الشارقة 24 – وام:
تقود إمارة الشارقة مشروعاً ثقافياً كبيراً ليس على مستوى الدولة والمنطقة وحسب، وإنما تتسع رؤيته ليكون ذا أبعاد عربية وعالمية، وتتجلى أحد ركائزه في الاهتمام بمعارف ووعي الأجيال الجديدة، إذ تكشف أجندة فعاليات الإمارة عن سلسلة فعاليات محلية ودولية، تعنى بتقديم الفن للطفل وتعزيز فرصه في اكتشاف مواهبه وإدراك دوره في مسيرة الدولة.
ويبرز من بين هذه الفعاليات السنوية "مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب"، الذي يحظى باهتمام مباشر من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، ودعم قرينته سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة.
فالمهرجان أحد النماذج المتفردة في المشهد الثقافي العربي الذي يحتفي بسينما الصغار واليافعين والشباب، ويفتح سنوياً أبوابه لاحتضان الموهوبين الإماراتيين والمقيمين في الدولة مع أقرانهم من نجوم وصناع السينما العالمية.
وحول الجهد والرؤية التي ينطلق منها المهرجان الذي تنظمه مؤسسة "فن" والأهداف التي يسعى إليها وما يحققه انعقاده من تكامل مع الحراك الثقافي في الإمارة والدولة، أوضحت الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي مديرة مؤسسة "فن"، أن "فن" تسعى إلى تنشئة جيل واعد من الفنانين والسينمائيين المبدعين، والترويج للأعمال الفنية والأفلام الجديدة التي ينتجها الأطفال والناشئة من إمارة الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة وعرضها في المهرجانات السينمائية والمؤتمرات الدولية.
كما تهدف إلى دعم المواهب وتشجيعها من خلال المهرجانات والمؤتمرات وورش العمل على الصعيدين المحلي والدولي، إضافة إلى توفير شبكة مترابطة من الشباب الموهوبين والواعدين وتمكينهم من تبادل التجارب والخبرات على نطاق عالمي، وتشجيع عملهم في مجال الفن الإعلامي وصناعة السينما.
وعن رؤية مؤسسة "فن" تجاه السينما وتأثيرها على بناء أجيال واعية والاستثمار في طاقاتها، أوضحت أن السينما ليست مجرد صناعة جامدة تقاس بحصيلة شباك التذاكر، بل هي لغة بصرية تتطلب من القائمين عليها تحقيق توازن بين الجوانب التقنية والإنتاجية وبين رسالة الفن التي تتوجه للجمهور الواسع، من هنا اخترنا أن يكون مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب ليس منصة لعرض الأفلام الجديدة، وإنما منصة لإشراك الأطفال والشباب في خوض تجربة صناعة الأفلام التي تعبر عنهم.
وأضافت: إننا نؤمن أن السينما ليست ترفاً بل هي إحدى أشكال الإبداع الأكثر تأثيراً في عملية التنمية وتنشئة أجيال ملتزمة بقيم الإنسانية وواعية بدورها تجاه البشر في مختلف أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه مدركة لقوتها في تحقيق التغيير المأمول لمستقبل بلادها، لهذا تواصل "فن" مساعيها نحو تنمية الذائقة الفنية من خلال الإعداد الجيد والانتقاء المدروس للمنتج السينمائي، الذي يعرض في كافة دورات مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب فالارتقاء بالفن مهمة مجتمعية مؤسساتية مشتركة.
وعن حجم اهتمام إمارة الشارقة بسينما الطفل؛ أوضحت الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي أن سينما الطفل تحظى بمكانة خاصة في ظل مختلف الفنون والأنشطة الثقافية التي ترعاها الإمارة، حيث ساعدت البيئة الفنية النشطة على انتظام ونجاح دورات مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب، إلى جانب التطور المستمر الذي طرأ على دورتها من حيث نوعية الأفلام وغاياتها الهادفة.
لافتة إلى أن الحيز الكبير الذي تمنحه الشارقة للفن السابع يأتي ضمن خريطة أنشطتها بهدف دعم إنتاج سينمائي عربي، يراعي القيم الجمالية ويلتحق بأحدث تقنيات صناعة السينما، من خلال الاستفادة من تجارب عروض المهرجانات وما تقام على هامشها من حوارات وندوات وورش عمل.
وتابعت: بلا شك أن الحراك الثقافي والفني الذي تشهده الشارقة بصورة عامة ينعكس على تطور البرامج والخطط المستقبلية في قطاعات الفنون، في ظل مناخ حضاري تحرص عليه الإمارة، من خلال الإطلال على الإبداعات العالمية ومواكبة جديدها، بما يسهم في إعادة صياغة روح العصر على أسس تنمي التذوق الإنساني المشترك، كما أن تراكم تجارب المهرجانات النوعية في الشارقة جعلها تكتسب طابعاً ملهماً يحفز الجمهور على التفاعل والاستفادة، ما يضفي على كل حدث قيمة معرفية وتعليمية تترسخ في وعي المشاركين من جميع الفئات.
وحول توجهات مؤسسة "فن" في تنظيم الفعاليات والأنشطة المخصصة للأطفال والشباب؛ قالت الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي: تحرص المؤسسة على البعد التعليمي في برامجها باعتباره وسيلة لتعزيز ودعم صناعة الأفلام والتصوير الفوتوغرافي، وتصميم الجرافيك والرسوم المتحركة التي يبدعها الأطفال الموهوبون، الذين يلتحقون بالورش الفنية المتخصصة بتنمية المهارات في هذا الجانب.
