نظمت هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع الجامعة الأميركية في الشارقة ندوة دولية بعنوان "آثار الخليج العربي" في مقر الجامعة، وذلك يومي 23 و24 سبتمبر الحالي. وقد شهدت الفعالية حضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة ملف الترشيح الدولي "المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية" ورئيسة الجامعة.
الشارقة 24:
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة ملف الترشيح الدولي "المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية"، رئيسة الجامعة الأميركية في الشارقة، افتتحت هيئة الشارقة للآثار، بالتعاون مع الجامعة الأميركية في الشارقة، الندوة الدولية بعنوان "آثار الخليج العربي"، في مقر الجامعة، على مدار يومي 23-24 سبتمبر الجاري، بهدف تعزيز التعاون بين الباحثين المتخصصين في مجال الآثار من دول الخليج العربي وعدد من الدول العربية الشقيقة، لتسليط الضوء على آخر الاكتشافات الأثرية وتعزيز سبل الحفاظ على التراث الثقافي.
وتستضيف الندوة نخبة من الباحثين والخبراء في مجال الآثار من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى مشاركين من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية، مما يعكس تنوع الخبرات التي تُثري هذا الحدث الآثاري البارز، لتسليط الضوء على أحدث الاكتشافات الأثرية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي من خلال ما تم اكتشافه من دلائل آثاريه وعكس المكانة المتميّزة والهامّة التي احتلّتْها المنطقة في تاريخ الحضارات القديمة ودورها الاقتصادي والسياسي عبر العصور المختلفة.
الآثار جزءاً أساسياً من الهوية التاريخية ومفتاحاً لفهم الماضي وتوجيه المستقبل
من جانبه، أكد سعادة عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، أهمية هذه الندوة باعتبارها فرصة فريدة لتعميق الفهم المشترك حول التراث الثقافي والأثري في المنطقة، مشيراً إلى أن الآثار تشكل جزءاً أساسياً من الهوية التاريخية ومفتاحاً لفهم الماضي وتوجيه المستقبل.
وأوضح أن التعاون الدولي، بشقيه العلمي والميداني، بين دول الخليج العربي والعالم، يلعب دوراً محورياً في دعم الجهود المبذولة لحماية التراث الثقافي للمنطقة.
وأضاف: "تعد هذه الندوة منصة شاملة للباحثين من مختلف الدول لتقديم أوراقهم البحثية والمشاركة في مناقشات بناءة تهدف إلى مواجهة التحديات التي تواجه مجال الآثار في الخليج العربي، وتبادل الأفكار والخبرات، حيث نؤمن في هيئة الشارقة للآثار بأن التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والبحثية لا يقتصر على تبادل المعلومات فقط، بل يشمل أيضاً تطوير منهجيات جديدة للتنقيب والحفاظ على المواقع الأثرية، ونحن نلتزم بتوثيق وحماية التراث الأثري في إمارة الشارقة، ونسعى باستمرار إلى مشاركة تجاربنا وخبراتنا لتعزيز البحث الأثري وتقديم حلول مبتكرة للتحديات التي يواجهها هذا المجال."
وتأتي الندوة بجلسات علمية متعددة، حيث تناولت الجلسة الافتتاحية "آخر المكتشفات الأثرية في إمارة الشارقة" قدّمها سعادة عيسى يوسف، تناول فيها أهم الاكتشافات التي تمت في مواقع أثرية متعددة في الإمارة، مؤكداً أهمية تلك الاكتشافات في إغناء المعرفة التاريخية للمنطقة.
النتائج الأولية للتنقيبات الأثرية في موقع مقابة "مزرعة جمعة"
وفي نفس الجلسة، استعرض الدكتور سلمان أحمد المحاري، مدير عام الآثار في هيئة البحرين للثقافة والآثار، نتائج ورقة عمله بعنوان "النتائج الأولية للتنقيبات الأثرية في موقع مقابة "مزرعة جمعة"، التي سلطت الضوء على اكتشافات أثرية بارزة ومهمة من حيث الفترات الزمنية ونوع البقايا المكتشفة.
وأشار المحاري إلى أن هذه التنقيبات، التي أجراها فريق بحريني متخصص من الهيئة، كشفت عن مكونات تاريخية متنوعة ضمن تل أثري كان يُعتقد سابقاً أنه يعود إلى فترة تايلوس، بناءً على مظهره الخارجي ووجود غرف دفن مكشوفة على جوانبه. إلا أن التنقيب الدقيق الذي استمر لمدة 5 أشهر أظهر أن الموقع يحتوي على مدافن تعود إلى فترة دلمون المتأخرة، بالإضافة إلى مدافن من فترة تايلوس.
