تعمل دولة الإمارات على توسيع مجالات استخدام الطاقة الصديقة للبيئة في قطاع الطيران لتعزيز سياسة السماء النظيفة، عبر إطلاق عدد من المبادرات النوعية والمشاريع الطموحة الرامية إلى دعم مستهدفات الدولة ورؤيتها المستقبلية، إذ تعمل الدولة مع شركائها الإقليميين والعالميين والمحليين لتحقيق الاستدامة في قطاع الطيران وتسريع تحوله، لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
الشارقة 24 – وام:
تتبنى دولة الإمارات حلولاً مبتكرة لمواجهة تحديات الطاقة والتغيرات المناخية وغيرهما من القضايا المتعلقة بالاستدامة، ترجمة لدورها الريادي في الاستثمار في مجال الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية وعلى رأسها مجال إنتاج الوقود المستدام للطائرات.
وتعمل دولة الإمارات على توسيع مجالات استخدام الطاقة الصديقة للبيئة في قطاع الطيران لتعزيز سياسة السماء النظيفة، عبر إطلاق عدد من المبادرات النوعية والمشاريع الطموحة الرامية إلى دعم مستهدفات الدولة ورؤيتها المستقبلية، إذ تعمل الدولة مع شركائها الإقليميين والعالميين والمحليين لتحقيق الاستدامة في قطاع الطيران وتسريع تحوله، لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وبما ينسجم مع محور "الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي" ضمن حملة "استدامة وطنية" التي تم إطلاقها مؤخراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي.
ويسهم وقود الطيران المستدام بشكل مباشر وكبير في الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن النقل الجوي، ويمكن اعتباره وقوداً بديلاً دون أن تطرأ أي تغييرات على البنية التحتية للتخزين الموجودة حالياً أو البنية التحتية لمحطات التزود بالوقود أو الطائرات أو المحركات، حيث تشير التقديرات إلى أنّ التبني التدريجي للوقود المستدام في جميع أنحاء العالم سيساعد بشكل كبير في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مجال النقل الجوي، لأن الوقود المستدام يعد عاملاً رئيسياً لخفض الانبعاثات في مستقبل قطاع الطيران.
ويحظى ملف الوقود في قطاع الطيران باهتمام بارز في الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، حيث أثمر هذا الاهتمام عن تأسيس لجنة الوقود المستدام والوقود منخفض الكربون لقطاع الطيران في دولة الإمارات عام 2020، برئاسة معالي وزير الطاقة والبنية التحتية، وعضوية وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ووزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ووزارة الاقتصاد، والهيئة العامة للطيران المدني، وشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك".
وتسعى اللجنة إلى المساهمة في وضع استراتيجية سياسة عامة للدولة حول وقود الطائرات المستدام والوقود منخفض الكربون لقطاع الطيران، وتشجيع الشراكة مع القطاع الخاص ودعوة المستثمرين للاستثمار في الطاقة المستدامة في قطاع الطيران، وتطوير الدراسات والبحوث العلمية في المجالات ذات الصلة بالوقود المستدام للطائرات والوقود منخفض الكربون، ودعم الهيئة العامة للطيران المدني في المفاوضات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالتغير المناخي في قطاع الطيران.
وواكبت وزارة الطاقة والبنية التحتية، الخطة الطموحة لدولة الإمارات بأن تكون مركزاً إقليمياً لوقود الطائرات المستدام، بإطلاق خارطة الطريق الوطنية للوقود المستدام للطائرات، والتي تستهدف تسريع العمل على إزالة الكربون من قطاع الطيران، والمساهمة في تحقيق مستهدفات الدولة في الحياد المناخي، وتعزيز كفاءة استهلاك الوقود والحفاظ عليه في أحد القطاعات الحيوية الداعمة للاقتصادات الوطنية.
وتعمل الخارطة على تسريع إزالة الكربون من قطاع الطيران، وتحويل الدولة إلى مركز إقليمي لوقود الطائرات منخفض الكربون، وقيادة التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي، وتسريع نشر التكنولوجيا والابتكار، والمساهمة في تسريع التحول العالمي للوقود منخفض الكربون من خلال مكانة الدولة في منظمة الطيران المدني الدولي " الأيكاو"، ودعم المشاريع المتعلقة بالوقود المتجدد والطاقة في البلدان الأخرى.
ويمتلك وقود الطائرات المستدام الذي يتم إنتاجه باستخدام المواد الأولية المستدامة مثل النفايات البلدية الصلبة والهيدروجين المتجدد، القدرة على تقليل الانبعاثات الكربونية في مختلف مراحل الإنتاج بنسبة تصل إلى 80٪ في المتوسط خلال الدورة الإنتاجية الكاملة، مقارنة بوقود الطائرات التقليدي، وذلك بحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي "أياتا".
