أطلع معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، منتسبي البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين، على أبرز الاستراتيجيات والمبادرات الوطنية التي رسخت مكانة دولة الإمارات عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي.
الشارقة 24 - وام:
استعرض معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، خلال لقائه منتسبي البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين، الذي دشنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في يوليو الماضي، أبرز الاستراتيجيات والمبادرات الوطنية التي رسخت مكانة دولة الإمارات عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي.
جاء ذلك، في إطار الزيارات الميدانية والجولات المعرفية التي بدأها منتسبو البرنامج من الوزراء ومساعدي الوزراء ومدراء العموم ومساعديهم من 29 دولة، والتي تتواصل حتى يوم الخميس 30 نوفمبر الحالي، إلى عدد من الجهات الحكومية والمشاريع الحيوية في دولة الإمارات.
وأكد معاليه أن دولة الإمارات ركزت منذ تأسيسها على تمكين الإنسان، واستثمرت في تطوير كفاءاته ليرسم واقع الدولة ومستقبلها، وتبنت أفضل نماذج الحكومات العالمية وطورتها، وأضافت إليها لتتواءم مع رؤى القيادة وتطلعاتها المستقبلية، ولضمان بناء دولة تجمع خلاصة أفضل الأفكار والمفاهيم والممارسات والمبادرات الموجهة للمستقبل.
وقال "يمكننا اليوم أن نلمس نتائج هذا النهج، إذ أصبحت دولة الإمارات واحدة من أفضل دول العالم في عدد من المؤشرات، كما تواصل نموها على جميع الأصعدة".
منصة مشاركة المعرفة
وأشار معالي عمر سلطان العلماء إلى أن دولة الإمارات تواصل العمل مع الدول التي تشاركها الرؤى والطموح لبناء مستقبل أفضل، لافتاً إلى أن البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين يشكل عنصراً معززاً لترجمة نهج الدولة في مشاركة المعرفة وتبادل الخبرات.
وتطرق معاليه إلى أسبقية دولة الإمارات في استحداث منصب وزير دولة للذكاء الاصطناعي عام 2017، وما يعكسه ذلك من رؤية قيادية تستشرف المستقبل، وتدرك محورية التكنولوجيا في رسم ملامح وتوجهات العقود المقبلة، وتحرص على تعزيز الجهود لتحقيق الريادة في هذا المجال.
وأكد وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، اهتمام دولة الإمارات بالشباب، وحرصها على تعريف الأجيال الشابة بأهمية قطاع الذكاء الاصطناعي وتأثيره في مختلف القطاعات، وبمحورية دورهم في هذا السياق، لافتاً إلى أن الأبحاث الحديثة تؤكد أن العديد من المهن والاختصاصات ستعتمد في المستقبل على الذكاء الاصطناعي، كهندسة العمارة والطب وغيرها.
مخيم للذكاء الاصطناعي
واستعرض معالي عمر سلطان العلماء عدداً من المبادرات والبرامج التي أطلقتها دولة الإمارات، ومن ضمنها مخيم الإمارات للذكاء الاصطناعي، الذي استقطب عشرات الآلاف من المشاركين لتعريفهم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، واعتماد الدولة 29 أكتوبر من كل عام، يوماً للبرمجة يحمل شعار "الإمارات تبرمج" والذي يصادف تدشين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أول حكومة إلكترونية بالمنطقة والعالم العربي في 29 أكتوبر 2001، وقد وصل عدد المشاركين في هذه المبادرة إلى 180,000 شخص.
وتطرق إلى الأطر التشريعية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي التي طورتها دولة الإمارات، ومنها تشريعات متخصصة بتقنيات التزييف العميق وكيفية مكافحتها، وضوابط استخدام المرشحين في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي للذكاء الاصطناعي، إضافة إلى سياسات استخدام التكنولوجيا بشكل أخلاقي.
وأكد معاليه أن دولة الإمارات واصلت الاستثمار في تطوير بنيتها التحتية الرقمية على مدار الأعوام الماضية، لتصبح لديها البنية الرقمية الأفضل في المنطقة، وضمن أكثر الدول تقدماً على مستوى العالم، حيث تملك الإمارات قدرات حاسوبية تتجاوز احتياجاتها، ما دفعها إلى توظيف هذه القدرات في تطوير نماذج لغوية كبيرة شبيه بتطبيق ChatGPT، وهو نموذج مفتوح المصدر يمكن تصديره إلى بقية دول العالم.
بناء القدرات
واستمع منتسبو البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين من معالي عمر العلماء إلى شرح حول استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، التي تركز على بناء القدرات واستقطاب الكفاءات من مختلف أنحاء العالم، وتطوير إطار العمل التشريعي والاستثمار في البنية التحتية.
