الشارقة 24 - الشفيع عمر:
شهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس جامعة الشارقة، صباح اليوم الأربعاء، افتتاح مؤتمر الشارقة الدولي الأول للغة العربية، والذي تنظمه جامعة الشارقة تحت شعار "آفاق التحول الرقمي والاستدامة"، وذلك في قاعة الرازي بمجمع الكليات الطبية والعلوم الصحية.
استهل الافتتاح بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، تلته آيات بينات من القرآن الكريم، ألقى بعدها الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة، رئيس اللجنة العليا للمؤتمر كلمة، قدم فيها الشكر والتقدير إلى سمو رئيس جامعة الشارقة على رعاية المؤتمر، وهي رعاية تفصح عن حرص بالغ لسموه على النهوض باللغة العربية، وتفعيل دورها البالغ في فهم الوحي، وصيانة تراث الأمة.
وتناول النعيمي اهتمام جامعة الشارقة بالبحث العلمي والتداول المعرفي خاصةً في مجال اللغة العربية، قائلاً: "إن هذا المؤتمر الحافل شاهد عدل وصدق على حرص جامعة الشارقة، بحاضناتها البحثية والعلمية والابتكارية، على تعزيز الهوية الإسلامية والعربية لأمتنا من خلال السعي الحثيث على تعليم اللغة العربية على أقوم المناهج وأحدثها، واستشراف آفاق تطويرها واستدامة صدارتها في التصنيفات العالمية للغات من حيث الشيوع والأهمية، على ما يشهده العالم من تطورات حية متسارعة".
وأكد مدير جامعة الشارقة دور الجامعة في تجاوز تشخيص التحديات إلى ابتكار الحلول، وتحقيق التطوير المواكب للمستجدات، الخادم للأجيال المتعاقبة، مما يفرض التطوير الموازي للمناهج والوسائل والأدوات، مما يحقق منجزاً معرفياً باذخاً على مستوى التدريس، والبحث، وخدمة المجتمع.
وأشار النعيمي إلى الجهود اللامحدودة التي قدمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، للغة العربية، قائلاً: "نستند إلى ركنٍ ركين وقدوة ملهمة، بذل كرائم جهده ووقته في تسخير الإمكانات المادية والمعنوية لخدمة اللغة العربية، فرفع قواعد مجمع اللغة العربية شامخاً ومضارعاً لأرقى المجامع وأعرقها، وحثّ على إصدار معجمها التاريخي الحافل".
ولفت النعيمي إلى أن المؤتمر يعتبر منصة عالمية ومثالية لعرض الأفكار والتجارب، وتبادل الخبرات الجديدة التي تقدم الحلول المبتكرة والرؤى الإبداعية في العمل على استشراف مستقبل العربية، ومواجهة تحدياتها، لا سيما في مجال الرقمنة والتقنيات الحاسوبية، لتحقيق شروط الاستدامة لها، إلى جانب دور العلماء المشاركين في المؤتمر وتميزهم بالأبحاث المقدمة مما يسهم في إنجاح أغراض المؤتمر، وتفعيل رسالته الفاضلة، لافتاً إلى مكانة جامعة الشارقة المرموقة وتبوأها تشهد لها التصنيفات والشراكات الدولية، وينطق به التفوق الجلي في البحث العلمي كماً وكيفاً واقتباساً، مع صيت واسع في مجال الاستدامة.
واختتم مدير جامعة الشارقة كلمته بالشكر لكل من تعاون في إنجاح قيام هذا المؤتمر من المؤسسات العلمية المتخصصة والأكاديمية والجامعات والشخصيات العامة من داخل وخارج الدولة.
وألقت الدكتورة زاهية إسماعيل الصالحي، القائمة بأعمال عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية، كلمة أشارت فيها إلى أهمية المؤتمر الذي صُمم ليتناول بالبحث والدراسة قضية ذات أهمية قصوى خاصة في الوقت الراهن الذي تتنافس فيه اللغات العالمية على الهيمنة، مشيرةً إلى أن اللغة العربية استطاعت في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية أن تستوعب الحضارات الأخرى المختلفة المعاصرة لها في ذلك الوقت وأن تجعل منها حضارة واحدة عالمية المنزع، إنسانية الرؤية، وذلك للمرة الأولى في التاريخ.
وتناولت تواجد اللغة العربية كلغة عالمية حيث يتحدث بها 362 مليون ناطق أصلي، و274 مليون ناطق بها كلغة ثانية مما يجعلها من أهم اللغات العالمية وإحدى اللغات الرسمية للأمم المتحدة، وأشارت إلى أهمية المؤتمرات التي تناقش اللغة العربية لما تتمتع به من مميزات خاصة، وقالت: "تشكل اللغة العربية أهم العوامل التي تقوم عليها أمتنا، وعنصر أساسي في بناء هوية كل فرد من هذه الأمة، ولغة القرآن الكريم مما جعلها من أقوى الروابط والصلات بين المسلمين، حيث أضحت لغة عالمية يطلبها ملايين المسلمين في العالم لارتباطها بدينهم وثقافتهم الإسلامية، كما نشهد إقبال غير المسلمين على تعلم اللغة العربية للتواصل مع أهل اللغة من جانب وللتواصل مع التراث العربي والإسلامي من جهة أخرى، إذ إنها المفتاح إلى الثقافة العربية والإسلامية، ذلك أنها تتيح لمتعلميها الاطلاع على كم حضاري وفكري لأمّة تربّعت على عرش الدنيا عدّة قرون وخلفت إرثاً حضارياً ضخما في مختلف الفنون و شتى العلوم".
