ودعت الشارقة، فعاليات النسخة العشرين من ملتقى الشارقة الدولي للراوي، وضربت موعداً جديداً مع الرواة والحكواتيين والقوّالين والباحثين والمختصين وعشاق الحكاية، في سبتمبر من العام المقبل.
الشارقة 24:
عاشت إمارة الشارقة، ومحبو التراث والحكاية، 3 أيام مع حزمة من الفعاليات والبرامج والأنشطة المتميزة في ملتقى الشارقة الدولي للراوي، تحت شعار "الاحتفال بالعشرين"، والذي تم بثه من خلال المنصة الافتراضية لمعهد الشارقة للتراث.
وشهد اليوم الثالث والأخير من الملتقى، مجموعة من الفعاليات والأعمال والبرامج، أبرزها: ندوة حول توثيق التراث الثقافي في الإمارات، من خلال جولة في المنطقة التراثية بخورفكان، شملت زيارة 7 متاحف شخصية هناك، بالإضافة إلى حكايات من تراث الشعوب.
وأوضح سعادة الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة العليا للملتقى: في هذه الظروف الاستثنائية تعلمنا أن التواصل والتفاعل قد يكون سهلاً من خلال هذه الثورة المعلوماتية، والدقة والحداثة في الأجهزة التقنية المتطورة، لقد كنا في السابق نستدعي الضيف الذي قد يأتي من مسافات بعيدة جداً ليقدم مداخلة أو محاضرة أو وصلة بسيطة أو يشارك في جلسة، الآن المردود أكبر على الرغم من عدم حضور هذا الضيف، جلوسه في جامعته أو بيته، لكنه يُقدم حصيلة أكبر من خلال هذا التواصل من خلال المنصات الافتراضية.
وتابع سعادته، حرصنا على عدم التوقف هذا العام، بل العمل على مواصلة نشاطنا بخصوص ملتقى الشارقة الدولي للراوي، وبالتالي جاءت مواصلتنا للأنشطة والفعاليات التراثية، على قاعدة إنعاش البرامج من خلال طرق ووسائل شتى، فكانت المنصة الافتراضية للمعهد محطة للملتقى، وكان المردود إيجابياً جداً، وقد تعلمنا الكثير في مواصلة العمل الثقافي في التراث الثقافي، بكل الوسائل المتاحة، حتى لا تنقطع هذه الصلة بيننا وبين الناس.
وأشار إلى أن الملتقى في نسخته العشرين، كان مواصلة للنسخ السابقة، وجاء كالعادة شارقياً عربياً دولياً بامتياز، بتفاعل عربي وعالمي كبير، وتآلف ودي مميز، مضيفاً عندما نستحضر مسيرة 20 عاماً في مشوار الملتقى، وتلك البدايات البسيطة والحيوية، وصولاً إلى قيمته الكبيرة اليوم عربياً وعالمياً، نقول إن ما حققناه من نجاح وتميز، لم يكن ليرى النور، لولا الدعم المستمر والكبير من قبل راعي الثقافة والمعرفة، وحامي التراث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لذلك أصبح الملتقى علامة فارقة في المشهد الثقافي.
وتقدم الدكتور المسلم، بالشكر والتقدير إلى كل فريق العمل الذي أسهم مساهمة كبيرة في إنجاح هذه الفعالية العالمية الكبيرة.
جولة على 7 متاحف في خورفكان
اختتم المقهى الثقافي للملتقى، أعماله وبرامجه في جولة بالمنطقة التراثية الحية في خورفكان، بمشاركة الباحثين فاطمة المغني وبدر صالح وراشد خلفان عبد الله النقبي ومحمد صالح النقبي وخلفان محمد علي النقبي وسعيد علي، حيث تم الحديث عن المتاحف الشخصية، وتجارب حية، وجمع المرويات والمقتنيات، والحكمة في الحكايات الشعبية الإماراتية، وقراءة في التجربة التراثية الإماراتية، من خلال كتاب فنجان قهوة.
