يعيش سكان إسطنبول هاجس وقوع "الزلزال الكبير"، منذ زلزال 6 فبراير الذي وقع على بعد 800 كلم، وتسبب بخوف مستشر في إسطنبول، حيث سينهار 100 ألف مبنى أو ستتضرر بشدة في حال وقوع زلزال بقوة 7.5 درجات، حتى باعتراف بلدية المدينة.
الشارقة 24 – أ ف ب:
يقوم مهندس يرتدي سترة زرقاء ويضع خوذة بيضاء بفحص الخرسانة في مبنى متواضع في منطقة باتشلار في إسطنبول، فخلال يومين سيعرف السكان ما إذا كانت جدران منازلهم معرضة لخطر الانهيار مع أول زلزال.
يقول دورموش أويغون وهو صاحب شقة تقع في الطابق الرابع من المبنى، "لدي ثقة إجمالاً لكن أولادي غير مقتنعين، ولذلك نجري هذا الفحص".
وأضاف: "إذا كان الفحص إيجابياً، فسنتمكن من العيش بسلام، لكن من يعلم أين سنكون حين يضرب الزلزال؟ قد نكون في السوبرماركت أو في مكان عملنا، وهذا ما يخيفنا".
ومنذ أن وقع الزلزال بقوة 7.8 درجات في 6 فبراير والذي أسفر عن أكثر من 48 ألف قتيل في تركيا وخلف خراباً في مناطق بأكملها، اتصل أكثر من 140 ألف شخص ببلدية إسطنبول من أجل فحص مبانيهم.
يجول خمسون فريقاً من المهندسين المدينة ويفحصون نوعية الخرسانة وقطر قضبان البناء، وإذا اعتبروا أن الخطر "مرتفع جداً" فإنه يمكن اتخاذ قرار بهدم المبنى.
وقع زلزال 6 فبراير على بعد 800 كلم من هناك، على فالق بعيد لكن صور المدن المدمرة بكاملها، تسبب بخوف مستشر في إسطنبول حيث سينهار حوالي مئة ألف مبنى أو ستتضرر بشدة في حال وقوع زلزال بقوة 7.5 درجات، حتى باعتراف البلدية.
وتقع بعض أحياء جنوب المدينة على بعد 15 كلم فقط من فالق شمال الأناضول، وقد احتسب خبراء الزلازل احتمال وقوع زلزال بقوة تفوق 7.3 درجات قرب إسطنبول وجاءت النسبة 47% خلال ثلاثين عاماً.
على بعد شارعين من مبنى دورموش اويغون في حي محروم ومكتظ على الجانب الأوروبي من إسطنبول، يبيع علي نزير منذ شهر صافرات للسكان، الذين يتخوفون أن يجدوا أنفسهم في أحد الأيام تحت الأنقاض.
يبيع أوغور اريسوغلو وهو تاجر جملة في إسطنبول بـ 200 ليرة تركية "10 يوروهات" حقيبة حمراء صغيرة مصممة خصيصاً للزلازل، وتحتوي على مصابيح وبطانيات، للبقاء على قيد الحياة ومستلزمات طوارئ، متضمنة "كل ما يمكن أن ينقذ".
ازدادت مبيعاته بشكل كبير ويقول "نبيع منها ألفاً شهرياً منذ الزلزال تلقينا 15 ألف طلبية بينها ثمانية آلاف في إسطنبول".
الخوف من "الزلزال الكبير" المترسخ أحياناً منذ فترة طويلة لدى السكان الذين عاشوا زلزال أغسطس 1999، الذي أوقع أكثر من 17 ألف قتيل في شمال غرب تركيا، بينهم ألف في إسطنبول، يدفع ببعض السكان إلى السعي لنقل مكان سكنهم.
يقول محمد اركيك مدير عام زينغات وهي منصة إعلانات عقارية "هناك طلب قوي للانتقال إلى الأحياء الشمالية من إسطنبول البعيدة أكثر عن خط الفوالق وإلى منازل منفردة".
كما تزايد الطلب للانتقال الى مدن مثل أدرنة وقرقلريلي الواقعة على بعد نحو 200 كلم عن شمال غرب إسطنبول، والبعيدة عن هزات محتملة.
تستقبل نيل آكات وهي طبيبة نفسية مرضى أيضاً "يخططون للانتقال من إسطنبول".
تقول "لم يعد كثيرون يشعرون بالأمان في منازلهم، إنهم في حالة تأهب دائمة، في الشارع يختارون الجانب الآمن من الرصيف تحسباً لاحتمال انهيار مبنى".
تحدثت الطبيبة النفسية مع زملائها عن هذا الأمر، وتقول "قسم من مرضانا لم يعد قادراً على التفكير بطريقة عقلانية".
تضيف أن هذا الخوف يمكن أن يسيطر على "الجميع"، بدون تفرقة "بين عمر معين أو طبقة اجتماعية".
تفكر جيزل اكتيمور في مغادرة إسطنبول منذ فترة طويلة لكن زلزال 6 فبراير حول هذه الرغبة إلى "أولوية".
تقيم هذه الثلاثينية في الطابق الـ 12 من برج، وتتمتع بمنظر خلاب من شقتها.
هي تفضل عدم تصور مشاهد الدمار التي ستشهدها في حال وقوع زلزال قوي قائلة "حتى لو لم يحصل شيء للمبنى الذي أقيم فيه، فلن أتمكن بدون شك من تحمل ما سأراه".