حذرت الأمم المتحدة، من أن "التحرك الآن أمر ملح" في السودان، حيث يقترب موسم البذر، فيما باتت العديد من المزارع مهجورة إثر أكبر أزمة نزوح في العالم، نجمت عن الحرب المستمرة منذ عام بين الجنرالين المتصارعين على السلطة.
الشارقة 24 – أ ف ب:
تحذر الأمم المتحدة، من أن "التحرك الآن أمر ملح" في السودان، حيث يقترب موسم البذر، فيما باتت العديد من المزارع مهجورة إثر أكبر أزمة نزوح في العالم، نجمت عن الحرب المستمرة منذ عام بين الجنرالين المتصارعين على السلطة.
ويؤكد مدير مكتب الطوارئ والصمود التابع لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) رين بولسن، أن هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء السودان، ويضيف أن الوضع حرج بصفة خاصة في دارفور (غرب)، وكردفان (جنوب).
ويوضح مدير برنامج الأغذية العالمي في السودان إدي رو، أن كمية الغذاء المتوافرة في دارفور، حيث يعيش ربع الـ48 مليون سوداني، أقل بنسبة 78% على الأقل عما كانت عليه العام الماضي.
وفي مطلع مارس الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي كذلك، من أن الحرب في السودان يمكن أن تتسبب بأكبر أزمة جوع في العالم.
ولم يعد القطاع الزراعي، الذي كان يوفر أكبر عدد من فرص العمل في البلاد، ويعد مخزن حبوب إفريقيا، سوى أراض محروقة.
ويؤكد رو، أن 60% من السودانيين يعتمدون على الزراعة لكسب الرزق، ولكن مع نشوب الحرب هجرت عائلات عديدة مزارعها.
في ولاية الجزيرة المعروفة بخصوبة تربتها، خرج 250 ألف هكتار من الأراضي الزراعية من الخدمة، ما أدى إلى انخفاض بنسبة 70% في إنتاج السودان من القمح الذي كان يبلغ 800 ألف طن سنوياً.
ويوضح صالح عبد الماجد المزارع بمشروع الجزيرة، أكبر مشروع مروي بالبلاد، نحن نزحنا من قريتنا وليس هناك أفق لعودتنا الآن، فكيف نبدأ الموسم الزراعي؟.
المشكلة نفسها يواجهها حامد علي المزارع في قرية قريبة من مدني عاصمة ولاية الجزيرة، والذي صرح قائلاً: نحن لا نستطيع الخروج من القرية، فكيف نصل إلى مزارعنا لنحضرها للموسم الزراعي؟.
من جهته، يؤكد محمد عبد الباقي المزارع بمشروع الجزيرة، أنه لا يستطيع كذلك الوصول إلى الأسواق لشراء البذور أو الأسمدة أو الوقود للآلات الزراعية، بل لا نستطيع الوصول إلى أرضنا وإن لم تتوقف هذه الحرب لن نزرع.
في مختلف أنحاء البلاد، لا يزال 37% فقط من الأراضي مزروعة، وفق مركز الأبحاث "فكرة"، بسبب هذه الأوضاع.
ففي ولاية القضارف (شرق) على سبيل المثال، يؤكد محمد سليمان الذي يزرع الذرة وهي الغذاء الرئيس للسكان هناك، أن غالبية الشركات التي لديها المدخلات الزراعية والأسمدة والمبيدات توقفت عن العمل.
ويخشى رو، من أن السودان في سباق مع الزمن لأن موسم الحصاد يبدأ في إبريل، وهذا العام لدينا 41% أقل من الغذاء عن العام الماضي، ويشرح أن موظفي منظمات الإغاثة الإنسانية يتمكنون بالكاد من مساعدة خمسة ملايين سوداني ينامون مساء كل يوم وهم جوعى، بسبب صعوبة التنقل ونقص التمويل.
ويوضح رو، أن الاستحقاق المقبل هو شهر مايو المقبل، الذي يتعين أن نوفر خلاله للمزارعين الإمدادات الزراعية التي يحتاجون إليها، من أجل بدء موسم البذر في يونيو، في إشارة إلى البذور وعلف الحيوانات الذي توزعه منظمته.
هذه المساعدة تعد حيوية في بلد توقف فيه في شكل شبه تام، الاستيراد والتصدير، بسبب توقف الحركة على الطرق المؤدية للميناء الكبير الوحيد وهو بورتسودان، إضافة إلى انهيار النظام المصرفي، ما يمنع المزارعين من الحصول على القروض أو تحويل الأموال اللازمة لممارسة نشاطهم.
وأسفرت الحرب، التي يمكن أن تستمر سنوات وفق الخبراء، عن سقوط آلاف القتلى وعن نزوح 8.5 مليون شخص، وفق الأمم المتحدة، وأدت إلى معاناة 18 مليون سوداني من نقص الغذاء الحاد، من بينهم خمسة ملايين على حافة الجوع.
في 15 إبريل الجاري، مع مرور عام على اندلاع الحرب، عقد اجتماع دولي في باريس، أعلن في ختامه منح مساعدات قيمتها نحو ملياري يورو للسودان، علماً أنه نصف المبلغ الذي طالبت به الأمم المتحدة.