جار التحميل...
الشارقة 24 – وام:
أكد معالي صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي، أن دولة الإماراتِ أرست بقيادةِ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، فلسفةً وطنيةً إماراتيةً في التعاملِ مع التحولاتِ التقنيةِ الكبرى، تقومُ على أن الذكاءَ الاصطناعي والتحولات الرقمية ليست غايةً في ذاتها، بل وسيلةً لإعلاءِ قيمةِ الإنسانِ مثلما هي أداةٌ لتعزيزِ رفاهيتِه وتطورِه، ومن هنا جاءتِ الرؤيةُ الاستراتيجيةُ الوطنيةُ للذكاءِ الاصطناعيِّ 2031، لتجعلَ من التقنيةِ أداةً للتنميةِ المستدامةِ، وتربطَ بين الطموحِ العلمي والبعدِ الإنساني، وحتى البيئي، ولقد تجلت هذه الرؤية في مشروع "ستارجيت الإماراتِ" باعتبارِه أضخمَ مجمعٍ للذكاءِ الاصطناعيِّ خارجَ الولاياتِ المتحدةِ، وهو الأولَ عالمياً الذي يستخدمُ الطاقةَ النظيفةَ في تشغيلِه.
وتوجه معاليه، باسمِ المجلسِ الوطنيِ الاتحاديِ، بالشكرِ والتقديرِ إلى سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني، على رؤيتِه الداعمةِ لمسيرةِ الذكاءِ الاصطناعي في الدولةِ، التي تجاوزت حدودَ المستخدمِ لهذه التقنيةِ إلى صانعٍ لاتجاهاته بما يخدم التنميةَ وصناعةَ المستقبلِ، وانطلاقاً من هذا النهجِ، ينهضُ المجلسُ الوطنيُ الاتحاديُ بدورِه عبر مساهمته في بناء تشريعاتٍ تستوعب الابتكارَ دون إطلاقِه بلا ضوابطَ، وتحتضن الثورةَ التقنيةَ دون التفريطِ بالقيمِ والأخلاقِ.
جاء ذلك في كلمة افتتح بها أعمال المنتدى البرلماني حول أفضل الممارسات التشريعية في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي نظمه المجلس الوطني الاتحادي، يوم الثلاثاء، في قاعة زايد بمقر المجلس بأبوظبي، وذلك تنفيذاً لقرار رؤساء مجالس الشورى والنواب والوطني والأمة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي استضاف اجتماعه الدوري المجلس الوطني الاتحادي في شهر نوفمبر الماضي بأبوظبي، وتم خلاله اختيار الموضوع الخليجي المشترك بعنوان "الدور التشريعي للمجالس التشريعية الخليجية في حوكمة الذكاء الاصطناعي: الواقع والتحديات وآفاق مستقبلية"، ليكون موضوعاً للندوة الخليجية المشتركة لعام 2025 .
وأوضح معالي صقر غباش في كلمته قائلاً: يشكل المنتدى منصةً فكريةً لصياغةِ الأسسِ التشريعيةِ لمواكبةِ التحولاتِ الكبرى التي تفرضها الثورةُ التقنيةُ الذكيةُ على مجتمعاتِنا واقتصاداتِنا وأمنِنا الوطنيِ. فالتشريعُ اليوم لم يعد وظيفةً لاحقةً للتطورِ، بل أصبح أداةً استباقيةً لحمايةِ القيمِ وتوجيهِ الابتكارِ وضمانِ أن تبقى التقنيةُ في خدمةِ الإنسانِ لا على حسابِه.
وأعرب معاليه، عن جزيل الشكرِ والتقديرِ لرؤساءِ المجالسِ التشريعيةِ الخليجيةِ لدعمِهم المتواصلِ وصولاً إلى تحقيق الرؤى الخليجيةِ المشتركةِ في سياقِ توظيفِ وتنظيمِ استخداماتِ الذكاءِ الاصطناعي على المستويين الوطني والخليجي، وللأمانةِ العامةِ لمجلسِ التعاونِ، ولمركزِ الإماراتِ للدراساتِ والبحوثِ الاستراتيجيةِ، وللمتحدثين والمشاركين والمنظمين على ما بذلوه من جهدٍ كريمٍ في الإعدادِ والتنظيمِ لهذا المنتدى.
