كشف عدد من الكُتّاب والنقاد الإماراتيين والكوريين، ضمن جلسة بجناح الشارقة، التي تشارك كضيف شرف في "معرض سيؤول الدولي للكتاب"، أن العلاقة بين الأدب والمجتمع قائمة على التأثير والتأثر المتبادلين، واستشهدوا في هذا السياق بالعديد من النماذج والأعمال الروائية والشعرية.
الشارقة 24 – وام:
أكد عدد من الكُتّاب والنقاد الإماراتيين والكوريين، استحالة فهم الأدب واستيعابه، بعيداً عن إطاره الاجتماعي، والوعي بالسياق التاريخي، وخصائص العصر الذي كتبت فيه المؤلفات الأدبية على اختلاف أنماطها.
وقال الكُتّاب إن العلاقة بين الأدب والمجتمع قائمة على التأثير والتأثر المتبادلين، واستشهدوا في هذا السياق بالعديد من النماذج والأعمال الروائية والشعرية، التي قدمت لمحة عن أهم سمات الأدب المعاصر في كل من دولة الإمارات وجمهورية كوريا.
جاء ذلك، ضمن فعاليات جناح الشارقة، التي تشارك كضيف شرف في "معرض سيؤول الدولي للكتاب"، حيث أقيمت جلسة حوارية بعنوان "سمات الأدب الإماراتي والكوري المعاصر" أدارها الناقد الكوري سونغشين كيم، مستضيفاً الدكتورة بديعة الهاشمي، الناقدة وأستاذة اللغة العربية وآدابها بجامعة الشارقة، والدكتورة عائشة الشامسي، الشاعرة والناقدة الإماراتية، إلى جانب الروائي الكوري سانغانغ بارك.
واستأنفت دكتورة بديعة الهاشمي، الجلسة بإضاءات على حضور البيئة المحلية والموروث الشعبي في الأدب الإماراتي، استعرضت خلالها ملامح الرواية الإماراتية منذ نشأتها، مروراً بتطورها الراهن، مسلطة الضوء على تجربة الكاتبة مريم الغفلي نموذجاً، التي تحضر روح البيئة المحلية في أعمالها بقوة تبرز عناصر الهوية الإماراتية، دون أن تقتصر على عنصر المكان وحده، بل كل ما يحتويه من عادات وتقاليد وموروث شعبي، في مشروع روائي يهدف إلى حفظ الذاكرة المحلية.
وأشارت الهاشمي إلى الرمزية البالغة التي تحملها انطلاقة الأدب الإماراتي المتزامنة مع تأسيس دولة الإمارات، حيث أصدر الكاتب راشد عبد الله النعيمي، أول رواية إماراتية بعنوان "شاهندا" عام 1971، في دلالة عن اهتمام الجيل الأول من الكتاب الإماراتيين بالمشاركة في الجهود الوطنية لتعزيز الهوية وبناء الإنسان الإماراتي، وفتح نافذة للأجيال الجديدة للتعرف على حياة آبائهم وأجدادهم، وهم يمدون سواعدهم لبناء بلدهم بعزيمة وإصرار، حسب تعبيرها.
من جانبها، ركزت الدكتورة عائشة الشامسي، بحكم تجربتها على الشعر الإماراتي، وسمات القصيدة الإماراتية اعتماداً على تصنيف تجارب الشعراء الإماراتيين بين ثلاثة أجيال، ضم الأول أسماءً كسالم العويس، ومبارك الناخي، وأحمد المناعي، وغيرهم، الذين نظموا قصائداً تقليدية تلتزم بسمات الشعر العمودي من الوزن والقافية، ومع نشأة الصحف الإماراتية، بدأ الاطلاع على الأدب العربي المعاصر في أرجاء المنطقة، فنشأ جيل ثانٍ من المجددين، كأحمد المدني، وخلود المعلا، وظبية خميس، وإبراهيم الهاشمي، ونجوم الغانم، الذين اتجهوا نحو قصيدة التفعيلة، في تجديد تجاوز الشكل إلى المضمون، سرعان ما واكبه جيل ثالث وحالي، ضم أسماء الحمادي، ونجاة الظاهري، وشيخة المطيري، وحسن النجار، وغيرهم.
وأكدت الشامسي، أن هذه المراحل لا يفصل بينها حد زمني واضح وحازم، نظراً لنشأة الأدب الإماراتي خلال فترات زمنية متقاربة منتصف القرن العشرين، مشيرةً إلى أن تصنيف الشعراء الإماراتيين كأجيال هو فقط بهدف تسهيل الدراسة النقدية، وليس تصنيفاً زمنياً دقيقاً لتجاربهم، خاصة وأن حضور الشعر في الثقافة الإماراتية ظل ظاهرة أدبية حاضرة في فترة ما قبل نشأة الاتحاد، وهو ما يعرف بالشعر الشعبي، الذي تبلورت سماته الأدبية اعتماداً على جماليات اللهجة الإماراتية الدارجة في التراث الشفاهي.
من جانبه، تحدث الروائي سانغانغ بارك، عن خصائص الأدب الكوري المعاصر، بالتركيز على الرواية، التي بدأت في الظهور كنمط أدبي ناضج بعد اندلاع الحرب الأهلية وانفصال شبه الجزيرة الكورية إلى دولتين شمالاً وجنوباً، خاصاً بالذكر تجربة الكاتب "تشوي إن هن" وروايته "الميدان"، حيث لعبت الانقسامات الأيديولوجية وقضايا الحرب والانشقاق المجتمعي دوراً بارزاً فيها خلال عقد الستينيات، مع التركيز على روح الإصرار للبقاء على قيد الحياة وسط الدمار الهائل بين شطري البلاد.
وأكد بارك على نزوع الكتاب الكوريين إلى التجريب، والانتقال من الرواية الواقعية إلى مرحلة الحداثة وما بعدها، في مواكبة للتغيرات الناشئة على المجتمع الكوري خاصة في الجنوب، حيث طغى التحول وبات التركيز بشكل أكبر على نوازع النفس البشرية، وحالة الفراغ الداخلي لإنسان المدينة الكبيرة، ما يجعل من الأدب الكوري مادة ثرية لإعادة اكتشاف الروح البشرية، وحياة الإنسان وأفكاره.