جار التحميل...
الشارقة 24:
أطلق مركز كنف – بيت الطفل في الشارقة، بالتعاون مع دار القضاء التابعة لمحاكم الشارقة والنيابة العامة بالإمارة، برنامجاً تدريبياً متخصصاً يستهدف تعزيز كفاءة الأطباء الشرعيين في التعامل مع الأطفال ضحايا الإساءة والعنف الجسدي، وذلك من خلال سلسلة من الورش المتخصصة التي تجمع بين المعرفة الطبية والمهارات النفسية والقدرات القانونية.
أقيم البرنامج بالتعاون مع دار القضاء التابعة لمحاكم الشارقة والنيابة العامة بالإمارة، في إطار شراكة مؤسسية تسعى إلى تطوير منظومة الحماية القانونية للطفل وتعزيز التعاون بين الجهات الطبية والقضائية بما يضمن تحقيق مصلحة الطفل في مختلف المراحل القانونية والقضائية.
ويأتي البرنامج، الذي امتد على مدار 12 ساعة تدريبية موزعة على ثلاث ورش، بمشاركة 4 من الأطباء الشرعيين تحت إشراف الدكتورة بنة بوزبون، الخبيرة النفسية وخبيرة حماية الطفل لدى مؤسسة سلامة الطفل، ليشكل خطوة نوعية نحو ترسيخ أسس علمية ومهنية في مجال الفحص الطبي الجنائي للأطفال، وتحسين جودة التقارير الطبية ودقة الإجراءات المتبعة في هذه الحالات الحساسة.
وفي تعليقها على إطلاق البرنامج، قالت سعادة هنادي اليافعي، مدير عام مؤسسة سلامة الطفل ورئيس اللجنة العليا لمركز كنف: "يمثل هذا البرنامج نموذجاً متكاملاً لتوحيد الجهود بين الجهات الطبية والقضائية والنفسية في حماية الطفل، فالمعالجة الصحيحة تبدأ من الكلمة الأولى التي يسمعها الطفل من الطبيب، ومن الطريقة التي يُدار بها الفحص، لذلك جاءت الورش ومحتواها التدريبي تجسيداً لاستراتيجيتنا في بناء وعي مؤسسي جديد يعزز أمن وسلامة الأطفال".
وبدأت المرحلة الأولى من البرنامج بورشة مخصصة للمستوى الأول، تناولت مهارات التهيئة النفسية لضحايا العنف من الأطفال عند إجراء الفحص الطبي الجنائي، بهدف تمكين الأطباء من إجراء الفحوص في بيئة تراعي الحالة النفسية للطفل وتقلل من التوتر والصدمة، وركزت الورشة على قواعد ومراحل الجلسة التمهيدية للفحص، واستخدام الدمى لتسهيل عملية التواصل، بالإضافة إلى مهارات الاستماع الفعّال وبناء الثقة مع الطفل، وفهم عمره العقلي وكيفية التعامل معه بوعي واحتراف.
وقد شكّلت الورشة قاعدة تأسيسية لتدريب الأطباء على احترام البعد الإنساني في الفحص الطبي الشرعي، بما يضمن أن تكون التجربة أقل وطأة على الطفل وأكثر دقة في نتائجها.
أما الورشة الثانية، فقد ركزت على مهارات كتابة التقرير الطبي الجنائي بوصفه الوثيقة التي تربط بين الجانب الطبي والقانوني في القضايا المتعلقة بالعنف ضد الأطفال، وتناولت الورشة كيفية إعداد تقارير متكاملة وموحدة تعكس الوقائع بوضوح وتجنّب الأخطاء التفسيرية، كما تطرّقت إلى بروتوكولات كتابة التقارير وأسلوب تنظيمها، واللغة والمصطلحات الطبية الدقيقة الواجب استخدامها، إلى جانب طرق عرض النتائج وربطها بالأدلة المادية والنفسية.
وأسهمت الورشة في رفع مستوى الوعي القانوني لدى الأطباء الشرعيين، وتوضيح الفارق بين الواجب المهني والواجب القانوني، بما يعزز دقة عملهم كمصدر موثوق للأدلة في القضايا القضائية.
وجاءت الورشة الثالثة لتتناول محوراً متقدماً حول استخدام الأسئلة الصحيحة في التعامل مع الأطفال ضحايا العنف في القطاع الطبي، واستهدفت تمكين الأطباء من استخدام أساليب تفاعلية ذكية قائمة على الحوار الهادئ والإنصات العميق، تساعد في الوصول إلى الحقيقة دون إلحاق ضرر نفسي بالطفل أو ممارسة أي ضغط عليه، وتدرب المشاركون على مهارات التفاعل الإيجابي، وتقديم الدعم العاطفي الأولي، واستخدام الحوار السقراطي لتشجيع الطفل على التعبير بصدق وأمان، مع مراعاة خلفيته الثقافية والاجتماعية ومستوى إدراكه.
وأسهم هذا التدريب في تمكين الأطباء من التعامل مع الحالات الأكثر تعقيداً، حيث تُعد الدقة في الاستماع والقدرة على قراءة المشاعر جزءاً أساسياً من العدالة.
ويُختتم البرنامج خلال الفترة المقبلة بورشة نهائية متقدمة، تتناول المحاور ذاتها من منظور أكثر تخصصاً وتعمقاً، ليرتفع بذلك إجمالي ساعات البرنامج إلى 16 ساعة تدريبية تُغطّي مختلف جوانب التعامل مع الأطفال ضحايا الإساءة، من الفحص الأولي حتى إعداد التقارير النهائية.
وقد تم إطلاق "كنف" في العام 2024 بدعم وتوجيهات قرينة صاحب سمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مجلس الشارقة للأسرة والمجتمع، ويندرج تحت إشراف مؤسسة سلامة الطفل، ويعتبر أول نموذج من نوعه في المنطقة يجمع تحت سقف واحد الجهات ذات العلاقة برعاية الأطفال ضحايا الإساءة مثل الجهات القضائية، والطبية، والاجتماعية والنفسية، بحيث لا يمر الطفل عبر جهات متعددة متفرقة، مما يقلل من إعادة التعرض للصدمات ويُسهّل التنسيق بين الأطراف المعنية.