جار التحميل...
الشارقة 24:
في وقت تتزايد فيه مكانة المرأة بالإمارات، صانعةً للقرار الاقتصادي ورائدةً في المعرفة المالية على مستوى المنطقة، يبرز برنامج "الثقافة المالية" الذي نظمته مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، بمشاركة نحو 200 امرأة، كأحد النماذج العملية على أهمية تعزيز المهارات المالية لدى النساء، لا سيما في بدايات مسيرتهن المهنية والأسرية، حيث شمل البرنامج الذي اختتم مؤخراً، أربع مدن مختلفة في إمارة الشارقة، هي: مدينة الشارقة، كلباء، دبا الحصن، والمدام، في خطوة تعكس حرص المؤسسة على ضمان شمولية التمكين المالي، وتوفير فرص متكافئة للتعلّم في مختلف المناطق.
وقدم المستشار المالي صلاح الحليان، برنامجاً تدريبياً تفاعلياً تناول محاور مركزية في الإدارة المالية الشخصية، كإعداد الميزانية، وتوزيع الدخل، وتفادي الديون غير المدروسة، والتعامل مع البنوك وبطاقات الائتمان، كما شمل البرنامج، تمارين عملية وتطبيقات واقعية، ساعدت المشاركات على اتخاذ قرارات مالية أكثر وعياً واستدامة، سواء في إدارة نفقات الأسرة أو في تطوير مشاريعهن الخاصة.
واستطاع برنامج "الثقافة المالية"، الذي تم تصميمه ليمنح المرأة أدوات عملية لترسيخ الكفاءة في إدارة مواردهن المالية، إحداث أثر ملموس في وعي المشاركات وسلوكهن اليومي، فبحسب الانطباعات التي عبّرن عنها عقب انتهاء البرنامج، لم تكن التجربة مجرد تدريب نظري، بل كانت محطة فارقة أعادت تشكيل نظرتهن إلى المال والإنفاق والادخار.
إحدى المشاركات من مدينة كلباء عبّرت قائلة: للمرة الأولى شعرت أن لدي خريطة واضحة لإدارة مصروفات أسرتي دون ارتباك، صرت أكثر وعياً بأولوياتي، وأصبحت الميزانية أداة للتوازن وحسن التدبير".
وفي مدينة المدام، قالت إحدى الأمهات اللاتي شاركن في البرنامج: بدأت أشرح لأطفالي ما تعلّمته حول الادخار، وأصبحنا نخطط كمجموعة لأي نفقات غير ضرورية، أصبح المال موضوعاً نناقشه بوعي، لا مصدر توتر، بينما أكدت مشاركة أخرى من مدينة دبا الحصن، أنها اكتسبت ثقة كبيرة لمباشرة مشروعها الصغير، والذي طالما ترددت في إطلاقه وأضافت فهمت كيف أوازن بين الحلم والتحديات، الأرقام لم تعد تعيقني، بل تحفّزني على الانطلاق بخطة محسوبة..
وتعكس هذه الشهادات، ما يمكن تسميته بـ"التمكين المالي المتقدم"، حيث لا يقف الأثر عند حدود الفرد، بل يمتد ليطال الأسرة والمجتمع والاقتصاد ككل، مشكلاً نواة لثقافة اقتصادية أكثر وعياً واستدامة، إذ تجاوز البرنامج أدواره التعليمية، ليتحول إلى تجربة حياتية تعيد تعريف العلاقة مع المال والسيولة على أسس من الوعي، والمسؤولية، والرؤية المستقبلية.
رغم أن البرنامج صُمم لإثراء معارف ومهارات المرأة الشخصية في قطاع الثقافة المالية، إلا أن أهميته تمتد لتشمل دعم السياسات الوطنية لدولة الإمارات، والتي أثبتت فيها المرأة جدارة استثنائية في هذا القطاع، فوفقاً لبيانات وزارة المالية، فبحسب إحصاءات وزارة المالية، تمثل المواهب النسائية الإماراتية ما نسبته 54.7% من الكوادر العاملة في القطاع المالي الحكومي، فيما تبلغ نسبة القيادات النسائية 42.8%، وبشكل عام، تمثل النساء أكثر من ثلاثة أرباع القوى العاملة في القطاع المالي، كما تشكل الشابات الإماراتيات 78.12% من فئة الشباب، ما يُعدّ دليلاً على توجه مستدام نحو تمكين المرأة من رسم ملامح المستقبل المالي للدولة.