الشارقة 24:
اختتمت فعاليات ملتقى "كفى عنفًا"، الذي نظمته دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة يوم الاثنين الماضي تحت شعار "معاً نحمي طفولتهم في الفضاء الرقمي"، بعدد من التوصيات التي تركزت على تعزيز الحماية الرقمية للأطفال، من أبرزها دمج موضوع السلامة الرقمية في المناهج الدراسية، وتعميم منهج المواطنة الرقمية وتطبيقه في كافة المدارس، وتوفير منسق أمني وسلامة في كل مدرسة لحماية الأطفال من المخاطر الرقمية، وتدريب أولياء الأمور على التعامل مع عالم التقنيات ومتابعة حسابات أبنائهم الرقمية.
كما شملت التوصيات تعميم تجربة "سفراء الحياة الرقمية" على مختلف المؤسسات التعليمية، والاستفادة من الطب النفسي الرقمي في تقديم الإرشاد النفسي للطلبة والمعلمين، وتنظيم أنشطة توعوية مثل "الأسبوع الرقمي" لتعزيز الاستخدام السليم للتقنيات. كذلك دعا المشاركون في الملتقى إلى دعوة الشركات التقنية العالمية لتوقيع اتفاقيات دعم مجتمعي وتقني لحماية الأطفال، وأكدوا على ضرورة وجود خط ساخن موحد على مستوى الدولة للإبلاغ عن الإساءة الرقمية.
وتضمنت التوصيات أيضًا تطوير كفاءات المواطنين وزيادة عددهم في مجال التثقيف الاجتماعي والرقمي، وإشراك الأطفال والشباب في تصميم حلول الحماية الرقمية بصفتهم فاعلين أساسيين.
الأسرة في صميم التوصيات التوعوية
على الصعيد الأسري، دعت التوصيات أولياء الأمور إلى استخدام برامج الرقابة الأبوية لتحديد المحتوى المسموح به للأطفال، وتحديد أوقات استخدام الشاشات والتقنيات بحسب الفئة العمرية، ومراقبة التطبيقات والمواقع غير المناسبة، وتوعيتهم بعدم مشاركة كلمات المرور حتى مع الأصدقاء.
كما حذّرت من فتح الروابط المشبوهة أو تحميل ملفات من مصادر غير موثوقة، وأوصت بتأجيل السماح باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن 13 عامًا، وإدراج مفاهيم حقوق الطفل الرقمية ضمن الأنشطة والمناهج المدرسية، وتطوير سياسة وطنية شاملة لحماية الطفل رقميًا بالشراكة بين كافة الجهات، وإعداد برامج تدريبية للمعلمين والاختصاصيين للتعامل مع التحديات الرقمية.
وأكد الملتقى ضرورة تشجيع البحوث والدراسات الوطنية حول تأثير العالم الرقمي على الأطفال واستخدام نتائجها في تطوير السياسات، وإطلاق حملات إعلامية مستدامة لتعزيز ثقافة الاستخدام الآمن والمسؤول، ودعم أنظمة الإبلاغ الرقمية المخصصة للأطفال وسرعة الاستجابة لها.
كما دعا إلى إنتاج محتوى رقمي محلي موجه للأطفال يعزز القيم والسلوك الرقمي الآمن، وإصدار دليل إرشادي رقمي للأسر حول إدارة استخدام الأطفال للأجهزة الذكية، ومراجعة وتحديث التشريعات المحلية الخاصة بجرائم الإنترنت ضد الأطفال بشكل دوري، وتعزيز دور الجهات المعنية بالأمن السيبراني في رصد وحماية الأطفال من التهديدات الرقمية.
