جار التحميل...
أوضح الدكتور محمد راشد النقبي، الباحث في التراث الإماراتي، أن الحلقة الخامسة من بودكاست "دفتر الزمان.. حكم وأمثال أهل الإمارات"، تواصل استكشاف الحكم والأمثال التي تلخص تجارب الأجداد، وتعكس وتُقدم صورة عن روح المجتمع وعلاقة الإنسان وتفاعله بأرضه ومجتمعه، وهي دروس قدمها الآباء والأجداد في قصة قصيرة صاغوها ببلاغة لتعطينا مفتاحاً لفهم أكبر لثقافتنا.
ويقدم النقبي، مجموعة من الأمثال، وهي: علمت مي واحفضتها مايدة، يا ليت مي ما ولدتها الوالدة، وعلمت مي: بمعنى نصحتها وأرشدتها، ومي هي ابنه السيدة، ومايدة بنت زوجها، المثل عبارة عن قصة قديمة لبنت يتيمة الأم اسمها "مايدة" تعيش مع زوجة أبيها وأختها من الأب والتي تسمّى "مي"، وكانت زوجة الأب دائماً ما توجه النصائح والإرشادات لابنتها مي لتكون في المستقبل زوجة صالحة يعتمد عليها، لكن مي كانت لا تهتم لنصائح الأم ولا تعيرها الاهتمام الكافي ولا تنفّذ ما تقوله لها، وفي الوقت نفسه كانت مايدة تسمع تلك النصائح والإرشادات وتنفّذ نصائح وتعليمات زوجة أبيها، ويرشدنا المثل إلى أن النصيحة لن تؤثر أو يعرف قيمتها إلا من كان يطلبها أو عنده الرغبة الأكيدة في العمل بها والاستفادة منها؛ فالحريص على التعلم هو من يفوز ويكسب ويجني الثمرة في النهاية.
ويستكمل: السكين ما تقص إلا من قوة جزعها، ويعني أن الأهم هو قوة جذور الشخص وتمسكه بتقاليده، فهي التي تستطيع بها أن تقص صعاب الحياة، وتتغلب عليها، ويدعو المثل إلى التمسك بالأصل، بالإضافة إلى مثل: لا تأمن من صحيحك، ولا تيأس من مريضك، والمقصود من القول إن الإنسان عليه ألا يضع الآمال والأماني الكبيرة في الشخص الصحيح المعافى؛ فقد يرحل بين لحظة وأخرى، ولربما يعافي الله سبحانه المريض والميؤوس منه ويمد في عمره وصحته، والمقصود هنا الدلالة على تغير الحال.
وتضم الحلقة الخامسة أمثال: لي كثرت الشخالة، زاد في البيت الدخالة، والشخالة هي الخير، والدخالة تشير إلى كثرة المترددين وأصحاب المصالح، بمعنى إذا كثر خيرك ورزقك، أو ارتفعت مكانتك؛ وكان البيت كريماً يستقبل الناس، زاد الخير في البيت، ومثل: الشجاعة مخلفة مب مولفة، ومُخلفة تعني متوارثة، والمثل هنا معناه أن الشجاعة والشهامة غالباً ما تكون متوارثة ومتأصلة في العائلة منذ قديم الزمان، وليست شيئاً يستطيع الشخص أن يتظاهر به دون أن يكون موجوداً فيه، ويشير أيضاً إلى مثل: البصل يسير على طوله، ويرد على أصوله أو يرد بمحصوله، ويضرب المثل لمن فرح بما يملك واستخفه أو أغراه المنصب والمال فطغى وتكبر، فهو بهذه الصفات السيئة يشبه رأس البصل يظهر ورقه قوياً نضراً ثم يتراجع شيئاً فشيئاً ويذبل أو ينثني حتى يختفي ويلامس الأرض.
وتشمل الأمثال: الشيرة العوية حتاتها خارج الويل، ومعنى العوية: العوجاء، والويل هو مكان منبت الجذع ووقوف الشجرة أو النخلة، ويضرب المثل للشخص الذي يذهب خيره وفضله للشخص البعيد، ويمنعه عن الأهل أو الصاحب القريب؛ فهو كالنخلة العوجاء التي لا يسقط ثمرها ورطبها تحتها مباشرة بل يتناثر ويسقط بعيداً، بالإضافة إلى: فقير حاش الغنى من عقب حاية، يموت وفي نفسه من الفقر هاية، بمعنى إن فقير القلب مهما امتلك من المال، يظل قلبه فقيراً خالياً.
ويضيف الدكتور محمد راشد النقبي، الباحث في التراث الإماراتي، أمثلة: يأكل من ويكسر فن، والمن هو مقياس للوزن، أو للطعام يعادل 4 كيلوغرام، والفن غصن الشجرة، بمعنى: إن الشخص المتعافي، والذي يكون بصحة سليمة لا يشكو شيئاً يستطيع أن يكسر أغصان الشجر، ويقال المثل للدلالة على القوة البدنية للشخص، ويستكمل: جت شوعة من الجبل، قالت تزحزحي يا تينة، والشوعة هي نبات جبلي ليس له فائدة، والمعنى الشخص الذي يجيء ويسكن معك في المكان وعندما يطول به الوقت قد يتحكم فيك، فيأمر وينهى، وقد يمنعك من أمر ما، وربما تصرف تصرفات تؤذيك وأنت من أكرمته، ويضرب المثل للشخص الذي يعرف بين الناس بفضله وخيره ونفعه، ويأتي شخص آخر لا يحمل أو يتصف بصفات أو مزايا السابق يريد أن يأخذ مكانه ومزاياه الطيبة.