وتابع معالي صقر غباش، لقد أمسى الذكاءُ الاصطناعي قوةً كبرى تعيدُ تشكيلَ مفاهيمِ السياسةِ والاقتصادِ، وأسسَ الحوكمةِ والسيادةِ، وحتى قواعد العلاقاتِ المجتمعيةِ والإنسانيةِ، وهو ما يفرضُ على البرلماناتِ إعادةَ تعريفِ وظيفةِ التشريعِ في هذا العصرِ الذي لم تعدْ فيه الوحدةُ الزمنيةُ تقاسُ بمؤشرِ "الشهرِ أو السَنةِ"، بل بمعيارِ "الدورةِ التقنيةِ" التي باتت تضعُ الدولَ والمجتمعاتِ في كلِّ يومٍ أمام التحديَ الذي لا ينحصرُ في مواكبةِ هذه التطوراتِ التقنية، بلْ في كيفية توجيهِها نحوَ خدمةِ الإنسانِ، وضمانِ عدمِ إضرارِها بسلامةِ المجتمعاتِ.
وأكد معاليه، أنه بناء على ذلك، فإن التشريع اليوم، مفهوماً وممارسةً، أمام معادلات على المستويين الوطني والدولي، فعلى المستوى الوطني، فإنه مطالب بشكل أساسي بضمان تعزيز السيادةِ الوطنيةِ من خلال ترسيخِ سيادةِ الدولِ على بياناتِها الحساسةِ، وضمانِ قابليةِ التشغيلِ عبر الحدودِ دون التنازلِ عن الخصوصيةِ والأمنِ، وتمكينُ الاقتصادِ المنتجِ للقيمةِ الاجتماعيةِ، وصياغةُ أطرٍ قانونيةِ تجعلُ من الذكاءِ الاصطناعيِ "وفرةً تقنيةً" و "قيمةً اجتماعيةً" معاً من خلال ضمان الشفافية والمساءلة في استخدام الأنظمةِ الذكية، من جهة، وتنظيمِ العلاقةِ بين الذكاءِ الاصطناعي وسوقِ العمل، من جهة أخرى.
وقال معالي صقر غباش: أما على المستوى الدولي الذي يمثلُ التحديَ الحقيقي الذي يُواجهُ التشريعَ والإنسانيةَ على حدٍ سواء فإنه يتجسدُ في قدرةِ المجتمعِ الدولي، ومعه المؤسساتِ البرلمانية، على صياغةِ تشريعاتٍ دوليةٍ عابرةٍ للحدودِ تتجلى في إطارٍ عالميٍ يوازنُ بين الابتكارِ وبين تقليلِ المخاطرِ الوجوديةِ والاجتماعيةِ، فمثل هذا التوجهُ النبيلُ ستعترضُه عقبةَ التنافسِ المحمومِ الذي دخلتْ معه الدولُ المتقدمةُ والشركاتُ التقنيةُ الكبرى مرحلةَ "سباقِ التسلح ِالتكنولوجي" التي ستجعلُ من الذكاءِ الاصطناعي، إذا ما استمر بلا قيدٍ أو مراقبةٍ، قوةً منفلتةً تزرعُ الفوضى وتهددُ أمنَ المجتمعاتِ والبلدانِ على حدٍ سواء.
