جار التحميل...
الشارقة 24:
انطلقت في مدينة طنجة المغربية، أعمال الملتقى المالي العربي الثالث لجائزة الشارقة في المالية العامة، الذي تنظمه دائرة المالية المركزية في الشارقة، بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية، تحت شعار "تجارب متميزة في تطوير المالية العامة"، حيث يُعد الملتقى منصة رائدة لتبادل الخبرات والمعارف بين الدول العربية، ويشارك فيه نخبة من الوزراء والمسؤولين وصنّاع القرار والخبراء الماليين من مختلف المؤسسات العربية، بهدف استعراض التجارب الرائدة وتبنّي أفضل الممارسات العالمية في الإدارة المالية الحكومية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية، حضوراً رفيع المستوى، حيث ألقيت كلمات بالنيابة لكل من الدكتورة أمل الفلاح السغروشني الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المغربية المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، ونادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية بالمملكة المغربية.
وألقى الدكتور ناصر الهتلان القحطاني المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، كلمةً افتتاحية أكّد فيها، أن الدورة الثالثة من الملتقى في مدينة طنجة تشهد مشاركة ممثلين عن الوزارات والهيئات والمؤسسات المعنية بالمالية العامة من 13 دولة عربية، مشيراً إلى أن الملتقى يستعرض تجارب عربية رائدة في تطوير المالية العامة، ويُوفّر منصة تجمع صُنّاع القرار والخبراء والمهتمين لتبادل المعرفة والمساهمة في تطوير السياسات العامة في البلدان العربية.
من جانبه، أوضح سعادة الشيخ راشد بن صقر القاسمي أمين عام جائزة الشارقة في المالية العامة، أن المالية العامة باتت اليوم ركيزة أساسية لضمان استقرار المجتمعات، وأداة محورية لتحقيق التنمية المستدامة، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، لافتاً إلى أن مثل هذه الملتقيات تمثل منصات استراتيجية لتبادل الخبرات وتوحيد الرؤى وصياغة حلول عملية تعزز كفاءة الأنظمة المالية العربية وتدعم قدرتها على مواجهة التحديات.
وأضاف الشيخ راشد، أن تنظيم هذا الملتقى يعكس الرؤية الثاقبة والدعم المتواصل لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي وجّه دائماً بأهمية الاستثمار في بناء المعرفة وتعزيز العمل العربي المشترك، وترسيخ مبادئ الشفافية والكفاءة في الإدارة المالية، وشدد على أن الحوارات التي يشهدها الملتقى وما يُطرح من تجارب ومبادرات ناجحة، ستسهم في صياغة خارطة طريق عربية أكثر تطوراً وكفاءة.
وفي الجلسة الافتتاحية، ألقى كلٌّ من أحمد العمومري الأمين العام للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وعبد اللطيف أفيلال رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، كلمتين أكدا فيهما أن هذا الملتقى يُجسّد نموذجاً متقدّماً للتعاون العربي في مجال تطوير المالية العامة، ويفتح آفاقاً واسعة لتعزيز الإصلاحات المالية والإدارية القائمة على مبادئ الشفافية والحوكمة الرشيدة.
تجربة حكومة الشارقة في تعزيز كفاءة الإنفاق
من جهته، استعرض سعادة وليد الصايغ مدير عام دائرة المالية المركزية بالشارقة، تجربة الدائرة وإمارة الشارقة في تطبيق موازنة الأداء، موضحاً كيف أسهم هذا التحول في رفع كفاءة التخطيط المالي وتوجيه الموارد نحو الأهداف الاستراتيجية بفاعلية أكبر، وأكد أن هذه التجربة عكست رؤية حكومة الشارقة في تعزيز كفاءة الإنفاق، وتبني أدوات مالية مبتكرة تدعم الشفافية والاستدامة في إدارة المال العام.
وأوضح الصايغ، أن تجربة الشارقة في موازنة الأداء ليست مجرد تطوير في أسلوب إعداد الموازنات، بل هي نقلة نوعية نحو ربط الخطط التنموية بالنتائج الفعلية على أرض الواقع، وأننا في دائرة المالية المركزية نعتبر هذه الخطوة جزءاً من التزامنا بتعزيز الحوكمة المالية وتبني أفضل الممارسات العالمية بما يخدم توجهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في بناء منظومة مالية رائدة تحقق الكفاءة والاستدامة، ومن خلال هذه التجربة، نؤكد حرصنا على أن تكون الشارقة نموذجاً يحتذى به في المنطقة في مجال الإدارة المالية الحكومية.