وأشار إلى أن الاكتشاف الأكثر تفرداً في هذا الموقع كان العثور على أحواض ترابية وقنوات ضيقة تربط بينها، ما يدل على استخدامها كأحواض زراعية مشابهة لتلك المستخدمة حالياً في مزارع البحرين، ولكن بأحجام مختلفة.
كما أظهرت التنقيبات وجود مرتفعات صخرية ذات حُفر مميزة، إلى جانب مسجد ومقبرة إسلامية.
مسيرة امتدت لأكثر من 40 عاماً في خدمة التراث الأثري والبحث الأنثروبولوجي والأركيولوجي بالمملكة المغربية
وشهد اليوم الأول من الندوة العلمية، عقد عدة جلسات بمشاركة مجموعة من الدول، بما في ذلك المغرب وقطر وسلطنة عمان والكويت.
استهل الدكتور عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالمغرب، حديثه، بتقديم رؤى حول مسيرته الطويلة التي امتدت لأكثر من 40 عاماً في خدمة التراث الأثري والبحث الأنثروبولوجي والأركيولوجي بالمملكة المغربية، مسلطاً الضوء على أبرز الاكتشافات والجهود المبذولة في هذا المجال، مؤكداً أن الهدف من هذه المداخلة العلمية ليس فقط التطرق لحصيلة الآثار الإسلامية، وإنما التعريف بنتائج الأبحاث من حفريات وتحريات ودراسات عمرانية إسلامية أنجزت بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث منذ تأسيسه حتى اليوم.
استعراضاً شاملاً لأعمال الحفاظ على التراث الثقافي في قطر
من جانبه، قدم الأستاذ عادل عبد اللطيف المسلماني، مدير إدارة الحفاظ على التراث المعماري بمتاحف قطر، استعراضاً شاملاً لأعمال الحفاظ على التراث الثقافي في قطر، مشيراً إلى المبادرات والبرامج التي تركز على حماية وتعزيز الهوية الثقافية للدولة.
وبيّن المسلماني أن إدارة الحفاظ المعماري تضطلع بمهام جوهرية في صون التراث المعماري والآثار، من خلال تنفيذ مشاريع ترميم وصيانة تهدف إلى ضمان استدامة هذه المواقع للأجيال القادمة، حيث تعمل الإدارة وفق استراتيجية شاملة لتطوير وتوسيع نطاق أعمال الحفاظ المعماري، مع تقديم أمثلة ناجحة على هذه الجهود.
ومن بين هذه المشاريع البارزة: ترميم مدينة الزبارة الأثرية، وقلعة مروب، وقلعة أركيات، وقرى عين محمد والجميل التراثيتين، فضلاً عن صيانة المساجد والبيوت التراثية، ومدبسة زكريت، وبئر النعمان الأثري.
نتائج المسح والتنقيب الأثري في المنطقة الحرة التابعة لميناء صحار
ومن جهة أخرى، قدم الأستاذ خميس بن ناصر العوفي، رئيس قسم الآثار والمتاحف في إدارة التراث والسياحة بسلطنة عمان، ورقة علمية عن نتائج المسح والتنقيب الأثري في المنطقة الحرة التابعة لميناء صحار.
آخر المكتشفات الأثرية بجزيرة فيلكا
واستعرض الأستاذ أنور إسماعيل التميمي، باحث آثار من الكويت "آخر المكتشفات الأثرية بجزيرة فيلكا"، وهي واحدة من أهم المواقع الأثرية في الكويت، قائلاً: "تزخر دولة الكويت بتراث حضاري إنساني يعكس غنى تاريخها العريق، كما أوضحت نتائج أعمال المسح والتنقيب الأثري التي انطلقت منذ أواخر خمسينيات القرن الماضي. وقد أظهرت هذه الأبحاث تواجد الإنسان على أرض الكويت منذ العصور الحجرية الحديثة، فيما تشير التقارير الدنماركية إلى تأريخ وجود الإنسان في الكويت إلى العصر الحجري الوسيط...
... واستمرت هذه الحضارات المزدهرة حتى الفترات الإسلامية المتعاقبة، وهو ما يظهر بوضوح فيما خلفته تلك المجتمعات من مبانٍ سكنية وإدارية ودينية، بالإضافة إلى الموانئ...
... كما عثر على لقى أثرية تعكس الصناعات المحلية إلى جانب تلك المستوردة من حضارات مجاورة أو بعيدة...
... وما زالت الأعمال الميدانية في الكويت مستمرة حتى اليوم، بهدف تسليط المزيد من الضوء على هذه الحضارات وإبراز دورها في تشكيل الحضارة الإنسانية على المستويين الإقليمي والعالمي".