أسدل "بيت الحكمة" الستار على فعاليات معرض "أدب الرحلات" ، والذي أُقيم ضمن سلسلة "فصول من الفن الإسلامي"، مستقطباً نحو 13 ألف زائر على مدى 4 أشهر، في تجربة ثقافية بصرية سلطت الضوء على إسهامات الرحالة والجغرافيين ورسامي الخرائط في الحضارة الإسلامية، ودورهم في إرساء علم المسالك والممالك، وتطوير المعارف الجغرافية، ورسم ملامح العالم خلال العصر الذهبي للعلوم الإسلامية وما تلاه من عصور.
الشارقة 24:
اختتم "بيت الحكمة" في الشارقة فعاليات معرض "أدب الرحلات"، الذي أُقيم ضمن سلسلة "فصول من الفن الإسلامي"، مستقطباً نحو 13 ألف زائر على مدى 4 أشهر، في تجربة ثقافية بصرية سلطت الضوء على إسهامات الرحالة والجغرافيين ورسامي الخرائط في الحضارة الإسلامية، ودورهم في إرساء علم المسالك والممالك، وتطوير المعارف الجغرافية، ورسم ملامح العالم خلال العصر الذهبي للعلوم الإسلامية وما تلاه من عصور.
وجاء المعرض ضمن سلسلة "فصول من الفن الإسلامي"، التي تفضل بافتتاحها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتضم مجموعة نادرة من الكتب المهداة من سموه، من مقتنيات البروفيسور ريتشارد إيتنغهاوزن، والتي تتجاوز 12 ألف مؤلف في مجالات التاريخ والفنون والعلوم الإسلامية.
واستعرض المعرض المساهمات البارزة لكوكبة من الرحالة والجغرافيين في التاريخ الإسلامي على مدار 13 قرناً، من أمثال ابن خُرْدَاذْبَه، والإصطخري، وابن حوقل، وياقوت الحموي، وابن جبير، وابن بطوطة، وابن ماجد، مسلطاً الضوء على إسهاماتهم في التأليف والتصنيف، كما أبرز كيفية تحول أدب الرحلة من مجرد توثيق شخصي إلى علم قائم بذاته له دوافعه وقواعده وأدواته، ساهم في تطور الجغرافيا، وعلوم الملاحة، ورسم الخرائط، وتعزيز الحوار والتبادل الثقافي بين الشعوب.
وقالت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لبيت الحكمة: "لم يكن معرض (أدب الرحلات) مجرد عرض لمخطوطات وخرائط، بل منصة لإحياء الذاكرة المعرفية للحضارة الإسلامية، وربط الأجيال بتاريخ العلوم الإنسانية والجغرافية من منظور عربي أصيل. ويعكس الإقبال الكبير على المعرض تنامي وعي المجتمع بأهمية العودة إلى الجذور الفكرية التي قامت عليها حضارة لا تزال آثارها حية حتى اليوم".
وأضافت: "نحرص في بيت الحكمة، على تقديم محتوى ثقافي يعيد قراءة التاريخ العلمي والفكري لأمتنا برؤية معاصرة، تعزز فخر الأجيال بإرثهم الحضاري، وتُبرز الشارقة كمنصة عالمية للحوار الثقافي، ومركزاً لإبراز إسهامات الحضارة العربية الإسلامية في مسيرة تطور الإنسانية."
وتضمن المعرض أربعة أقسام رئيسية، استُهل أولها بتسليط الضوء على نشأة علم المسالك والممالك، أحد فروع الجغرافيا، في العصر العباسي، واستعراض أبرز الدوافع التي أسهمت في ظهور هذا النمط الأدبي الفريد. كما تناول القسم إسهامات الرحالة المسلمين في تأليف مصنفات دقيقة وثقوا من خلالها مشاهداتهم العلمية عن المدن والبلدان التي امتدت إليها رحلاتهم، مع تقسيم بلدان العالم ضمن وحدات جغرافية وأقاليم إدارية بأسلوب منهجي يعكس مدى دقة المعرفة الجغرافية آنذاك.
أما القسم الثاني، فتناول خرائط الإدريسي التاريخية التي تعد من أدق الخرائط في العصور الوسطى، ومرجعاً أساسياً للجغرافيين الأوروبيين على مدار قرون. وخصص القسم الثالث لعرض أدوات الملاحة القديمة، مثل الإسطرلاب، والسدس، والمثمن، مبرزًا تقنيات المسلمين في الإبحار والاستكشاف. بينما تناول القسم الرابع تحولات أدب الرحلات في العصر الرقمي، مستعرضاً دور التصوير الجوي ونظم المعلومات الجغرافية في إعادة إنتاج هذا الفن برؤية معاصرة.
وبالتوازي مع تنظيم المعرض، نظم بيت الحكمة برنامجاً تفاعلياً للأطفال واليافعين، تضمّن سلسلة من الورش التعليمية والفنية المستوحاة من موضوع "أدب الرحلات"، بهدف ترسيخ مفاهيم الاكتشاف والتوثيق والتخيل في نفوس الأجيال الناشئة، وتعريفهم بأهمية هذا الأدب في فهم العالم وتبادل الثقافات. وشملت الورش أنشطة مثل "صمّم دفتر رحلاتك باستخدام الورد المجفف"، و"التدوين الفني للرحلات"، و"ابن ماجد أسد البحار"، بالإضافة إلى ورش قصصية وتفاعلية مثل "اكتشف مغامرتك" و"مسرح العالم: مغامرات ابن بطوطة".
وجاء تنظيم المعرض في إطار تعاون مثمر وقيّم بين بيت الحكمة وكل من دارة الدكتور سلطان القاسمي؛ وهيئة الشارقة للمتاحف؛ ودار المخطوطات في إمارة الشارقة؛ ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.