و أضافت: إن النهج الذي تبلور مع انتظام دورات مهرجان الشارقة السينمائي يركز على مفهوم التعلم المتواصل ونقل الخبرات بهدف تمكين الأطفال والشباب من صناعة وتذوق السينما وانطلاقاً من هذه الرؤية وفي إطار الاستعدادات للدورة المقبلة من مهرجان الشارقة السينمائي تتهيأ مؤسسة "فن" لتأهيل أطفال من فئات عمرية مختلفة ضمن برنامج "تأهيل المحكمين الواعدين"، بهدف تثقيف الأطفال المشتركين سينمائيا بما يؤهلهم لتقييم الأفلام والقيام بدور فاعل في لجنة التحكيم الخاصة بأفلام المهرجان، تجسيداً لمبدأ التمكين وارتقاء بالوعي السينمائي لدى الأطفال، من خلال إشراكهم في كافة مراحل الأعداد والتنفيذ للمهرجان الذي يستهدفهم بعروضه.
وأشارت إلى أن للمؤسسة أجندة حافلة بالكثير من الورش وجلسات التدريب الافتراضية، مثل الورشة الإبداعية التي تركزت حول "أنيميشن الصور الظلية"، الهادفة إلى تعليم تقنيات تشكيل الشخصيات وتقديمها بقوالب أفلام الأنيميشن بتقنية إيقاف الحركة، كما أقيمت عن بُعد خلال الفترة الماضية الكثير من الفعاليات والجلسات الحوارية والورش التعليمية المتعلقة بالثقافة السينمائية وتقنيات صناعة الأفلام.
وحول كيفية تأثير المتغيرات التي يشهدها العالم جراء جائحة كورونا على الفن واستعدادات مؤسسة "فن" لتنظيم دورة جديدة من مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب؛ قالت الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي: إن الأزمة الصحية العالمية عمقت النظر إلى الفن من خلال توظيفه عبر وسائط التلقي المتعددة، لتحقيق غاية استعادة الأمل وتحويل النشاط الفني إلى أداء ملهم في الأوقات الصعبة؛ بعد مرور عام كامل من الإغلاق والتحديات الاستثنائية.
ومن هنا فإن الترتيبات لا تزال جارية لتنظيم المهرجان بعد أن تأجل تنظيم النسخة الثامنة حتى أكتوبر 2021، وذلك إدراكاً منا بأهمية المشاركات الخارجية التي أكسبت الحدث طابعه العالمي الذي يعكس مكانة الشارقة، وكذلك بهدف إتاحة الفرصة لمشاركات أوسع في الدورة الجديدة للمهرجان نتيجة للظروف الاستثنائية التي فرضتها أزمة كورونا في الوقت الحالي.
وأوضحت أن مهرجان الشارقة المكرس لأفلام الأطفال والشباب يضيف للإمارة مهمة الارتقاء بالفن السابع على المستوى العربي، من خلال التأسيس لوعي جمالي وقيم إيجابية لدى الجيل الجديد المواكب لأحدث التقنيات والمحتوى البصري عبر الوسائط المتعددة، الأمر الذي يتطلب التخصص والخبرة التراكمية في الإشراف على أن يقدم المهرجان محتوى سينمائي، ينسجم مع رؤية الشارقة لوظيفة الفن في تنمية الوجدان والارتقاء بالذائقة منذ سن الطفولة.
وذكرت أنه حتى لا تقتصر مشاهدة جديد سينما الطفل على وقت انعقاد المهرجان السنوي؛ بادر المهرجان بإطلاق منصة أفلام عالمية "في بيتنا سينما"، عبر موقعه الرسمي وتم اختيار جميع العروض المتاحة على المنصة بعناية تامة، وبالتركيز على الرسائل التي تطرحها من زاوية إنسانية تعالج العديد من القضايا الراهنة.
وحول المكانة التي يحتلها مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب عالمياً وإذا ما كانت هناك شراكات تجمعه مع مهرجانات مماثلة في بلدان أجنبية؛ قالت الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي: للمهرجان حضور كبير على خارطة المهرجانات الدولية المعنية بسينما الطفل يتجلى في الأسماء التي يستقطبها سنوياً، والأفلام التي يعرضها لأول مرة في المنطقة العربية، والتقدير الذي يحظى به من صناع السينما المتخصصين بالأطفال واليافعين والشباب حول العالم.
وتابعت: تأكيداً على رسالة المهرجان وأهدافه عقدت المؤسسة مؤخراً الفعالية الافتراضية للمنتدى العالمي لسينما الأطفال، بتنظيم من مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب وبالشراكة مع "مهرجان لاهور السينمائي الدولي للأطفال"، وجمع المنتدى خبراء سينمائيين ركزوا على تأثير الظروف الراهنة على صناعة السينما، وكيفية خلق البدائل بما يكفل استمرار انتظام المهرجانات، وعدم تعطل إنتاج الأعمال السينمائية الجديدة.
وأشارت إلى أن المنتدى ناقش واستعرض أفكاراً أساسيّة حول مستقبل المهرجانات السينمائية ورعاية مواهب الأطفال، وأثرها الاجتماعي واستشراف الفرص ومجالات التعاون، التي تسهم في ابتكار تصورات جديدة لتعزيز ربط السينما بالتنمية واستعادة عافية الوجدان بالفن، بعد أن عايشت المجتمعات خلال عام مضى مواجهة ظروف الإغلاق وتعطل الأنشطة، وبروز أولوية المخاوف الصحية التي أدت إلى ولادة أنماط تفكير مختلفة، تتطلب دراسة وتأمل انعكاساتها على الإنسان وعلاقته بالفن الملتزم في زمن الوباء.