الشارقة 24 - الشفيع عمر:
شهد الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي، رئيس مكتب سمو الحاكم، صباح الأربعاء، انطلاق أعمال مؤتمر الاجتهاد الفقهي المعاصر وأثره في خدمة التنمية المستدامة، وذلك في قاعة الرازي بمجمع الكليات الطبية والعلوم الصحية بجامعة الشارقة.
استهل افتتاح المؤتمر بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، بعدها تمت تلاوة آيات بينات من القرآن الكريم، ألقى بعدها الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة كلمة قدم فيها الشكر والامتنان إلى رئيس مكتب سمو الحاكم على تشريفه افتتاح المؤتمر وتكريم المتحدثين والرعاة.
وأكد مدير جامعة الشارقة في كلمته على أهمية الرؤية الثاقبة والفكر السديد لضمان نجاح الأعمال وتحقيق الأهداف لصالح المجتمع، قائلاً "إنه لمن دواعي فخرنا واعتزازنا، أكاديميين وإداريين، أن نعمل ونجتهد ونسعى في جامعة الشارقة، على هدي مرسوم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة مؤسس الجامعة، وبرعاية موصولة من سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس الجامعة، وذلك لأن العمل إذا كتب له القادة الحكماء، واتصلت أسبابه بأسباب الاقتداء الملهم، فإن نجاحه مضمون ومحقق بمشيئة الله تعالى".
وأشار النعيمي في كلمته إلى أن التنمية المستدامة التي يناقش موضوعاتها المؤتمر هي من أولويات جامعة الشارقة في كافة المجالات العلمية والأكاديمية تدريساً وبحثاً وتوعيةً ومناقشةً عبر المؤتمرات الدولية.
واستعرض مدير جامعة الشارقة الإنجازات التي حققتها الجامعة في مجال الاستدامة خلال السنوات السابقة، وتوجيهات سمو رئيس جامعة الشارقة الدائمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في كافة المجالات، قائلاً "أحرزت جامعة الشارقة المركز الأول في أنظمة التصنيف العالمية على مدى سبعة أعوام متعاقبة (2017 _ 2023)، وحصلت على الفئة الذهبية عام 2022، وهي أول جامعة في الوطن العربي في نظام التصنيف الأميركي (ستارز)، وليس ذلك بغريب على جامعة يقودها سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي الذي أصدر توجيهاته بالسعي الجاد للتخفيف من التغير المناخي ووطأة الاحتباس الحراري، وعلاج المشكلات البيئية، ودعم مشاريع الاستدامة، وإفرادها ببرامج خاصة، ودمج مفرداتها في المساقات الدراسية والبحوث العلمية، وحتى يكون العمل في هذا المجال مثمراً ومنضبطاً بالقواعد الأكاديمية، تم إنشاء مكتب الاستدامة في الجامعة سنة 2017، وكان من أبرز أغراضه قياس أداء الاستدامة، وتحفيز الكليات على خدمة أهدافها في الدرس والبحث ".
وهنأ النعيمي كلية الشريعة والدراسات الإسلامية على تنظيم المؤتمر والالتفات إلى قضايا العصر الملّحة والبيئة مما يجعل هناك صلةً بين الفقه والواقع وهو دور كبير للعلماء في هذا المجال، مقدماً الشكر والتقدير إلى المشاركين من داخل وخارج الدولة من العلماء الأجلاء.
وألقى الدكتور شوقي علام، المفتي العام لجمهورية مصر العربية كلمة أشاد فيها بالمؤتمر والموضوعات التي يعالجها في قضية الاجتهاد المعاصر في مختلف مجالات الحياة وهي مما تتعلق به المقاصد العليا للشريعة الإسلامية وتحقيق المصلحة العليا للدول والشعوب.
وأضاف قائلاً: :لا شك أن التنمية المستدامة هي التنمية التي لا تنظر إلى إشكالات الواقع فقط وتكتفي بحلها لكنها تستشرف أيضاً آفاق المستقبل بوضع الخطط الدقيقة واتباع الأساليب العلمية وتعمل على التحديث والتطوير الدائم وتقدم أفضل الأفكار وأحدثها للاستفادة من الموارد الاقتصادية سواء كانت بشرية أو ثروات مادية، وذلك لتحقيق أعلى درجات المصلحة للدول".
