يشكّل التغير المناخي مصدر قلق كبير لصناعة القهوة التي يبلغ حجمها مليارات الدولارات، إذ يتوقع العلماء تراجع بعض المحاصيل التي تلقى رواجاً مثل بن "أرابيكا" وبن "روبوستا"، وفي فيتنام يتنافس مزارعو القهوة على أمل أن يضاهي بن "روبوستا" بنكهته وجودته حبوب "أرابيكا" التي تتربع في الصدارة.
الشارقة 24 – أ ف ب:
قد تكون للبنّ من نوع روبوستا سمعة سيئة، وقد يكون ترتيبه متأخراً في تراتبية القهوة بسبب طعمه المر ولونه الباهت، لكنّ مجموعة من المزارعين في فيتنام أخذوا على عاتقهم ردّ الاعتبار له، إذ أن التغيّر المناخي قد يعيد خلط الأوراق.
وتخلت تران تي بيك نو عن مهنتها الأساسية وهي التصميم الداخلي لتنتقل إلى إنتاج البنّ، مع أنها لم تكن تعرف شيئاً عن هذا المنتج قبل 10 سنوات، عندما كانت تعمل في مدينة هو شي مين.
وباتت تران البالغة 42 عاماً تدير اليوم مزرعتها الخاصة "موري" في مرتفعات فيتنام، حيث تزرع بنّاً من نوع "روبوستا"، تأمل في أن يضاهي يوماً بنكهته وجودته حبوب "أرابيكا" التي تتربع في الصدارة.
وقالت نو وهي في مزرعتها بالقرب من بليكو بوسط فيتنام: "لحبوب البنّ التي تنبث في أرضها رائحة الفاكهة والزهور، ومذاق قوي، لكنه حلو".
وأضافت: "يجب أن يعرف المزارعون الفيتناميون أن من الممكن إضفاء مذاق جيّد على هذه الحبوب".
ويحتوي نوع "روبوستا" الذي لم يكن لزمن طويل يلقى أي اهتمام من شركات القهوة العملاقة على غرار "ستارباكس"، على ضعف كمية الكافيين الموجودة في "أرابيكا" تقريباً، وهو موجود في معظم أنواع القهوة السريعة التحضير، وكذلك في بعض أنواع الإسبريسو.
لكنّ "روبوستا" عالق في حلقة مفرغة تتعلق بالنوعية الرديئة، وفقًا لماريو فرنانديز من جمعية القهوة "سبيشلتي كوفي أسوسييشن".
وشرح ماريو فرنانديز: "أن من المألوف أن تكون حبوب "روبوستا" العادية متعفنة أو غير ناضجة أو مصابة بأضرار شديدة بفعل الحشرات، وبالتالي إذ شُربت القهوة المصنوعة منها من دون أي إضافات، لا يكون مذاقها لذيذاً، ولا أحد يريد أن يدفع أكثر، ولا يوجد حافز لتحسين الجودة".
إلاّ أن لحبوب "روبوستا" مزايا تتفوق بها على منافستها، ومنها أن غلاّتها أكثر وفرة، وأنها أكثر قدرة على تحمّل درجات الحرارة الأعلى.
ويشكّل التغير المناخي مصدر قلق كبير لصناعة القهوة التي يبلغ حجمها مليارات الدولارات، إذ يتوقع العلماء تراجع المحاصيل، وانخفاض مساحات الأراضي الصالح لهذه الزراعة.
وينمو بنّ "أرابيكا" الذي يمثّل نحو 60% من الإنتاج العالمي على المرتفعات في إثيوبيا وجنوب السودان، ويناسبه متوسط حرارة سنوية يبلغ نحو 19 درجة مئوية.
أما "روبوستا"، فيتأثر كغيره بالاحترار المناخي، لكنّه يستطيع تحمل حرارة تصل إلى 23 درجة.
ورأت فام في ديب جيانغ، نائبة المدير العام لـ "ترونغ نغوين" التي تُعَدّ من أكبر شركات القهوة في فيتنام أن انخفاض إنتاج "أرابيكا" على المدى الطويل سيدفع الناس إلى إيجاد مصدر آخر للحصول على القهوة.
وأعلنت الحكومة الفيتنامية في تقرير صدر أخيراً أن البنّ وفّر أربعة مليارات دولار عام 2022، أي بزيادة 32% على أساس سنوي، بسبب النقص في بنّ "أرابيكا" من البرازيل التي تعاني أحوال طقس حادة وقصوى.
وقال المُزارع هوانغ ما هونغ الذي شارك بإنتاجه من بنّ "روبوستا" في معرض بون ما ثووت: "إن القهوة المصنوعة منه أنيقة ومذهلة".
وأضاف هونغ: "أن مفتاح التغيير هو قطف كرز البن يدوياً وفقط عندما ينضج تماماً، كما أنه عضوي بالكامل".