ويدعم قطاع الطيران المدني في دولة الإمارات جميع الأهداف البيئية الاستراتيجية المنبثقة عن منظمة الطيران المدني الدولي- الأيكاو، حيث تعمل الدولة على تهيئة البنية التحتية لقطاع الطيران من أجل تحقيق ذلك الهدف، إذ يعتبر الوقود المنخفض الكربون والوقود المستدام على قائمة أولويات الدولة.
ويعتبر إطلاق خارطة الطريق الخاصة بالوقود المستدام خطوة مهمة جداً في مسار التحول للطاقة النظيفة والتقليل من الانبعاثات الدولية ودعم القطاع بشكل متوازن حتى يستمر في النمو ويساهم بفعالية في التقليل من الآثار السلبية للتغير المناخي.
وتعتبر خارطة الطريق الوطنية للوقود المستدام للطائرات، أحد المشاريع الطموحة التي تدعم تحقيق مستهدفات دولة الإمارات للخمسين عاماً المقبلة وسعيها للريادة العالمية في مجال الطاقة لا سيما النظيفة منها، إلى جانب الطموحات التنموية المستدامة التي تتطلب العمل المشترك بين مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص في سبيل تطبيق الحلول المبتكرة والتوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة التي من شأنها تسريع وتيرة تحقيق مئوية الإمارات 2071.
من جانبها، تولي شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" عملية الاستثمار في مجال وقود الطائرات المستدام، أهمية كبيرة، حيث يعد هذا النوع من الوقود واحداً من أكثر الحلول المجدية والقادرة على المساهمة في الحد من الانبعاثات الكربونية لقطاع الطيران، فضلاً عن تميزه بالقدرة على توفير إمدادات للأسواق الدولية.
وتعود أولى هذه الأبحاث إلى 2011، حيث سعى معهد مصدر الذي أصبح الآن جزءاً من جامعة خليفة بالتعاون مع "أدنوك"، الاتحاد للطيران وشركة "بوينج" بتأسيس مركز أبحاث كونسورتيوم للطاقة المستدامة الذي دشن أول رحله طيران تجارية على طيران الاتحاد في العالم باستخدام وقود عضوي (مستدام) المنتج محلياً من بذور نبات الساليكورنيا.
وأبرمت شركات أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" و"أدنوك" و "بي بي" ومركز أبوظبي لإدارة النفايات "تدوير" والاتحاد للطيران خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة 2023، اتفاقاً على إجراء دراسة جدوى مشتركة لاستكشاف فرص إنتاج وقود مستدام للطائرات في دولة الإمارات، وغيره من المنتجات، مثل الديزل النظيف، ومادة "النفثا" باستخدام النفايات البلدية الصلبة والهيدروجين المتجدد.
ويهدف هذا التعاون إلى ترسيخ الدور الريادي لدولة الإمارات في مجال الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية وتوظيف التكنولوجيا لتحقيق التنمية ضمن القطاعات، كما سيمثل خطوة مهمة يرسخ الدور الإمارات على مستوى العالم في مجال إنتاج الوقود المستدام للطائرات.
ودعمت "مصدر" عملية التحول إلى الوقود المستدام في قطاع الطيران بإبرام اتفاقية مع شركة إيرباص، أكبر شركات الصناعات الفضائية والجوية في أوروبا والرائدة عالمياً في هذا المجال، بهدف دعم تطوير وتنمية قطاع وقود الطيران المستدام العالمي.
وتُركز الاتفاقية على تعزيز مجالات التعاون بين الشركتين، ويشمل ذلك مجالات وقود الطيران المستدام، والهيدروجين الأخضر، وتكنولوجيا الالتقاط المباشر للهواء، بالإضافة إلى حلول "الحجز والاسترداد" للوقود المستدام للطائرات.
وتعمل تكنولوجيا الالتقاط المباشر للهواء على احتجاز والتقاط ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي واستخدامه مع الهيدروجين لإنتاج وقود الطيران المستدام الاصطناعي.
وتلتزم الاتحاد للطيران، الناقل الوطني لدولة الإمارات، بالسير على نهج الاستدامة، وهو ما أثمر عن تحقيق إنجازات كبيرة على أرض الواقع في عام 2022، حيث تمكّنت الشركة من تحقيق انخفاض بنسبة 26% في الانبعاثات الكربونية للإيرادات الكلية للطن المتري لتصل إلى 482 جراماً مقارنة بنتائج 2019.