وتناول علام أهمية جهود العلماء الأجلاء في الاجتهاد الفقهي خاصة في مجال التنمية المستدامة التي تتطلب الانفتاح على الثقافات والاستفادة من العلوم الحديثة وترسيخ الوحدة ودعم وسائل الاجتماع، وتوظيفها بشكل نافع في خدمة المجتمعات في إطار منضبط وفق منظومة الشريعة الإسلامية.
من جانبه تناول الدكتور عمر الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في كلمته جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الاستدامة إيماناً من قيادتها الرشيدة بأهمية التنمية المستدامة في كافة المجالات، مشيراً إلى أن العزم والإرادة والقيادة من شروط تحقيق النجاح في كل مجال.
وقال الدرعي إن المؤتمر يتناول ثنائية الاجتهاد والتنمية وهي من أهم الموضوعات التي تتناول وتحقق تطوير منظومة الاجتهاد وملائمته للمستقبل ودوره في دعم الأمن والسلام عبر تقديم رؤية متكاملة، مشيراً إلى أن ضرورة النظر إلى الاجتهاد الفكري والحضاري والعلمي بجانب الاجتهاد الذي نعنيه هو مفهوم شرعي منضبط وحتى يحقق شرط المعاصرة، عليه أن يراعي الدوائر الأربعة، وهي: دائرة الشرع ودائرة الواقع والوطن ودائرة الإنسانية ودائرة الكون.
واختتم الدرعي كلمته بالتأكيد على أهمية دور الجامعات في تجديد مناهج الفكر وتوجيه الدراسات الشرعية، وواجب اسهام المؤسسات الأكاديمية في الإعداد ومناقشة كل ما يتعلق بالاجتهاد الفكري والفقهي، إلى جانب الانفتاح على العلوم والمعارف من خلال القيم والأصول واعتبار المشتركات الإنسانية والنظرة الكونية الشاملة للأزمان والحضارات من أجل تيسير الاجتهاد.
وألقى الدكتور أحمد الحداد، كبير المفتين ومدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي كلمة أثنى فيها على فكرة المؤتمر في تناول قضية الاجتهاد الفقهي وهي قضية ظلت ملازمة لكافة الأحكام الشرعية، وتتحقق في هذا العصر عبر قيام المؤسسات الفقهية التي حققت الإجماع للعلماء في القضايا.
وأشار الحداد في كلمته إلى دور جامعة الشارقة في تبصير الناس بأهمية الاجتهاد المعاصر وشحذ همم الأساتذة والطلبة للبحث العلمي وفتح الطريق وتحقيق الاستدامة على شريعة الله سبحانه وتعالى.
واختتم الدكتور قطب الريسوني، عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، كلمات افتتاح المؤتمر بكلمة قدم فيها الشكر والتقدير إلى كل من ساهم في انجاح المؤتمر من المؤسسات الداعمة والمتحدثين من داخل وخارج الدولة، مشيراً إلى دور الكلية في الاهتمام بالدراسات العليا والبحث العلمي التي يمثل المؤتمر جزءاً من جهودها في دعم المنتديات الفكرية لمناقشة القضايا الكبرى في المجتمع مثل التنمية المستدامة والتي هي من أجل التخطيط السليم لمجريات الحياة كافة.
وشاهد رئيس مكتب سمو الحاكم وحضور المؤتمر عرضاً مرئياً تناول ما تقدمه كلية الشريعة الإسلامية من برامج علمية والأقسام التي تضمها والمشروعات الفكرية التي تنظمها لمناقشة الموضوعات الشرعية والفقهية. وفي نهاية افتتاح المؤتمر، تفضل الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي بتكريم المتحدثين ورعاة المؤتمر.
ويهدف المؤتمر إلى ضبط أنواع الاجتهاد الفقهي ومسالكه وآلياته، وترسيخ مشروعية التنمية المستدامة من خلال النصوص والمقاصد الشرعية، بيان أثر علماء العصر في مواكبة نوازل عصرهم وخدمة مجال التنمية المستدامة، وتمتين الصلة بين فقه النصّ وفقه الواقع، وتمكين الأجيال المقبلة من الوفاء باحتياجاتها من خلال ترشيد الاستهلاك واستجلاء أثر الاجتهاد الفقهي المعاصر في ضبط موازين الترشيد وآدابه.