وتشمل الحلقة الخامسة مجموعة متنوعة من الأمثال الشعبية: يحلب النمل، ويروب الكت، بمعنى: البخيل يمتص أو يستحوذ على كل شيء وحده، ولا يريد أن يأخذ أحد منه شيئاً، وهذا نتيجة جشعه وطمعه، ويحلب النمل: يطمع في طعام النمل الصغير نتيجة جشعه، ويروب الكت يريد أن يتخذ من الحشرة الصغيرة طعاماً له، وأيضاً مثل: يضحك السن بالسن، والقلب فيه العداوة، بمعنى: إن الشخص قد يقابلك بوجه طيب وبشوش ومبتسم، ولكن في حقيقة الأمر في داخله الكثير من الغل والحسد والعدوانية لك ولغيرك.
ويعرض بودكاست دفتر الزمان، أمثال: ما عندها حيول وتصوغ مطول، وحيول: مجموعة من المجوهرات أو الغوايش، ومطول: الأساور الغالية الثمن، بمعنى: بعض الفتيات قد لا يوجد لديها أو قد لا تمتلك غوايش أو مجوهرات غالية الثمن، أو ليس لها القدرة على شرائها، ومع ذلك تطلب امتلاكاً أو شراء الأساور، والمجوهرات الباهظة، ويضرب المثل للشخص الذي لا يستطيع أن يوازن بين دخله ومصروفاته، فيطلب أو يريد اقتناء الشيء الثمين وهو غير قادر على تسديد قيمته أو كلفته؛ فيرهق نفسه ويسبب لها الشقاء والتعاسة، مضيفاً: ما في العيد كرم، ولا في الحاضر مدح، والحاضر يقصد بها هنا زهبة العروس وأيام الفرح، بمعنى: أن الكرم يوم العيد تفرضه العادة، فهو كرم العيد أي: نتيجة الفرح بهذه المناسبة، بمعنى لا ينسب الكرم إلى شخص ما، فالناس في العيد كلهم كرماء، وفي يوم الفرح كذلك، كما لا يمكن أن تتحدث متطلبات وحاجات العروس أو مستلزمات الفرح.
ويستمر البودكاست بعرض الأمثال الشعبية، بمثل: قوم ترنا، وين ما دار الهواء درنا، والترنا هي عبارة عن لعبة شعبية، بمعنى إن الناس الذين لا يمتلكون شخصية مستقلة يتجهون على حسب مصالحهم أو أين ما تكون، فهم كالريح التي تتجه من مكان إلى آخر، بالإضافة إلى مثل: قال للمال وين رايح؟ قال أدور فضايح، قال خلني في البيت منسدح وطايح، ومنسدح متمدد ونائم، ويقال هذا المثل في الشخص الذي يستلف شيئاً من المال أو يريد الحصول على بعض الحاجات الضرورية، وقد تلبي له ما يريد عن طيب خاطر، ولكن حين تقصده في حاجة ملحة قد يرضك، وربما لم يرجع أليك حقك.
ويضيف الدكتور محمد راشد النقبي، مثل: كدي يا غزالة، وأكلي يا سبالة، والسبالة هي أنثى القرد، ويقال هذا المثل للشخص الذي يتعب ويشتغل ويبذل المجهود الكبير في السعي والعمل، وفي النهاية يأخذ الفائدة أو النفع شخص مرتاح جالس لا يقوم بشيء ولا يعمل أي شيء، ومثل: للي يدور الحلة، تجيه العلة، والحلة هي المشاكل أو كلام الناس، بمعنى أن الذي يخرج ليستطلع الأخبار التي تصادفه في المجتمع خيرها وشرها لا بد أن يطاله منها ما يزيد همومه وأوجاعه، فليس في الحياة السعادة الدائمة كما يراها البعض.
ويختتم النقبي، الحلقة الخامسة بأمثال: لا مهرة ولا مهيرة، ومهرة تعني الشغل، أو أعمال خاصة يقوم بها الشخص، ويقال المثل للشخص العامل الذي لا يحاول أن يقوم بعمل ينفعه؛ بل ينتظر من غيره العطية والمساعدة، وأيضاً لو بغيت اليود انصي معدنه، واليود يعني الجود والكرم، وانصي: اتبع وسر، معدنه مكان ومقر أهله، قائلاً: استعرضنا اليوم مجموعة من الأمثال والحكم عبرت عن روح مجتمعنا قديماً، ولا تزال تستخدم حتى الآن، وهي أرث يعيدنا دائماً إلى جذورنا وأصولنا، ونلتقي في حلقة جديدة نواصل من خلالها استكشاف تراثنا وأقوالنا وحكمنا.