جار التحميل...

mosque
partly-cloudy
°C,
تشجع عودته الفلاحين على تنويع محاصيلهم

عاد للخدمة مؤخراً... سدّ البالعة شريان حياة للمزارعين بشمال سوريا

01 يونيو 2024 / 9:59 PM
يعد سدّ البالعة، شريان حياة للمزارعين في شمال غرب سوريا، وتشجع عودته للخدمة، المزارعين على تنويع محاصيلهم، فيما وتغذي مياه السدّ حالياً، مساحة تقدّر بأربعة آلاف هكتار، على أن يصل في مرحلة لاحقة الى أكثر من عشرة آلاف هكتار.
الشارقة 24 – أ ف ب:

منذ أكثر من عقد من الزمن، لم يتمكن محمّد رمضان من ريّ أراضيه وإشباعها بالمياه، لكنّ الحال تبدّل هذا العام مع عودة سدّ حيوي في شمال غرب سوريا إلى الخدمة، ما شجّعه ومزارعين آخرين على تنويع محاصيلهم.

ويقول رمضان 42 عاماً، من قرية البالعة القريبة من سدّ يحمل الاسم ذاته في محافظة إدلب، "منذ أكثر من عشر سنوات، توقفت المياه عن السد نتيجة انقطاع الكهرباء"، خلال سنوات الحرب.

ويضيف بينما يتحقق من وصول المياه الى مئات الشتول التي زرعها في أرضه "كنا نجمع مياه الأمطار ونسقي منها لمرة أو مرتين وبعدها تنقطع المياه، لكن الآن الحمد لله عادت مياه عين الزرقا وتحسّنت الأمور وبدأنا نزرع البندورة والباذنجان والفليفلة".

ويقع سدّ البالعة وسط سهل الروج الزراعي في ريف إدلب الغربي، وهو عبارة عن خزان لتجميع مياه الأمطار خلال فصل الشتاء، وتُضخ إليه كذلك المياه من نهر العاصي، حيث تقع عين الزرقا، إحدى الينابيع الغزيرة في المنطقة، عند طرفه الشرقي.

وبعد اندلاع النزاع المدمر الذي تشهده سوريا منذ العام 2011، خرج السدّ من الخدمة جراء انقطاع الكهرباء والتوقف عن صيانة المضخات وتعرض منشآت للقصف مع تقدم المعارك ثم سيطرة فصائل معارضة على المنطقة.

إلا أنّه منذ مطلع العام، استؤنفت عملية ضخ المياه بعد إعادة تأهيل المضخات بإشراف حكومة الإنقاذ، التي تتولى تسيير شؤون مناطق في محافظة إدلب ومحيطها.

ويوضح رمضان الذي يضخ المياه من قناة متفرّعة من السد "سابقاً كنا نسقي الخضار على عجل، من دون أن نشبعها، لكن اليوم صرنا نشبعها وبات الوضع أفضل".

ويتابع "بعد عودة المياه، انتعشت منطقة الروج بأكملها، حتى الأعشاب عادت لتنمو والمزروعات.. كلنا استفدنا".

ويعدّ سهل الروج الذي تتقاسمه أكثر من ستين قرية وبلدة، بمثابة السلة الغذائية، للمنطقة التي يقيم فيها أربعة ملايين شخص، قرابة نصفهم نازحون من محافظات أخرى، وتعد الزراعة فيه مصدر الدخل الرئيسي لأغلبية السكان.

وفي محيط السد، يطغى اللون الأخضر على سهول مترامية المساحة، ترعى ماشية عند أطرافه ويلهو أطفال بالسباحة في قناة متفرعة منه، بينما ينهمك مزارعون في قطف ما نضج من محاصيلهم.

وبعدما اقتصرت الزراعة خلال السنوات الماضية على أنواع محدودة لا تتطلب المياه الوفيرة، يعمل المزارعون حالياً على تنويع مواسمهم.

ويقول وليد محمّدية 40 عاماً بعد قطفه حبات الكوسا الناضجة من أرضه "اقتصرت زراعتنا على الفاصوليا والبندورة بينما بات بإمكاننا اليوم أن نزرع مواسم عدة... وأصنافاً لم نتمكن من زرعها" بينها القطن.

ويشرح بإسهاب "مع توفّر المياه، بات الموسم موسمين، بمعنى أنه إذا لم يكن النتاج وفيراً في المرة الأولى، يعوّل المزارع على الموسم المقبل".

ويضيف بفرح "عندما عادت المياه، كأن الحياة بدأت" من جديد.

على غرار مزارعين كثر، يأمل محمّدية بتحسّن الانتاج بدءاً من العام المقبل.

وتغذي مياه السدّ حالياً، وفق ما يشرح المدير العام للموارد المائية في وزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ المهندس تمام الحمود، مساحة تقدّر بأربعة آلاف هكتار، على أن يصل في مرحلة لاحقة الى أكثر من عشرة آلاف هكتار.

ويوضح الحمود بينما يعرض دراسة عن مشروع تأهيل السد على حاسوبه "بعد توقف مشروع ري سهل الروج لفترة من الزمن بسبب ظروف الحرب، تعمل وزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ على إعادة تأهيل المشروع"، الذي جرى رصد 2,5 مليون دولار لتنفيذه على خمس مراحل.

وتخلل المرحلة الأولى، كما يشرح، "تجهيز خمس مضخات فعلية في محطة عين الزرقا باستطاعة 2750 متراً مكعباً للمضخة الواحدة، وصيانة نفق بطول 4,2 كيلومترات قبل المباشرة بضخ المياه إلى سد البالعة".

وتبلغ سعة السد التخزينية 14,5 مليون متر مكعب، وفق الحمود الذي يأمل أن تحوّل مياهه الأراضي في محيطه من "أراض تعتمد على الزراعة المطرية إلى أراض مروية"، من أجل زيادة المواسم الزراعية.

ويعدد من بين المزروعات التي يتعين تعزيزها زراعة القطن أو "الذهب الأبيض" على حد قوله، والذي تتطلب زراعته المياه الوفيرة، نظراً "لأهميته الاقتصادية في تأمين المواد الخام للمعامل، إضافة الى تشغيل يد عاملة" في المنطقة.

ويشرح مدير شعبة مشاريع الروج ومحطات الضخ جهاد السواق "نخزن حالياً المياه في السد لاستخدامها في ري الأراضي وزيادة المساحات المروية لزيادة إنتاج المحاصيل".

ويتابع "سنفعّل زراعات ومحاصيل استراتيجية عدة منها الشمندر السكري ودوار الشمس وفول الصويا التي توقفت محاصيلها منذ عام 2011"، آملاً أن يسهم ذلك في إنعاش المنطقة اقتصادياً.

وبينما يقول القيمون على السدّ إن من شأن انتعاش الزراعة أن يعزز الثروة الحيوانية في المنطقة، لا يخفي راعي الماشية زكوان الحمدون "53 عاماً" امتعاضه.

ويوضح الرجل النازح منذ خمس سنوات والمقيم في مخيم للنازحين في قرية البالعة عند أطراف السد "كنا نرعى الأغنام ضمن السد واليوم تم ملؤه بالمياه لري الأراضي الزراعية"، متسائلاً "أين نسرح الآن بالأغنام.. بعدما باتت المراعي ضئيلة".

ويقول بينما تبحث أغنامه بين خيم بيضاء عما يسدّ رمقها "الحمد لله أن المزارعين استفادوا، لكن نحن لحقنا ضرر، نريد من الحكومة المحلية أن تساعدنا أقلّه في توفير العلف".
June 01, 2024 / 9:59 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.