وأشار الصايغ، إلى أنه من أجل إنجاح موازنة الأداء، يجب أن تتوافر إرادة سياسية صلبة ودائمة، وأن يتم تطوير برنامج خاص لموازنة الأداء يربط بين الاستراتيجية والنتائج، إلى جانب تأهيل الكوادر المؤسسية، وتفعيل مبدأ المقارنة في موازنة الأداء بين مختلف المستويات الوظيفية، ولضمان تحقيق تجربة ناجحة، ينبغي توفر توجّه سيادي من أعلى سلطة يفرض إلزامية التطوير وتطبيق موازنات مرتبطة بالأداء، مع اعتماد سياسة تدريبية تطويرية مستمرة تهدف إلى التكيّف والاستجابة للتحديات المتغيّرة، كما تبرز الحاجة إلى تطوير برنامج خاص لجمع المتطلبات، يتعامل مع طبيعة كل جهة حكومية وفق أنشطتها ومخرجاتها ونتائجها، بما يضمن تحقيق كفاءة وفاعلية أكبر في تطبيق موازنة الأداء.
بدوره، قدّم سعد الشدي مدير عام التدريب وتمكين المستفيد بالمركز الوطني لنظم الموارد الحكومية في وزارة المالية في المملكة العربية السعودية، تجربة منصة اعتماد، وما أحدثته من نقلة نوعية في تطوير الأنظمة المالية وتسهيل الخدمات الحكومية، فيما تطرق ياسر صبحي نائب وزير المالية للسياسات المالية، وزارة المالية في جمهورية مصر العربية، إلى محاور السياسات المالية ودورها في تطوير موازنة الأداء وتحقيق التوازن المالي.
واختُتمت الجلسة، باستعراض تجربة غرفة التجارة والصناعة لجهة طنجة – تطوان – الحسيمة في المملكة المغربية، والتي سلطت الضوء على الممارسات المتقدمة في الإدارة المالية المحلية، وأعقب ذلك جلسة نقاش مفتوحة، بما أتاح تبادلاً واسعاً للخبرات والتجارب بين مختلف الدول والمؤسسات المشاركة.
وشهد الملتقى، عقد الجلسة الثانية، والتي خُصصت لعرض تجارب إقليمية متنوعة حول تطوير الموازنات العامة وتعزيز الإصلاح المالي، واستهل الجلسة الدكتور رشيد قاري متصرف عام للتعليم العالي بجامعة الزيتونة – الجمهورية التونسية، حيث قدم عرضاً حول الانتقال من التصرف في الميزانية حسب الوسائل إلى التصرف في الميزانية حسب الأهداف، مستعرضاً تجربة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في تونس كنموذج بارز يعكس أهمية ربط الموازنات بالأداء والنتائج.
وتناولت الجلسة، تجربة وزارة المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي مثلت نموذجاً متقدماً في تحديث آليات العمل المالي وتطوير أدوات الرقابة والتخطيط، تلاها استعراض لتجربة وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في المملكة المغربية، والتي ركزت على دور التحول الرقمي في تسريع وتيرة الإصلاحات المالية والإدارية.
واختُتمت الجلسات الثالثة والرابعة، بمداخلة بولين ديب مراقب أول في ديوان المحاسبة – الجمهورية اللبنانية، التي تناولت تجربة لبنان في تطوير المالية العامة، من خلال استعراض العلاقة بين قانون الشراء العام وإصلاح الموازنة، بما يسهم في تعزيز الشفافية وترسيخ مبادئ الحوكمة.
وشكلت هذه الجلسة، منصة معرفية ثرية لتبادل الخبرات بين الدول العربية، حيث أبرزت التنوع في النماذج والتجارب، وأكدت أهمية الإصلاحات المالية والانتقال نحو موازنات قائمة على النتائج، بما يعزز كفاءة الإنفاق العام ويواكب التوجهات العالمية في الإدارة المالية.
وأشاد جميع الحضور، بأهمية الملتقيات المالية العربية ودورها في تبادل التجارب والخبرات، بهدف الاطلاع على تجارب الدول العربية الناجحة، في تطبيق سياسات مالية متميزة تصب في اتجاه تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.