وأوضح الدكتور مني بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر في معهد الشارقة للتراث، اختتمنا فعاليات المقهى الثقافي المصاحب لملتقى الشارقة الدولي للراوي في دورته العشرين، حيث قمنا بجولة بالمنطقة التراثية في خورفكان، تعرفنا خلالها على أبرز المقتنيات التراثية والأثرية التي تضمها المتاحف الشخصية، وتضمنت الجولة زيارة 7 متاحف شخصية، وقد عبرنا من خلال هذا الختام عن اتساق وتناسق هذه المقتنيات مع المرويات التي تحدثنا عنها، وكانت محوراً رئيسياً من جلسات المقهى الثقافي، وأن المتاحف الشخصية تجربة حية.
كتاب فنجان قهوة
كان كتاب فنجان قهوة: الإمارات في ذاكرة أبنائها، للباحث عبد الله عبد الرحمن، من بين الموضوعات التي طرحت في الجلسة الختامية للمقهى الثقافي في خورفكان، كقراءة في التجربة التراثية الإماراتية، وهو كتاب مهم للمهتمين في التراث وعناصره ومكوناته، حيث يسرد في أجزائه الثلاثة مختلف تفاصيل الحياة في الإمارات في فترة مبكرة من عمر الدولة، ويستدعي فيه شكل الحياة قبل نحو 100 عام من اكتشاف النفط، عبر حوارات معمّقة مع رجال ونساء كبار في السن عاشوا في مختلف نواحي البلاد، ويتناول الكتاب الكثير من ملامح وتفاصيل الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وهو وفقاً لصاحبه، مشروع العمر.
حكايات من تراث الشعوب
وتنوعت الحكايات التي عرضها حكواتيون ورواة مشاركون في النسخة العشرين من ملتقى الشارقة الدولي للراوي، فها هو الحكواتي الموريتاني، رئيس منظمة حكواتيون في الصحراء، يحيى ولد الراجل، يروي في اليوم الأخير من الملتقى حكاية من التراث الموريتاني، وفن الحكايات يعتبر في نظر كثير من الباحثين والمختصين الموريتانيين أحد أهم روافد الثقافة الموريتانية الشعبية التي ظلت لفترة طويلة وسيلة مهمة وحيوية لنقل المعارف والحكمة والثقافة والمحافظة على ميزتها الشفوية، وقد لعب الحكواتيون دوراً كبيراً في الحفاظ على التراث الشعبي وأسهموا في منعها من الاندثار والانقراض.
ومن جانبها، سردت الكاتبة والراوية الكويتية لطيفة بطي، حكاية من التراث الكويتي، وهي كاتبة متخصصة في أدب الطفل، تجاوز عدد إصدارتها 50 كتاباً للأطفال، وفي مسيرتها حققت العديد من الإنجازات ونالت عدة جوائز، من بينها جائزة الشيخ زايد للكتاب عن قصتها "بلا قبعة" وذلك في العام 2017، وكذلك استمر في اليوم الأخير حضور الراوي الصغير من خلال الطفل الراوي نصر عبد الحميد الذي روى لنا خروفة من خراريف الجدة.
قالوا عن الراوي (شهادات وتجارب)
في محطة شهادات وتجارب عن الملتقى، تحدث عدد من الباحثين والمختصين في التراث والحكاية، عن الملتقى وأهميته ومكانته.
وتفصيلاً، أوضح الباحث طلال الرميضي من الكويت، بداية نبارك لمعهد الشارقة للتراث على هذه الانجازات والجهود التي يقدمها في خدمة التراث الإماراتي والخليجي والعربي والإنساني.
ولفت إلى أن الشارقة عاصمة الثقافة العربية والإسلامية ومحطة كبرى في مختلف عناوين الثقافة والتراث والمعرفة، وأن ما يقدمه صاحب السمو حاكم الشارقة، من جهود كبيرة وحرص كبير على الثقافة العربية والإسلامية، وتقديمها بقالب جميل للعالم يشكل حالة مهمة وحيوية.