وترتكز استراتيجية الاستدامة في الاتحاد للطيران على مبادئ تحقيق الانخفاض في الانبعاثات الكربونية من خلال تطبيق إجراءات خاصة بقطاع الطيران، بالتوافق مع خطط وأطر العمل الطوعية التي يطبّقها الشركاء في القطاع، وبالتعاون مع الهيئات المعنية، إضافة إلى اعتماد الشفافية والحلول الاستباقية لمعالجة قضايا الاستدامة، ومواصلة تطوير خريطة طريق استراتيجية لتحقيق هذه الأهداف.
وتعتبر الاتحاد للطيران أول شركة طيران أجنبية تتلقى الوقود المستدام في اليابان، وذلك من خلال شراكتها مع ITOCHUووقود Neste MY المستدام للطيران. وكانت الرحلة التي تمّ تشغيلها في أواخر 2022، أول رحلة تتلقى نحو 50000 وحدة من وقود الطيران المستدام، ليتم خفض كمية ثاني أكسيد الكربون المنتج بحوالي 75 طناً بمزيج من 39.66٪ من وقود الطيران.
كذلك حققت الشركة إنجازاً بتشغيل أول رحلة تسجّل صافي انبعاثات كربون صفرية بالتعاون معWorld Energy ، وباستخدام وقود الطيران المستدام باعتماد مبدأ "حجز الوقود واستخدامه"، مع إزالة نحو 26 ألف جالون من وقود الطائرات المصنع من النفط.
وعززت الاتحاد للطيران خططها لتحقيق الاستدامة بتوقيع اتفاقية Neste لتسهيل التعاون بين المؤسسات التي تبحث عن وسائل للحد من انبعاثاتها الكربونية من خلال استخدام الوقود المستدام، واستمرار العمل مع شركاء استراتيجيين في الإمارات مثل أدنوك، ومصدر، وتدوير، لتطوير منشأة لتصنيع وقود الطيران المستدام في الإمارات.
كما وقعت الشركة مذكرة تفاهم مع World Energy، لترسيخ شراكة استراتيجية طويلة الأمد للحد من الانبعاثات الكربونية للرحلات الجوية من خلال خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن القطاع ككل.
وقدمت شركة طيران الإمارات، أكبر ناقلة دولية في العالم، أكبر التزام منفرد من قبل أي ناقلة جوية بشأن الاستدامة، بعد أن أعلنت في 2023 عن تخصيص 200 مليون دولار، على مدى ثلاث سنوات، لتمويل مشاريع البحث والتطوير التي تركز على الحد من تأثير الوقود الأحفوري في عمليات الطيران التجاري.
وتركز أنشطة سياسة واستراتيجية طيران الإمارات البيئية طويلة الأمد على 3 مجالات وهي: الحد من الانبعاثات، والاستهلاك المسؤول، والحفاظ على الحياة البرية والموائل.
وكانت طيران الإمارات قد أكملت بنجاح في يناير الماضي أول رحلة تجريبية عمل أحد محركي الطائرة فيها بوقود مستدام SAF بنسبة 100%، وذلك بالشراكة مع بوينج وجنرال إلكتريك. ومنذ أول رحلة لها عملت بوقود مستدام SAF في عام 2017، تواصل الناقلة المشاركة بنشاط في سوق هذا النوع من الوقود والبحث عن فرص لاستخدامه ضمن شبكتها حيثما كان ذلك ممكناً.
وتنتهج طيران الإمارات برنامجاً شاملاً لكفاءة استهلاك الوقود يقوم على التحقق وتطبيق طرق مختلفة للحد من حرق الوقود والانبعاثات غير الضرورية، وتتضمن بعض أهم مبادرات البرنامج تشغيل "المسارات المرنة" أو الممرات المرنة، حيث تتعاون مع مزودي خدمات الملاحة الجوية لإنشاء خطة طيران أكثر كفاءة لكل رحلة، والاستفادة من الرياح الخلفية الطبيعية، مع تجنب الرياح المعاكسة وأنظمة الطقس.
كذلك تعمل طيران الإمارات على إدخال ممارسات فعالة في استهلاك الوقود أثناء وجود الطائرة على الأرض، مثل: استخدام وحدات الطاقة الأرضية بدلاً من وحدة الطاقة المساعدة للطائرة APU وإيقاف تشغيل محرك أو محركين أثناء تحرك الطائرة على أرض المطار بعد الهبوط.
وتستثمر طيران الإمارات أيضاً في مبادرات الطاقة المتجددة، بما في ذلك تركيب الألواح الشمسية لإدارة بعض منشآتها في دبي، واستخدام المركبات الكهربائية على جانبي أرض المطار.