اختتم المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة؛ فعاليات ملتقى الشارقة للإعلام الأسري الثالث؛ بعدد من التوصيات الهامة لدعم تماسك الأسرة واستقرارها لأداء رسالتها، وترسيخ القيم والأخلاق الحميدة في أذهان الأجيال الناشئة، وحمايتهم من الهجمات الإعلامية المغرضة المؤثرة سلباً على العقول والقيم، وكذلك من الاستغلال بمختلف أنواعه الممكنة على وسائل التواصل الاجتماعي.
الشارقة 24:
واصل ملتقى الشارقة للإعلام الأسري الثالث والذي نظمه المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة جلسات وورش الملتقى في يومه الثاني والأخير، وكانت أولى الجلسات ضمن المنصة الإثرائية وضمت عدة أوراق عمل وهي: استثمار وتأهيل الكادر البشري الملائم لرسالة الإعلام الأسري، وقدمها الدكتور سالم السالم خبير الموارد البشرية، وقدم الدكتور هشام عباس عميد كلية الاتصال بالجامعة القاسمية ورقة عنوانها "تأهيل طالب الإعلام لمراعاة قيم الأسرة في عمله المهني، فيما تحدث من مصر عبر الأون لاين المذيع أحمد رأفت الملقب بمذيع الشارع عن تجربته في برامجه التي قدمها على مواقع التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية، وأدارت الجلسة الإعلامية عائشة عثمان.
بدأ الجلسة د. السالم الذي اختار أن يتحدث عن مملكة بوتان كنموذج للقيم والمبادئ الأسرية، ووصفها بالمنسية على جغرافية المكان، وتمارس عزلتها في هدوء وقناعة، على جبال الهملايا بين الهند والصين، مشيراً إلى أن شعبها هو من أسعد شعوب العالم وأكثرها طمأنينة لأنه أخذ بأسباب التطور وثوراته المعرفية والمعلوماتية، لكنه يستثمر في قيمه وأخلاقه، ويُحوِلها إلى طاقة يومية خلاَّقة، تحفِزه على التعلق بالحياة والإقبال عليها بحب واستمتاع، وتوطِّيد وتعزيز الصلة بين أفراده، مؤكداً أن تلك المملكة هدفها الأول حماية الأسرة وتنمية مواهبها سعياً لبناء مجتمع مسالم ومتواصل مع بعضه.
بدوره أشار د. عباس في ورقته إلى توضيح واقع مساهمة مناهج كليات وأقسام الاتصال والإعلام في الجامعات الإماراتية في دمج مفاهيم الإعلام الأسري في البرامج والخطط الدراسية، بالإضافة إلى تعمقها في مفهوم الإعلام الأسري وفك الارتباط بينه وبين التربية الإعلامية والإعلام التربوي، مشيراً إلى أن تداخل تلك المفاهيم جعل البعض ينظر إلى الإعلام الأسري على أنه جزء من التربية الإعلامية، والبعض الآخر يراه جزء من الإعلام التربوي.
وأكد عباس أن الإعلام الأسري لأهميته يمكن أن يكون فرعاً كاملاً من الإعلام المتخصص، جازماً بأن الإعلام الأسري يواجه تحديات في ممارسته العلمية وفي استثمار الفرص، وأكد على ضرورة إنشاء كليات منفصلة للإعلام الأسري لنصل إلى تجربة جديدة ومتفردة توفر عناصر جديدة في ميدان الإعلام الأسري لم تكن متوافرة من قبل.
وتحدث أحمد رأفت عن تجربته في برامجه الإنسانية التي يقدمها ومنها برنامج مذيع الشارع، وجبر الخواطر عبر قناته على اليوتيوب، مؤكداً أن برنامج مذيع الشارع، أحدث دوياً إنسانياً كبيراً في الشارع، لأنه يحمل معانٍ وقيم ورسائل إنسانية بسيطة من العفة والرضا والقناعة، وخصوصاً برنامج جبر الخواطر، الذي أبكاه وأبكى متابعيه.
