اختتم معهد الشارقة للتراث فعاليات "مؤتمر التراث الأول" الذي أقيم تحت شعار "مدائن التراث في العالم العربي" في المنطقة التراثية بقلب الشارقة، واستمر على مدار ثلاثة أيام.
الشارقة 24:
اختتم معهد الشارقة للتراث فعاليات "مؤتمر التراث الأول" الذي أقيم تحت شعار "مدائن التراث في العالم العربي" في المنطقة التراثية بقلب الشارقة، واستمر على مدار ثلاثة أيام. استقطب المؤتمر نخبة من الخبراء والمتخصصين من مختلف الدول العربية لمناقشة قضايا تتعلق بالهوية الحضارية والمدن التراثية في العالم العربي، وشهد سلسلة من الجلسات المكثفة التي تناولت تحديات التراث العمراني وآفاق المحافظة عليه في ظل المتغيرات الراهنة.
وجاء المؤتمر بمشاركة 50 خبيرًا وباحثًا أكاديميًا من مختلف أنحاء العالم العربي، وجمع ممثلين عن 19 دولة عربية هي: الإمارات، العراق، لبنان، الجزائر، السعودية، مصر، سوريا، المغرب، السودان، اليمن، موريتانيا، قطر، الكويت، تونس، ليبيا، فلسطين، عمان، البحرين، بالإضافة إلى استعراض الأثر العربي في مدن مقدونيا.
تسليط الضوء على أهمية المدن التراثية كمخزون حضاري يعبر عن هوية الشعوب وتاريخها
وأكد سعادة الدكتور عبد العزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث إن مؤتمر 'مدائن التراث' يعكس رؤية إمارة الشارقة بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تضع التراث في صلب جهودها التنموية والثقافية، حيث نجح المؤتمر في تحقيق أهدافه من خلال تسليط الضوء على أهمية المدن التراثية كمخزون حضاري يعبر عن هوية الشعوب وتاريخها. كما أننا نؤمن أن الحفاظ على التراث ليس مسؤولية حكومية فقط، بل هو واجب مجتمعي يستدعي مشاركة الجميع، لا سيما الشباب، الذين يمثلون أمل المستقبل في حماية إرثنا الثقافي وتطويره".
وأضاف: "سنواصل في معهد الشارقة للتراث العمل على تنفيذ التوصيات الصادرة عن هذا المؤتمر، والتي تشمل تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، واعتماد تقنيات مبتكرة في ترميم المدن التراثية، وخلق منصات تفاعلية تجمع الخبراء والشباب لتبادل المعرفة والخبرات."
وتوجّه سعادته بالشكر لجميع المشاركين من أكاديميين وباحثين وخبراء التراث من مختلف الدول العربية، مشيدًا بدورهم في تقديم أوراق عمل قيّمة وأفكارًا متميزة أسهمت في إثراء النقاشات.
استعراض تجارب مميزة من قطر والكويت والإمارات
وسلّطت الجلسات الختامية في اليوم الأخير الضوء على موضوعات محورية، حيث تضمنت الجلسة الرابعة، التي أدارها الأستاذ ناصر الدرمكي، مناقشات حول مدائن التراث في الخليج العربي، مثل مدينة جدة التاريخية ومدينة رأس الخيمة القديمة، إلى جانب استعراض تجارب مميزة من قطر والكويت والإمارات.
تجارب حية من مدن عربية عتيقة
وفي الجلسة الخامسة، أدار الدكتور يحيى العبالي حوارًا حول مشروعات الحفاظ على التراث المعماري العربي، بمشاركة خبراء من موريتانيا وسوريا ومصر واليمن. وطرحت الجلسة السادسة، التي أدارها الأستاذة فاطمة المنصوري، تجارب حية من مدن عربية عتيقة، مثل مدينة العين وقبلي القديمة وغدامس.
الجلسة السابعة، التي كانت محور اليوم الأخير، تناولت المدينة العربية المعاصرة في مواجهة الماضي وتحديات الحاضر. أدار الجلسة الدكتور منّي بونعامة، واستعرض المشاركون تجارب مؤسسية بمشاركة الدكتور حميد النوفلي مدير إدارة الثقافة (الألكسو)، وناصر الدرمكي نائب المدير الإقليمي لايكروم الشارقة، وديمة ديوب التي تحدثت عن حلب القديمة.
موسوعة شاملة عن العمارة التقليدية في المدن العربية، تبرز عناصرها الجمالية والوظيفية
جاءت توصيات المؤتمر لتؤكد أهمية تحويله إلى تقليد سنوي ثابت يعنى بطرح عدد من القضايا الجوهرية المرتبطة بالمدن العربية الأصيلة، مع التأكيد على ضرورة توثيق التراث المادي واللامادي لهذه المدن، وتوثيق كافة الجهود المبذولة في مواجهة التحديات التي تعترض مدائن التراث في العالم العربي. كما شددت التوصيات على استمرارية هذا المؤتمر في دوراته المستقبلية، بهدف مناقشة الحلول العملية لتأهيل المدن التراثية وتثمينها.
وأوصى المشاركون بطبع أعمال المؤتمر ونشرها بصيغتيها الورقية والإلكترونية لضمان وصولها إلى نطاق واسع من الباحثين والمهتمين، إلى جانب توحيد معايير وجهود التوثيق والحفظ والترميم لتراث المدن العربية العتيقة. كما تم اقتراح إنشاء بوابة إلكترونية ضمن موقع معهد الشارقة للتراث تهدف إلى جمع البيانات المتعلقة بالمدن العربية العتيقة، وتبادل الخبرات والمعطيات حولها.
كما تضمنت التوصيات إطلاق مشروع بحث ميداني لجمع وتوثيق التراث المادي واللامادي للمدينة العربية، إلى جانب إنشاء حصر ببليوجرافي مشروح للدراسات التراثية والأنثروبولوجية والتاريخية حول المدن العربية، والاستفادة من المادة العلمية المقدمة في المؤتمر لإعداد موسوعة شاملة عن العمارة التقليدية في المدن العربية، تبرز عناصرها الجمالية والوظيفية، مما يضمن تعزيز الجهود البحثية والتوثيقية التي تسهم في حفظ هذا التراث للأجيال القادمة.