروف صعبة يمر بها العالم أجمع، فمنذ اللحظة الأولى لوضع حجر الأساس لمشروع مجمع القرآن الكريم بالشارقة، كانت الجهود تبذل بالتوازي في ميدان الإقراء من خلال المقارئ الإلكترونية، يقوم عليها مقرئون ومقرئات، على مدار الساعة، وبمجرد الإعلان عن هذا المشروع، بدأت التلاوات القرآنية على مختلف القراءات العشر الكبرى والصغرى، تتلى آناء الليل وأطراف النهار، وتزايدت أعداد القراء من مختلف قارات العالم ودوله، فالمقارئ الإلكترونية في المجمع تستقطب اليوم أكثر من مائة وخمس وعشرين دولة حول العالم.
وتابع سموه، لولا ما يــمــر به العالم من ظروف صعبة، تحــول دون اجتماعهم اليوم في الشارقة، لضمت هذه القاعة أكثر من مائتين وخمسين مــجازاً بمختلف القراءات بالسند المتصل إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعدد ختمات تجاوزت الأربعمائة ختمة.
ووجه سموه، نصائح للخريجين والخريجات، قائلاً: " إنكم تحملون في صدوركم أعظم كلام يحمل في الصدور، وتشرفتم بحفظه وقراءته بالسند المتصل، وهذا شرف لا يجاريه شرف، ومنقبة ليس مثلها منقبة، فاحرصوا على أن تكونوا خير سفراء لهذا الدين، وتمثلوا القرآن في معاملتكم، فديننا أساسه التعامل والخلق، ألـم يقل الرسول الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»؟ ألم يثن عليه ربه فيقول: {وإنــك لعلى خلـق عظيم}؟ والمجتمع يجعلكم قدوة، فكونوا خير من يـقتدى به، وأضيفوا إلى ما تحملون في صدوركم من كلام الله، العلم النافع، والعمل الصالح، فبمثل هذا تنهض الأمم ".
وأضاف سموه، لقد أنزل الله ــ تبارك وتعالى ــ كتابه العزيز، لا ليوضع في الأدراج أو يركن على الرفوف، ولا لتزين به المجالس والمكتبات، ولا لنتباهى به، ولو فعلنا هذا فسيكون شاهداً علينا لا لنا، إنما أنزله الله لنتلوه متدبرين معانيه، مطبقين أوامره منتهين عن نواهيه، ولا أمــل من تكرار نصيحتي التي قلتها في أكثر من مناسبة، علينا أن نتدبر القرآن أثناء تلاوته، وللأسف الشديد، أصبح البعض يقرأه ويختمه مرات ومرات، وهو لا يعلم ما يقرأ، ولا يفقه ما يتلوا، يقول الله ــ تبارك وتعالى ــ: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، ويقول: {أفلا يتدبرون القرآن، أم على قلوب أقفالها}.
وكان حفل التخريج، قد بدأ بآيات من الذكر الحكيم، تلاها القارئ وليد حمد المرزوقي برواية ورش عن نافع، ثم ألقى شيرزاد عبد الرحمن طاهر أمين عام مجمع القرآن الكريم في الشارقة، كلمة قدم فيها الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، على دعمه الكبير والدائم والمشاريع التنموية والحضارية التي يطلقها ويشرف عليها سموه ومنها مجمع القرآن الكريم بالشارقة.
وأوضح أمين عام مجمع القرآن الكريم، المقارئُ الإلكترونية العالمية، تهدف إلى تأهيل علماء القراءات ومدرسي القرآن، خصوصاً في الدول البعيدة عن العالم الإسلامي، على يد مجموعة من خيرة مشايخ الإقراء في العالم الإسلامي، والذين تم استقدامهم واستقطابهم من مدارس إقرائية أصيلة ورصينة ومتنوعة، حيث يضم المجمعُ تحت قبابه أكبرَ تجمعٍ لعلماء القراءات وشيوخ الإقراء في العالم، بمجموع بلغَ (33) عالماً من علماء القراءات من المجازين بالقراءات السبع والعشر الصغرى والكبرى ومن حملة الشهادات الأكاديمية والأسانيد القرآنية العالية.
