تحاول دولة الكويت، التكيف مع درجات الحرارة العالية، ضمن صيف حارق تصل فيه الحرارة إلى نحو 50 درجة مئوية، فيما تنفذ الحكومة عدة مشاريع للطاقة المتجددة أهمها "الشقايا".
الشارقة 24 – أ ف ب:
زقاق وأشجار نخيل ومتاجر أسفل المباني الصغيرة وشرفات مطاعم مزدحمة، يبدو المكان كطريق عادي في أحد الشوارع، ولكنه في الحقيقة يقع في مركز تسوق فاخر مكيَّف في الكويت، أحد أكثر دول العالم حراً.
يقتبس هذا المكان مظهراً من مظاهر الحياة الطبيعية ليوفر ملاذاً لبعض من سكان الدولة الخليجية الغنية بالنفط، والبالغ عددهم نحو أربعة ملايين، وقد اعتادوا على صيف حارق تصل فيه الحرارة إلى نحو 50 درجة مئوية.
أما في الخارج، فنادراً ما يشاهد المارة، حتى في السوق التقليدي حيث يسير عدد قليل من الأشخاص وقد أنهكتهم الحرارة.
في هذا السوق، يفتح عبد الله أشكناني متجر التمور الذي يديره منذ 30 عاماً خلال فصل الصيف، رغم أنه يدرك تماماً بأن الحر يحد من أعداد الزبائن بشكل كبير.
وقال الإيراني البالغ من العمر 53 عاماً والمقيم في الكويت منذ 1997 "في الصيف يغادر معظم الناس ويبقى عدد قليل، لا أحد في السوق" في أغلبية الأوقات.
خلف قماش شفاف عند شرفة مقهى قريب، تجلس مجموعة من الكويتيين بالقرب من مكيف هواء.
ويقول أبو محمد الذي ارتدى ثوباً تقليدياً "نجحنا في تحمل الحرارة بفضل التكييف في المنزل، وفي السيارة وفي هذا المقهى".
لكن هذا المتقاعد الذي يقول إنه نسي عمره، يدرك أيضاً أن الاستهلاك المفرط للطاقة، من ناطحات السحاب إلى السيارات الكبيرة، "جلب هذا الحر" إلى الكويت.
في حين أن النصف الشمالي من الكرة الأرضية يمر بحالة من "الغليان" هذا الصيف، يحذّر خبير الأرصاد الجوية الكويتي المعروف عيسى رمضان، من أنّ "ما يحصل عندنا سيحصل في مكان آخر".
ويرى أنّ مناطق جنوب العراق وشمال السعودية تشهد صيفاً حاراً وجافاً بشكل خاص بسبب موقعها الجغرافي والرياح الشمالية الغربية.
ففي شمال الكويت، وبعد تجاوز الحرارة فيها 50 درجة مئوية، تسجّل منطقة مطربة القاحلة بعضاً من أعلى درجات الحرارة في العالم، بعد وادي الموت في الولايات المتحدة.
ومع تزايد الاستهلاك للطاقة، اشتدت معدلات الاحتباس الحراري على مدى العشرين عاماً الماضية، وامتدت فترة الحرارة الشديدة "من أسبوعين إلى شهر تقريباً"، بحسب رمضان.
وأوضح "هناك زحف للفصول، ففصل الصيف مثلاً، بدل أن ينتهي نسبياً وندخل فصل الخريف في بداية سبتمبر، أصبح يمتد لفترة أكبر، ما بين أسبوعين إلى شهر تقريباً فتبدأ الحرارة تنخفض بداية أكتوبر".
وقال إنّه في نهاية القرن الماضي، أصبح عدد الأيام التي تبلغ فيها الحرارة أكثر من 50 درجة مئوية نحو 64.
وتؤكد المديرة العامة بالوكالة للهيئة العامة للبيئة سميرة الكندري أنّه "بالفعل هناك ارتفاع في درجات الحرارة خلال السنوات الأخيرة"، مشيرة إلى وجود "عدة مشاريع للطاقة المتجددة أهمها الشقايا".
وذكرت أن المرحلة الأولى من المشروع "اكتملت"، مضيفة "نقوم حالياً بالتحضير للمرحلة الثانية حتى يصبح 15 % من إنتاج الطاقة عن طريق الطاقة المتجددة بحلول 2035، وإن شاء الله في خطوة مستقبلية نزيد هذه النسبة".
على الأرض، هناك بعض المبادرات الفردية، ومن بينها مبادرة عيسى العيسى، وهو طبيب أسنان يبلغ من العمر 46 عاماً وقد قام بزراعة الأشجار في المنزل "كهواية".
لكن خلال عام 2020، درس القضية بشكل أكبر وأسس مشروع "غابة الكويت" لزراعة "أول غابة" في البلاد على مشارف العاصمة، مدركاً أنّ الأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون.
وفي قطعة أرض خالية بالقرب من منزله، بدأ بزراعة الأشجار، وبتفقدها في الصباح الباكر في ظل 46 درجة مئوية.
ويقول "أكثر الأماكن التي نحتاج فيها للأشجار هي الأماكن الملوثة والأماكن الصناعية والأماكن التي يعيش فيها البشر"، معتبراً أنّه أصبح من الملحّ "فصل المناطق السكنية بالخضرة".