ومن ثم قدمت منصة الخبرات جلسة حوارية "بين الإعلام والأسرة"، شارك فيها فهد هيكل، د. أميمة أبو الخير، د. نوال عسكر، بدر الشمري. وأدار الجلسة د. عبد السلام الحمادي، وطرحت الجلسة عدة محاور منها: التحديات والفرص في الممارسة العملية، وعلاقة متخصص وممارس العلوم الأسرية بالإعلام.
وتحدثت د. أبو الخير عن أبرز التحديات التي تواجه المتخصصين في مجال العلوم الأسرية، وكيفية التعامل معها، حيث قالت: لا يمكننا كباحثين وأكاديميين تجاهل المشكلات والتحديات التي تواجهنا، ونحاول أن نبذل جهداً كبيراً لمواجهتها خاصة مع تطور الاتصالات والتكنولوجيا اليوم وانفتاحنا على العالم الخارجي، لذا علينا أن نستثمر كافة المقومات المتاحة ونبذل جهوداً أكبر لتشكيل وعي مجتمعي وأسري قادر على التمييز بين الصواب والخطأ.
كما أكدت على أن الدراسات والأرقام والإحصائيات حول أثر الإعلام السلبي على الأسرة والطفل، تؤكد ضرورة تغيير رسالتنا الإعلامية اليوم، مع ارتفاع نسب الطلاق خاصة بين المتزوجين حديثاً.
وتحدث هيكل عن الفرصة غير المستثمرة حتى الآن من الممارسين في مجال صناعة الوعي وتعزيز القيم الأسرية، حيث قال: ما نحتاجه هو القيم والأخلاق لنرتقي بالمحتوى الإعلامي المقدم مهما اختلفت الوسائل، وهذه القيم تنبع من التلقائية التي تغرس فينا من الأسرة وتحديداً من الأم ومن ثم الأب، فهي تفاصيل مهمة لكن لا يمكننا تعلمها لا من المدارس ولا الجامعات ولا الأسرة، بل هي قيم تغرسها الأم من خلال التربية والمراقبة والاهتمام والقدوة الإيجابية.
كما أشار هيكل إلى أن الإعلام بالأساس مهنة إنسانية ويجب أن يركز في رسالته على هذا الجانب الذي تعتبر الأسرة من أهم محاوره.
وعن دور الإعلام المأمول في الوصول لأُسر متماسكة وآمنة، قال: نحتاج لإعلام هادف موجه قادر على صناعة الوعي، اليوم ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت صناعة الوعي في يد الأفراد، ولنتحكم في الأمر ونتخلص من أي محتوى تافه، علينا أن نعلم أبناءنا كيفية صناعة محتوى أخلاقي هادف، فمع تطور التكنولوجيا اليوم تعتبر الفرص متاحة لكن علينا أن نستفيد منها.
د.نوال عسكر ومن واقع تجربتها كعضو في هيئة التدريس في كلية الإعلام، تحدثت عما يمكن تقديمه للطلبة حتى يقتربون من تناول القيم الأسرية في مجالهم المهني ورسالتهم الموجهة للأسرة، قائلة: يجب أن تكون الرسالة واضحة ومؤثرة كي تصل للمتلقي، عدم الوضوح سيسبب خللاً ولن تصل الرسالة، فالوسيلة مهمة جداً، وعلى الأسر عوضاً من تجاهل أو رفض وسائل التواصل الجديدة أن يستفيدوا منها لتحقيق تواصل أكبر مع الأبناء. عليهم تعليم الأبناء كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومراقبتهم وتوجيههم، لا يمكننا اليوم منع الأبناء من مواكبة التطور والتكنولوجيا والعيب ليس في هذه الوسائل بل في كيفية تعاملنا معها.
بدر الشمري تحدث عن دور الأسرة المهم في التوجيه والدعم، وأشار إلى رفض أسرته في البداية لأن يكون له حساباً خاصاً، وبعد نجاحه تأكدت أسرته أن محتواه جيد ومؤثر بدأت بتشجيعه ودعمه، وقال الشمري: يمكن للمؤثر أن يلعب دوراً قوياً في وصول رسائل مؤثرة للمجتمع والأسر، لذا علينا أن نستثمر المؤثرين القادرين على الوصول لأكبر عدد ممكن من المتابعين.
