افتتحت هيئة الشارقة للآثار، الأربعاء، رسمياً حملتها التوعوية الأولى "آثار 46"، التي انطلقت 12 فبراير الجاري وتستمر حتى 28 مارس المقبل، بهدف نشر التوعية الأثرية بين الجمهور، واطلاعهم على ما تقوم به الهيئة من أعمال تتعلّق بالتنقيبات الأثرية في المواقع.
الشارقة 24:
دشنت هيئة الشارقة للآثار، الأربعاء، حملتها التوعوية الأولى "آثار 46"، الهادفة إلى إبراز أهمية حماية التراث الأثري والمادي لإمارة الشارقة، التي تقام على مدار 46 يوماً، وانطلقت فعالياتها يوم 12 فبراير الجاري، وتتواصل في مختلف مدن الإمارة حتى يوم 28 مارس المقبل.
وحضر الحفل الرسمي لانطلاقة الحملة الذي أقيم في قصر الثقافة بالشارقة، سعادة الدكتور صباح عبود جاسم، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، وعيسى يوسف، مدير الآثار والتراث المادي في الهيئة، نائب المدير العام، وأسماء السويدي، المشرف العام لحملة "آثار 46"، وعدد كبير من موظفي الهيئة وممثلي وسائل الإعلام المختلفة، حيث تضمن الحفل عرض "حكاية تراث الشارقة الأثري"، وجولة في المعرض المصاحب، وتكريم حُماة التراث الأثري.
وقال سعادة الدكتور صباح عبود جاسم: "نتطلع من خلال حملتنا التوعوية الأولى "آثار 46" إلى نشر التوعية الأثرية بين الجمهور، واطلاعهم على ما تقوم به هيئة الشارقة للآثار من أعمال تتعلّق بالتنقيبات الأثرية في المواقع، ونشر نتائجها، وتحليل ودراسة هذه المكتشفات، باعتبارها بوابة للتاريخ تروي مسيرة الشعوب، وتتيح لنا قراءة الماضي، لنتخذ منه دروساً وعبر".
وأضاف: "إن الآثار ليست مجرد لُقى وقطع أثرية نعرضها هنا أو هناك، بل إن كل واحدة منها تحكي الكثير عن الماضي، وحضارة أهل المكان الذين عاشوا قبل مئات أو آلاف السنين، وعملوا على تطويع الأدوات البسيطة، والموارد المحدودة في بيئتهم القاسية، ووظفوها في الصناعة والتجارة، لتوفير احتياجاتهم الحياتية والتواصل الإنساني مع الشعوب التي كانت تمر بمناطقهم لتبادل السلع والمنتجات المختلفة".
وأشار عيسى يوسف إلى أن المكتشفات التي عُثر عليها في مناطق مختلفة من إمارة الشارقة، تُسهم في إلقاء نظرة على المجتمع القديم، وتوضح أن الحضارة القديمة في الإمارات كانت على اتصال مع حضارات أخرى في بلاد الرافدين، ومصر، والهند، وإيران، وغيرها من الدول، حيث أوضحت الُلقى الأثرية التي كانت تستورد من هذه البلدان، قيام تعاون بين الإمارات والعالم الخارجي.
وأضاف أن التكنولوجيا والتقنيات الحديثة أسهمت في خدمة عمليات التنقيب، مثل الأجهزة الكاشفة، والرادارات المستخدمة للكشف عما في باطن الأرض، والأقمار الصناعية، ومن بينها طائرتي "درون" بدون طيار، متطورتين تستعملهما الهيئة بشكل مكثف في المسوحات الجوية، وتصوير ما يتم من تنقيبات البعثة المحلية، أو البعثات الأجنبية الموجودة في الشارقة، والمساعدة على إجراء الأبحاث من خلال إعطاء صورة كاملة لتضاريس الأرض.
تكريم "حماة التراث الأثري"
وتضمن الحفل تكريم عدد من الشخصيات المحلية التي أسهمت في حفظ التراث الأثري للإمارة، ضمن برنامج "حماة التراث الأثري"، حيث احتفت هيئة الشارقة للآثار بمجموعة من الأفراد الذين قدموا جهوداً متميّزة واستثنائية في هذا المجال، وهم: سعيد الطنيجي، وسعيد بن نايع الطنيجي، وعيسى الكتبي، وحمد الشوين، وصالحة علي مصبح الكتبي، ونعيمي علي مبارك الشحي.