وأشار معاليه إلى أن دولة الإمارات نجحت خلال الفترة من عام 2017 حتى عام 2021، في تعزيز قدرات ومهارات 400 من المسؤولين الحكوميين من خلال برنامج الذكاء الاصطناعي الذي نظمته بالشراكة مع جامعة أكسفورد، وأسهم في تعزيز خبرات المشاركين ليصبحوا خبراء مؤهلين للإشراف على مشاريع الذكاء الاصطناعي وضمان تنفيذها بصورة مسؤولة.
ولفت معاليه إلى أن استراتيجية الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات تركز حاليا على تحقيق 3 أهداف رئيسية تشمل توظيف الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحكومية بصورة مسؤولة، موضحا أن الهدف الثاني يتمثل في التركيز على البحث والتطوير باعتباره في مقدمة الأولويات، حيث بلغ عدد الأوراق البحثية التي تم إعدادها في دولة الإمارات حتى شهر أكتوبر الماضي نحو 14,000 ورقة بحثية تُطور بشكل مستمر من الناحية البحثية، أما ثالث أهداف الاستراتيجية، فيتمثل في الارتقاء بمواهب وكفاءات الذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات لتصبح الأولى عالمياً في هذا المجال المستقبلي.
تنوع كبير
وأجاب معالي عمر سلطان العلماء عن أسئلة المشاركين التي تناولت جوانب مرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن أبرزها العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والقطاع المالي وتحديداً عملية وضع الموازنات، مشيرا إلى أن غالبية أنظمة الذكاء الاصطناعي تعتمد على البيانات التاريخية المتاحة، وأن الدور البشري أساسي في وضع الموازنات، مع إمكانية الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تحديد جوانب الإنفاق التي يمكن ترشيدها.
وحول ضرورة وضع لوائح تنظيمية تقنن الذكاء الاصطناعي، أشار معالي عمر سلطان العلماء إلى التنوع الكبير في تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتفاوت تأثيرها على حياة الإنسان، الأمر الذي يعني أن تقنين التكنولوجيا ذاتها لا يمكن تحقيقه وفق نهج موحد، مؤكداً الحاجة إلى حوار جماعي يتناول تنظيم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والحكم على كل حالة على حدة.
تعزيز الوعي
وفي سؤال حول التحديات المرتبطة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أكد معالي عمر سلطان العلماء أنه يترتب على جميع التقنيات التي نستخدمها تحديات عديدة محتملة، وهذا لا يعني رفضها، مشيراً إلى أن النهج الأمثل في هذه الحالات هو تعزيز الوعي الفردي والحكومي بأهمية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وتحديد التحديات المرتبطة به كخطوة أولى، ثم التركيز على توظيفه بشكل أخلاقي مسؤول، وتعزيز المرونة والقدرة على تحديد التحديات وتوظيفها لصالح التطور التقني.
وحول دور دولة الإمارات في توحيد معايير الجودة، أشار معاليه إلى أن دولة الإمارات تساهم في الجهود العالمية الموجهة لتطوير معايير الجودة "الآيزو"ISO الخاصة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أن توحيد المعايير يجب أن يتبع نهجاً متوازناً يركز على جوانب معينة من التكنولوجيا ولا يعيق مواصلة الابتكار.
حماية البيانات
وعن دور الذكاء الاصطناعي في حماية الخصوصية، أكد معاليه أن دور الحكومات يتمثل في الحرص على الاستثمار في حماية سرية المعلومات، منوهاً بأن على الحكومات أن تعطي الأولوية لحماية البيانات في إطار حرصها على الحفاظ على الأمن السيبراني.
وأشار إلى أن الحكومات التي تطمح إلى تحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي تخلق لنفسها الحافز اللازم لتوظيف هذه التكنولوجيا بدلاً من الاعتماد على التطبيقات الجاهزة، لافتاً إلى أن دولة الإمارات تسعى إلى تعزيز الكفاءة وتحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأن أولويتها الأولى تقوم على الارتقاء بجودة الحياة.
أفضل الممارسات
وسيطلع منتسبو البرنامج خلال زياراتهم الميدانية على أفضل الممارسات الإماراتية في القطاعات الاستراتيجية سواء في الطاقة المستدامة، وأسواق المال، والبنية التحتية، والصناعة الوطنية، والفضاء والخدمات اللوجستية، والاقتصاد، والتحول الرقمي، وغيرها.
يذكر أن البرنامج الدولي للمدراء الحكوميين، الذي تم تصميمه بالتعاون بين مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، المنضوي تحت مظلة المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومكتب التبادل المعرفي الحكومي، يهدف إلى تعزيز قدرة المنتسبين على استشراف المستقبل ومواكبة المتغيرات والاستجابة لها، واتخاذ القرارات الاستراتيجية المناسبة، والاستعداد للتحديات المستقبلية للمجتمع، وتطوير السياسات والبرامج التي تعزز التنمية الشاملة والمستدامة.