ومن ثم قدمت المنصة التفاعلية جلسة بعنوان "الشبكات الإخبارية والإعلام الأسري"، شارك فيها عدد من ممثلي الشبكات الإعلامية منها الشارقة للأخبار الإعلامي يمثلها فيصل الحمادي مدير إدارة الإعلام الرقمي بهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، ومن صحيفة رؤية الإمارات المستشار الإعلامي عبد الله الشحي، ومن خلال المنصة الافتراضية شاركت الإعلامية سارة درويش من مؤسسة اليوم السابع، وأدار الجلسة الإعلامي أحمد لوتاه.
حيث قدموا نبذة عن المؤسسة التي ينتمون إليها وآخر منجزاتها، وكذلك سياسة النشر المنفذة في عمل الشبكة وخصوصاً ما يرتبط بالأسرة والطفل، وأيضاً توصيات ومقترحات بشأن زيادة الوعي الأسري من خلال تغطيات ومخرجات الشبكة، و أبرز التحديات والفرص في الممارسة المهنية لأعضاء الشبكة "خصوصاً مع الأخبار المرتبطة بإعلام الأسرة والطفل"، و كيفية مناقشة قضايا الطفل الإماراتي والطفل العربي بعيون الشبكات الإخبارية.
وبدوره أعلن الشحي عن إنشاء منصة متخصصة بشأن الطفل تعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة بالتعاون مع الجهات المعنية بدولة الإمارات العربية المتحدة.
كما قدمت المنصة التأهيلية ورشتي عمل، الأولى صناعة التأثير النفسي في برامج الإعلام الأسري، وقدمها الإعلامي د. سعيد العمودي، ودارت حول تأثير الألوان وحركة الجسد، والثانية بعنوان كيفية إدارة المؤسسات الإعلامية والإنتاج البرامجي، وقدمها الإعلامي محمد غانم وكانت حول أهم الأسس التي تتبعها المؤسسات الإعلامية لتحقيق النجاح.
واختتم الملتقى بجملة من التوصيات هي:
1. توجيه رسالة شكر من المشاركين لقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة؛ سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، على رعايتها للأسرة واهتمامها ببرامج توعيتها وأسباب استقرارها ودعمها لأداء رسالتها وقيم تماسكها.
2. ضرورة بناء منهج للتربية الإعلامية، تبدأ من رياض الأطفال وحتى التخرج من الثانوية العامة بأسلوب جاذب مبني على القيم بطريقة غير مباشرة.
3. تطوير المهارات الرقمية لدى طلاب الجامعة من خلال تعليمهم مهارات الإعلام الأسري، والتطبيقات الرقمية لإنتاج المحتوى الإعلامي المراعي لقيم الأسرة.
4. بناء برامج توعية للأسرة بعدم استغلال الأطفال في مواقع التواصل الاجتماعي بأسلوب لايتناسب مع الخصائص النفسية والنمائية للطفل.
5. بناء هيئة رقابية تعمل كدرع واقٍ من الإعلام السلبي "الرقمي وغيره" الموجه للأسرة والطفل.
6. على الأسرة أن تقوم بواجباتها ومسؤولياتها الكبيرة بحماية أبنائها "أطفالاً ويافعين وشباباً" من هجمات إعلامية مغرضة، ومؤثرة سلباً على العقول والقيم.
7. على الأسرة أن تعيش قيم التماسك الأسرية وتحافظ على العلاقات الودية بينها وبين الأبناء من خلال الاستماع الفعال، وإشغال وقتهم بما ينفعهم ويعزز الرباط الأسري.
8. السيطرة من قبل هيئة الاتصالات على مواقع مضرة بالأسرة خاصة الأطفال واليافعين، والحد منها ومنعها من بث موضوعات تؤثر سلباً على قيم الأسرة والأفراد فيها.