ورفع سعيد بن نايع الطنيجي أسمى آيات الشكر والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لاهتمام سموه الدائم بالآثار والتاريخ والتراث، وحرصه على التعريف بالحضارات القديمة في مختلف المحافل العالمية.
وأشار الطنيجي إلى أنه يتعاون مع هيئة الشارقة للآثار منذ ما يزيد عن 15 عاماً، كان خلالها يبادر إلى تسليم أية قطع أثرية يعثر عليها، من أجل دراستها وعرضها أمام الباحثين والمهتمين والجمهور، ومن بينها جرة كاملة نادرة ترجع إلى العصر العباسي، وقطعتين بخط المسند، وقطع نقدية من فئة الدراخمة الرباعية، وغيرها الكثير، موجهاً شكره إلى هيئة الشارقة للآثار على جهودها في الحفاظ على الآثار والمكتشفات القديمة، باعتبارها إرثاً حضارياً للأجيال القادمة.
وأكد حمد الشوين على ضرورة التعاون مع هيئة الشارقة للآثار والجهات المختصة في كل إمارة لتسليم أي آثار يتم العثور عليها، باعتبارها ملكاً للدولة، وأمانة يجب أن يستفيد منها الجمهور، من خلال عرضها في المتاحف كي تكون الفائدة أكبر، موضحاً أن الآثار تعكس التقدم في العصور السابقة التي تعاقبت على الإمارات وتطور الحياة فيها على مر السنوات، لذلك يجب العناية بها واستخراجها من قبل السلطة المختصة، القادرة أكثر من الأفراد على دراستها وحفظها، مطالباً هيئة الشارقة للآثار بزيادة الفعاليات التوعوية وخصوصاً الندوات التثقيفية حول الآثار، بحيث تقام في مختلف مدن ومناطق إمارة الشارقة.
وعبّر عيسى الكتبي عن سعادته بهذا التكريم الذي يشكل حافزاً للمواطنين والمقيمين على مزيد من الاهتمام بالآثار، مستنيرين في ذلك بخطى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس، الأعلى حاكم الشارقة، الداعم الأول للآثار والحريص دوماً على سبر أغوار التاريخ والتعرف على الحضارات ودراستها، مضيفاً أنه عثر على العديد من القطع الأثرية التي بادر إلى تسليمها إلى هيئة الشارقة للآثار، ومن بينها ثلاث جرار قديمة في منطقة المدام، داعياً أفراد المجتمع إلى التعاون مع الهيئة وتسليمها القطع الأثرية التي قد يعثرون عليها في الإمارة.
ودشنت الهيئة برنامج "ثقافة التراث الأثري" الذي يستهدف موظفي المؤسسات الحكومية بالإمارة، وزوار ومراجعي المؤسسات الحكومية، لتعريفهم بالكنوز الأثرية لإمارة الشارقة، وتوزيع إصدارات الحملة من الكتب والمطويات التوعوية عليهم، ويقام هذا البرنامج بالتعاون مع المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وعدد من المؤسسات الحكومية المحلية في الإمارة.
برامج متنوعة
وقالت أسماء السويدي، المشرف العام للحملة: "تشمل الحملة برامج متنوعة أبرزها التوعية المجتمعية، وثقافة التراث الأثري في مدارس الشارقة، والتوعية الإعلامية للتراث الأثري، والتراث الأثري للسائحين وزوار المواقع الأثرية والمناطق التاريخية، و"حماة التراث الأثري" لتقدير وتثمين مساهمات أبناء المجتمع المحلي في حماية التراث الأثري والمادي للإمارة، وبرنامج التراث الأثري في محطات جديدة بإمارة الشارقة، ومسابقة التصوير الاحترافي في المواقع الأثرية والمناطق التاريخية للإمارة".
وتكمن أهمية حملة "آثار 46" في كونها تهدف إلى المساهمة في تنمية الوعي الأثري لمختلف الشرائح المجتمعية، وتعديل مفاهيم السلوك المجتمعي في العلاقة بين أبناء المجتمع المحلي ومجال التراث الأثري والتراث المادي، من خلال تعزيز شعور الفرد بالمسؤولية المجتمعية في ضرورة الحفاظ على تراث الإمارة الأثري والمادي، وحفظ حق الأجيال القادمة في التعرف عليه.