وأضاف معاليه، أننا مطالبون، من خلالِ مؤسساتِنا البرلمانيةِ الوطنيةِ والإقليميةِ والدوليةِ، وبالتعاونِ مع المؤسساتِ الدوليةِ المعنية، بتبني معاييرَ تشريعيةٍ تتوافقُ مع الطبيعةِ العابرةِ للحدود للذكاءِ الاصطناعي، وقادرةً على التعاملِ مع نطاقِ وسرعةِ المتغيراتِ الدوليةِ المصاحبة له، وأكثر ما يبرز هنا هو الحاجةُ إلى صياغةِ واعتمادِ اتفاقاتٍ دوليةٍ تتعلقُ بمعاييرِ الشفافيةِ، والمساءلةِ، والأسسِ الأخلاقيةِ، والقانونية لاستخدامات الذكاءِ الاصطناعي بما يحدُ من مخاطرِه الأمنيةِ والعسكريةِ والاجتماعية، وبما يعززَ في الوقتِ نفسِه عجلةَ الابتكارِ التي نحنُ في أمَسِّ الحاجةِ إليها للتصدي لأكثرِ ما يمكن أنْ يهددَ البشريةَ من عوامل طبيعيةٍ وغيرِ طبيعيةٍ مثل التغيرِ المناخي والأمنِ الغذائي والمائي والطاقةِ وغيرها ذلك هو التحدي، وتلك هي رسالتُنا للأجيالِ المقبلة.
حضر المنتدى، جاسم بن محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومعالي عمر العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، ومارتن تشونغونغ أمين عام الاتحاد البرلماني الدولي، ومعالي الدكتور عبد الله بالحيف النعيمي رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ومعالي الفريق عبد الله خليفة المري القائد العام لشرطة دبي".
كما حضر المنتدى، عدد من أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، وممثلون عن المجالس التشريعية الخليجية، والهيئات والدوائر المحلية والجهات القانونية والقضائية والمؤسسات الأكاديمية، والرؤساء التنفيذيين للذكاء الاصطناعي في الدولة.
من جهته، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في كلمة له بعنوان "أفضل الممارسات التشريعية في مجال الذكاء الاصطناعي": يسرني في مستهل كلمتي أن أرفع إلى مقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، أسمى آيات الشكر والعرفان والتقدير، على ما تحظى به مسيرة التعاون الخليجي من دعم ورعاية كريمة، وعلى استضافة دولة الإمارات لهذا المنتدى البرلماني التشريعي، متمنياً لدولة الإمارات دوام التقدم والازدهار في ظل القيادة الحكيمة لسموه.
وأكد معاليه، أن دول مجلس التعاون أولت اهتماماً متزايداً بقطاع الذكاء الاصطناعي، إدراكاً منها لدوره المحوري في تشكيل ملامح الاقتصاد العالمي الجديد، وتشير التقديرات إلى أن استثمارات دول المجلس في هذا القطاع، بلغت عشرات المليارات من الدولارات خلال السنوات القليلة الماضية، مع خطط طموحة لزيادة هذه الاستثمارات إلى مئات المليارات بحلول عام 2030، بما يعكس التوجه الإستراتيجي لدولنا نحو بناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار والتقنيات المتقدمة، وتعزيز مكانة المنطقة مركزاً عالمياً رائداً في هذا المجال.
بدوره، أوضح الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي، في كلمة له، أن الممارسات التشريعية في مجال الذكاء الاصطناعي، أصبحت قضية ذات أولوية متقدمة على جدول أعمال الاتحاد البرلماني الدولي، وأعرب عن شكره للمجلس الوطني الاتحادي على دعوته للمشاركة في هذا المنتدى، مشيراً أن الذكاء الاصطناعي لم يعد قادماً؛ بل هو موجود بيننا فعلاً، ويعيد تشكيل الاقتصادات، ويحوّل المجتمعات، ويختبر أسس الحوكمة التي نعرفها.
وتم خلال المنتدى، إطلاق حزمة المجلس الوطني الاتحادي لأدوات الذكاء الاصطناعي البرلماني بعنوان "من الفكرة إلى التشريع: رحلة الذكاء الاصطناعي"، وهي أدوات متكاملة تعزز كفاءة التشريع وتجعل الرقابة أكثر ذكاء والحوكمة أكثر استعدادا للمستقبل، وهي منظومة متكاملة لبرلمان أكثر استعداداً للمستقبل.
كما صاحب المنتدى، معرض تقنيات الذكاء الاصطناعي الذي تم تنظيمه بالتعاون مع شرطة أبوظبي.