وتابع يغطي مجمعُ القران حالياً (108) دول، كما تم استقطاب طلبة من (18) دولةً جديدةً ينتظرون دورهم في القراءة، ليبلغ مجموعُ الدول التي يغطيها مجمعُ القرآن الكريم (126) دولة، وقد بلغ عدد الطلبةِ المنتسبين إلى المقارئ الإلكترونية العالمية (382) طالباً وطالبة، أتم منهم (251) عَرْضَ القرآن الكريم برواياته وقراءاته المختلفة وبالسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بمجموع ختماتٍ بَلَغَتْ (417) ختمة.
وأوضح الأمين العام لمجمع القرآن الكريم، أنه نظراً للأوضاع الحالية وتأثر العالم بجائحة كورونا، والعدد الكبير من الدول التي يغطيها المجمع تقرر تنظيم تخريج المنتسبين على دفعات ستكون على 6 تخريجات إقليمية، من خلال اختيار دولة من كل قارة.
وأشار الأمين العام، إلى أن هذا الحفل يتضمن (87) حافظاً وحافظة بالقراءات المختلفة من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة والمقيمين على أرضها ودول الخليج العربي وعدد من الدول العربية، واختتم كلمته بتهنئة الخريجين والخريجات ودعوتهم للاستمرار في تعلم القرآن وشؤونه ومواصلة تلاوته وتدبره والعمل به وتعليمه للغير.
كما ألقت الخريجة إسراء صلاح كلمة الخريجين، أوضحت فيها، لقد أكرمنا الله عز وجل بالانتساب إلى هذا الصرح القرآني العظيم -مجمع القرآن الكريم بالشارقة؛ لنلتقي على مائدة القرآن الكريم، ننهل من معينه العذب، ونتفيأ ظلاله الوارفة، حيث أتاح لنا هذا المجمع المبارك فرصة ذهبية لعرض القرآن الكريم على كوكبة من المشايخ المقرئين الفضلاء وثلة من العلماء النجباء، من أصحاب الأسانيد العالية البديعة، والدرجات الأكاديمية الرفيعة، فتعلمنا تلاوة القرآن الكريم وتجويده وقراءاته، ودرسنا علومه وأحكامه وهداياته، واكتحلت أعيننا بمتاحفه القرآنية الفريدة الباهرة، ومقتنياتها النفيسة النادرة.
وأضافت صلاح، أتقدم باسمي وباسم إخواني وأخواتي المجازين والمجازات بالشكر الجزيل والعرفان بالجميل لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على جهوده العظيمة في تشييد هذه المنارة القرآنية العالمية؛ التي تأتي انطلاقًا من رؤيته الحكيمة، بجعل الشارقة قبلة للقرآن والعلم والمعرفة ومهوى للحضارة والتاريخ وحاضنة للعلم والعلماء، ولا غرو في ذلك، فنور الشارقة يضيء العالم بأسره شرقًا وغربًا؛ أنموذجاً حياً، ومثالاً يحتذى في التقدم المعرفي والازدهار العلمي.
وتخلل الحفل، نماذج من تلاوة الخريجين والخريجات، والتي تلاها كل من عبد الرحمن طارق برواية السوسي عن أبي عمرو البصري، وعبد الرحمن وادي برواية ابن ذكوان عن ابن عامر الشامي، وسلمى يوسف عوض برواية رويس عن يعقوب، وساجدة العوضي برواية ابن وردان عن أبي جعفر، بالإضافة إلى تلاوة بالقراءات العشر للخريج إياد محمد يوسف، وختمة قرآنية برواية ورش عن نافع للخريج محمد نبيل حامد.
وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة، بتسليم الخريجين والخريجات شهاداتهم، مهنئاً إياهم هذا الإنجاز العظيم، ومتمنياً لهم التوفيق والسداد.
حضر حفل التخريج، كل من الشيخ محمد بن حميد القاسمي رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، والشيخ عبد الله بن محمد القاسمي مدير فرع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بالشارقة، ومعالي عبد الرحمن محمد العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع، وعدد من أعضاء المجلس التنفيذي رؤساء الدوائر المحلية، وكبار المسؤولين، وعدد من أصحاب الفضيلة العلماء، وذوي الخريجين والخريجات، وممثلي وسائل الإعلام.