الأسرة خط الدفاع الأول
أكدت النقيب د. عشبة حمد الكتبي، مدير فرع قواعد البيانات في القيادة العامة لشرطة الشارقة، في مداخلتها، أن الأسرة تُعد الأساس في حماية الطفل، لأنها تغرس فيه الثقة وتجعله يلجأ إلى والديه عند تعرّضه لأي خطر. وشدّدت على أن التطور التقني المتسارع يتطلب من الجميع انتباهًا دائمًا، خاصة مع ظهور أنواع جديدة من الجرائم الرقمية، كالاستغلال الجنسي، والروابط والصور غير اللائقة، والاحتيال الإلكتروني، والتنمر، والابتزاز، ومقاطع الفيديو المسيئة.
النوموفوبيا.. خطر رقمي جديد
من جانبها، أوضحت جويل شمعون، محاضر في كلية التقنية العليا، في ورقتها المعنونة "دور المعلم في حماية الطلبة داخل البيئة التعليمية وتعزيز الثقافة الرقمية"، أن مرضًا جديدًا بدأ بالانتشار يُعرف بـ"النوموفوبيا" – وهو رهاب فقدان الهاتف المحمول – ويصيب الكبار والصغار على حدّ سواء، وأشارت إلى أن بعض الأطفال تظهر عليهم نوبات صراخ وعصبية عند سحب الهاتف منهم، وهي ظاهرة متفاقمة تحتاج إلى تدخّل فوري.
وأضافت أن المطلوب اليوم منع استخدام الهواتف والأجهزة الذكية للأطفال دون سن الثالثة منعًا باتًا، وتوفير بدائل مثل القراءة، والرسم، والرياضة، والأنشطة الثقافية. ووصفت إدمان الهواتف بين أفراد الأسرة بأنه "موضة اجتماعية" خطرة، تستدعي اعتماد ما يُعرف بـ"الديجيتال ديتوكس"، أي التخلص المؤقت من الأجهزة الذكية على غرار تنظيف الجسم من السموم.
وأشارت أيضًا إلى دور المعلم في تعزيز ثقافة الحماية الرقمية من خلال الدورات والورش التوعوية، وضرورة التعريف بمخاطر بعض الألعاب الإلكترونية التي تستقطب الأطفال دون السن المناسب، مثل "روبلوكس".
التعليم الخاص يدعم بيئة مدرسية رقمية آمنة
تحدثت علياء الشامسي، خبير إدارة الامتثال في هيئة الشارقة للتعليم الخاص، عن جهود الهيئة في تعزيز بيئة تعليمية رقمية آمنة، عبر مراقبة أداء 230 مدرسة خاصة في الإمارة. وأشارت إلى أن الهيئة تعمل على ضمان امتلاك المعلمين للرخص التعليمية من خلال اختبارات تخصصية، مؤكدة أن الهيئة أصدرت قرارًا بضبط السلوك الإيجابي في التعليم التقني، بما يضمن استخدامًا آمنًا ومسؤولًا للتكنولوجيا في المدارس.
مبادرة "سفراء الحياة الرقمية آمنة"
وفي ختام الجلسة، قدمت جواهر عبد الله، أخصائي تثقيف اجتماعي في دائرة الخدمات الاجتماعية، عرضًا حول مبادرة "سفراء الحياة الرقمية آمنة"، التي تُعد من المبادرات الرائدة في نشر الوعي حول أهمية الأمن الرقمي والسلوكيات الآمنة على الإنترنت. وبيّنت أن المبادرة أُطلقت عام 2024 بالتزامن مع اليوم العالمي للإنترنت الآمن، وتهدف إلى تمكين الطلبة من مهارات القيادة والتنمية الذاتية، وتعزيز القيم القيادية لديهم.
وأوضحت أن المبادرة مرّت بعدة مراحل، بدأت بعملية اختيار وتقييم دقيق للمشاركين، تلاها تدريب مكثف ضمن محاور متخصصة، بالتعاون مع جهات ذات خبرة. وشملت المبادرة أكثر من 49 دورة تدريبية، منها 26 دورة بعنوان "جودة الحياة الرقمية"، و20 دورة حول "التحول الرقمي"، و3 دورات موجهة نحو "الأمن الإلكتروني".