وتابع أن الحرص على إنجاح الفعاليات المتنوعة، والإصدارات المتنوعة للمعهد تخدم التراث، وهناك جهود عديدة متميزة، من ضمنها ملتقى الشارقة الدولي للراوي الذي يدل على أهمية الرواية الشفهية غير المادية، وضرورة توثيقها وتسجيلها من صدور الرواة قبل رحيلهم، لأن التاريخ الشفهي يضم معلومات مهمة وغنية، تستوجب التوثيق وضرورة العناية بهذه الحكايات وتحقيقها ودراستها، وأن ما قدمه المعهد من خلال الملتقى دليل حرص كبير منه على هذه الفكرة، خصوصاً أننا نحتاج دوماً إلى جهود الباحثين ليخوضوا التجربة العملية والعلمية مع كبار السن وكيفية استخراج المعلومات منهم، كل الشكر والتقدير للمعهد ورئيسه وكوادره وفرق العمل.
مينة الزرقاوي وندى فردان من البحرين
من جانبه، ذكرت الكاتبة مينة الزرقاوي من البحري، أنه مع سبتمبر تأخذنا الذكريات إلى أجمل ملتقى جمع الحكواتيين من حول العالم، أنه ملتقى الشارقة الدولي للراوي، وقد كان هذا العام بالتأكيد استثنائياً ومميزاً، نهنئكم بالذكرى العشرين، وإلى المزيد من التقدم والتميز والنجاح.
ومن جانبها، قدمت الكاتبة متخصصة في أدب الطفل، ندى فردان من البحرين، أجمل تهنئة إلى معهد الشارقة للتراث، بمناسبة الملتقى في نسخته العشرين على المنصة الافتراضية، وقالت: أبارك لكم جهودكم في هذا العرس الثقافي، ولفتت إلى أنها شاركت في نسخة سابقة من الملتقى، حيث يحرص المعهد على تقديم حصة وافية ومهمة ذات مستوى عال للأطفال، بما يسهم في نقل الإرث الثقافي جيلاً بعد جيل.
الدكتور محمد المهري من سلطنة عمان
من جانبه، أكد الدكتور محمد المهري من سلطنة عمان، أن ملتقى الشارقة الدولي للراوي، يشكل علامة فارقة في تاريخ الأمة، وصفحة ثقافية أولت الراوي اهتماماً كبير، حيث جعلته محوراً رئيسياً في إبراز المأثورات الشعبية، وما كان هذا ليحدث لولا جهود المخلصين، وفي مقدمتهم صاحب السمو حاكم الشارقة.
وتابع أن هذه المناسبة السنوية التي تحتفي بحملة الموروث الشعبي وتكريم هذه الشريحة الحاملة للذاكرة الشفهية هي مفخرة لكل خليجي وعربي، فكل الشكر والتقدير لصاحب السمو حاكم الشارقة على هذه الرعاية المتواصلة للعلم عموماً، والتراث خصوصاً.
سيرة راوية (عيدة فرحان مبارك)
في جعبة الراوية الإماراتية عيدة فرحان مبارك العديد من الحكايات والقصص والمرويات عن العادات والتقاليد، والأغاني الشعبية، وأغاني الزواج، ومختلف القصص والحكايات الشفهية، والمهن والحرف التقليدية والشعبية، خصوصاً المهن والحرف التي تتعلق بالنساء، ومن بينها البراقع، وكانت الراوية عيدة حاضرة في ملتقى الشارقة الدولي للراوي، من خلال أحد عناوينه، وهو سيرة راوي.
ومن المعروف، أن البرقع يعد من أهم مكونات الأزياء الشعبية التقليدية، وأداة من أدوات الزينة عند النساء قديماً، حيث يستخدم لتغطية الوجه، ويغطي معظم الوجه باستثناء العينين اللتين تخصص لهما فتحتان يفصل بينهما "السيف"، وهو عصا خفيفة تأخذ شكل المستطيل توضع في وسط البرقع لتثبيته، وتكون على الأنف حين يتم ارتداؤه، ويستخدم في حياكته الإبرة والخيط العادي، عدا خيط «شبق»، الذي يستخدم لتثبيته على الرأس، ولونه إما أحمر أو فضي، وقد استخدم الذهبي منه حديثاً.
الراوي عثمان الباروت
ولد الراوي عثمان الباروت في كلباء عام 1937، وعمل في البداية مساعد بحار على قارب "الماشوه"، وهو سفينة تزويد تنقل إلى سفن الغوص الأدوات والمؤونة التي يحتاجها الغواصون في غيبتهم الطويلة لصيد اللؤلؤ في أعالي البحر.