وألقت الدكتورة مريم سعيد بالعجيد، رئيس قسم اللغة العربية وآدابها، ورئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر كلمةً رحبت فيها بحضور المؤتمر من داخل وخارج الدولة، حيث يأخذ المؤتمر أهميته من تميز اللغة العربية وضرورة دراستها، مشيرةً إلى الجهود الكبيرة التي يقوم بها قسم اللغة العربية بجامعة الشارقة في التدريس والتخطيط وتقديم البحوث والدراسات في حقول اللغة المختلفة، إلى جانب الدراسات العليا، والمسابقات الأدبية والندوات والمؤتمرات العلمية وورش العمل، مما يثري اللغة من خلال الأنشطة.
وأعلنت عن إطلاق "المنتدى العلمي: اللغة والنحو العربي" في جامعة الشارقة ليكون منبراً داعماً يعيد الحضور المستحق لعلم النحو والعلوم اللغوية بالطرائق الحديثة المناسبة، كما أعلنت عن إطلاق النسخة الإلكترونية لكتاب المؤتمر في أربعة فصول يتضمن 50 بحثاً، وأهدتها إلى سمو رئيس جامعة الشارقة، مقدمةً في ختام كلمتها الشكر والتقدير لكل من ساهم في إنجاح المؤتمر.
وشاهد سمو رئيس جامعة الشارقة والحضور عرضاً مرئياً تناول المؤتمر وأهدافه ومحاوره وأبرز المتحدثين فيه والمشاركين من مختلف الدول العربية.
وقدم الدكتور فواز محمد الراشد الزبون، رئيس الجامعة الهاشمية بالمملكة الأردنية كلمة نيابة عن المتحدثين والمشاركين في المؤتمر قدم فيها الشكر والتقدير إلى جامعة الشارقة، مشيداً باهتمامها باللغة العربية، وقسم اللغة العربية فيها وانعكاس ذلك من خلال تنظيم المؤتمر والمشاركة الواسعة من قامات وهامات علمية مشهود لها، تمتد على مساحات شاسعة من العلم، تعكس التنوع وتنطق بحسن التنظيم والمتابعة والإخراج، وتناول أهمية المؤتمر في البحث العلمي في اللغة العربية وآدابها وعلومها لما لها من تاريخ وأهمية كبرى في حياة الشعوب والأمة العربية، وفي مستقبل العلم في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية.
وشاهد الحضور عرضاً مرئياً لقصيدة تناولت جهود صاحب السمو حاكم الشارقة في دعم اللغة العربية، بعنوان "القصيدة السلطانية"، وهي من نظم الشعراء الإماراتيين: نجاة الظاهري، ومظفر الحمادي، وحمده العوضي، وأسماء الحمادي.
وجاء في أبرز أبيات القصيدة:
"أيا راعي الثقافة حيث كانت وحائزُ دُرّها والمدُّ مدُّ
لسلطان العروبة ليت شِعري يرافقنا غُداةَ المدحِ وفدُ
بضادِ الفخرِ ترفعه لواءً يميسُ العلمُ والغاياتُ جِدُّ
بجامعة الشُّروق وجدتُ شمسي ولي فيها حكاياتٌ ومهدُ".
وفي نهاية حفل الافتتاح، تفضل سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي بتكريم المتحدثين والمشاركين ومديري الجلسات ورعاة المؤتمر.
ويهدف المؤتمر إلى إبراز دور إمارة الشارقة وصاحب السمو حاكم الشارقة في خدمة اللغة العربية، ومشروعاتها الحضارية، ورســالتها الثقافيــة المتجــددة، وتطوير المحتوى الرقمي لمناهج اللغة العربية في ضوء متطلبات الرقمنة، والتنمية المستدامة، وتحقيق التكامل بين اللسانيات العربية، والاتجاهات التربوية، والدراسات النفسية والاجتماعية الحديثة، والتخطيط اللغوي لمستقبل اللغة العربية، وتعليمها وتعلمها في ضوء تحديات التحول الرقمي، إلى جانب تقديـم رؤى لتطويـر أقسـام اللغـة العربيـة وآدابهـا وتحديـث مناهجهـا وخططهـا فـي ضـوء تحديـات العالـم الرقمـي والاستدامة، وتطويــر المصــادر والمناهــج التعليميــة الحديثــة لخدمــة اللغــة العربيــة ونشــرها بالطــرق التي تتوافــق مع معطيات العصر.
ويناقش المؤتمر مجموعة من المحاور العلمية المتعلقة بالدراسات اللغويّة والأدبيّة وتحديات الرقمنة والاستدامة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعيّ، واللسانيات التطبيقيّة، والأدب العربيّ وتحديات العصر الرقميّ، والمعجم التاريخيّ للعربيّة ومتطلبات الاستدامة، وكذلك محور خاص باللغة العربية في رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة من خلال دراسة المنجز الأدبي والثقافي لصاحب السمو حاكم الشارقة والمؤسسات الثقافية والأكاديمية في الشارقة.
كما سيناقش المؤتمر على مدار يومين، ومن خلال 13 جلسة بحث تنمية اللغة العلمية العربية، وتحديات التعريب، والرقمنة، وتطوير المحتوى الرقمي لمناهج اللغة العربية في ضوء التنمية المستدامة، وتكامل الجهود في التخطيط ورسم السياسات اللغوية لمواجهة التحديات ودراسة التكامل المعرفي بين اللسانيات والعلوم الأخرى.