مع الباروت تطل مئات الحكايات والأقاصيص التي تتواتر لتشكل عوالم إماراتية خاصة تكتسب مكانتها المميزة كالتقاء البحر والصحراء، فالرجل يروي للأجيال موروثها الشعبي منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولقد حفظ سيرة مدينة كلباء بأزقتها وحاراتها القديمة وناسها وشاطئها، وأنواع الحرف التي كانت تنتشر فيها قديماً.
شارك الباروت بنشاط ودأب في العديد من الأنشطة الثقافية التراثية، وأنعش العديد من الفعاليات في هذا الصدد، وكان حاضراً بشكل لافت في عدة دورات من أيام الشارقة التراثية وقد تم تكريمه ضمن "يوم الراوي" كأحد الرواة الإماراتيين المهمين.
9 توصيات لملتقى الشارقة الدولي للراوي 2020
في ظل ظروف صحية استثنائية، مرتبطة بوجود فيروس (كوفيد-19)، انعقدت الدورة العشرون من ملتقى الشارقة الدولي للراوي، تحت شعار "الاحتفال بالعشرين"، عبر المنصة الافتراضية للمعهد، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
وأوضحت عائشة الحصان الشامسي، قد تتبعتم فقرات البرنامج وأنشطته التي كانت بمثابة محطة تأمل وتقييم في المسار، ونظر في الحصيلة والمنجز، وتم التنويه بالملتقى كآلية للاحتفاء بالرواة والكنوز البشرية ضمن منظومة صون التراث الثقافي، مع عرض الخبير في التراث غير المادي د. أحمد السكونتي، ودارت معظم محاور الندوات والمنشورات واللقاءات حول عناصر القوة في هذه الفعالية، والتحديات الراهنة أمامها وحصيلة المنجز منها، وآفاق تطويرها.
وأضافت بما يخص التوصيات، وفي ختام نسخة هذا العام الاستثنائي، لا يسعنا إلّا أن نبسط على مسامعكم مجموعة من التوصيات المهمة النابعة من دروس الظرفية الصحية من جهة، ومن أهمية مضامين البرنامج ومواضيعه من جهة ثانية، ومن بينها:
1. إصرار معهد الشارقة للتراث على استمرار ملتقى الشارقة الدولي للراوي كمناسبة سنوية للاحتفاء بالرواة وتكريمهم مهما كانت الظروف.
2. التسريع بإرساء بنيات رقمية تفاعلية ذاتُ صلة بالرواة والكنوز البشرية الحية المحلية والاقليمية والدولية.
3. تعزيز وتقوية العمل بمعايير دولية، وتحديداً معايير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" في العمل بمنظومة الكنوز البشرية الحية.
4. توسيع المواد التراثية وإتاحتها عبر بوابات رقمية تحت إشراف خبراء ومتخصصين في المجال.
5. رصد التراكم الكمي والكيفي في العمل مع الرواة، أو ما يسمون بالكنوز البشرية عبر وضع كشاف ببياناتهم ومهاراتهم وتحديد خصائص مادتهم.
6. القيام بدراسات نوعية، بالشراكة مع معاهد العلوم الاجتماعية والجامعات تهم أصناف هذه الفئة من الكنوز البشرية، وتحليل بيئاتها، وحاجياتها، ورصد تطلعاتها، ومنهجيتها في السرد ومشاربها وروافدها.
7. رسم معالم استراتيجية في التعامل مع الكنوز البشرية الحية، وتوسيع دائرة الاستفادة منها، وإعادة استنبات واستدامة عطائها، وإعداد برامج تدريبية لرواة المستقبل وحماة التراث.
8. توسيع دائرة مشاركة الأطفال، واليافعين، والشباب، خصوصاً على المستوى المحلي، في فعاليات الملتقى، وتحديداً في سرد الحكايات، وتشجيعهم ورعايتهم ومتابعتهم، من خلال المدرسة الدولية للحكاية، وفن الحكي بمعهد الشارقة للتراث.
9. الحرص على استمرار نشر الدراسات والمشاركات المقدمة في الملتقى، بعد إجازتها من قبل اللجنة العلمية، في نسخ ورقية ورقمية، بعد الملتقى لتعميم الفائدة.