الشارقة 24:
شهدت مدينة خورفكان "عروس الساحل الشرقي"، ختام فعاليات الدورة الـ 19 من مهرجان الشارقة للشعر العربي، في أمسية شعرية أقيمت بالمجلس الأدبي، بحضور الأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة المنسق العام للمهرجان، ومحمد البريكي مدير بيت الشعر، وكوكبة من ضيوف المهرجان ومحبي الشعر.
شارك في الأمسية الشعراء: حازم مبروك "مصر"، وخديجة السعيدي" المغرب"، وسعود اليوسف "السعودية"، وناهدة شبيب "سوريا"، وعصام البخيت "السودان"، وحسن قطوسة "فلسطين"، وخالد بودريف المغرب"، فيما قدمت الأمسية الإعلامية السودانية د.جيهان إلياس.
وجاءت قصائد الشعراء المشاركين كنقوش الفسيفساء التي تجتمع لتصنع صورةً مضيئةً من الدهشة والجمال من خلال مواضيعها المتنوعة التي تلفت انتباه الأرواح بحضورها الشفيف، وتترك بصمتها الخالدة بصورها المشغولة بفنٍّ وإبداع.
انحياز للحب
افتتح حازم مبروك دهشة المنصة ليعانق نبض الجمهور بقصيدة حملت عنوان "المنحاز للحبّ"، فالمعنى يورق بين نصوص مبروك تاركاً خلفه صداه المتخمِ بملامح الحقيقة، فنجده يوقد للعشق سراجاً لا ينطفئ، لتشظى القصيدة على عتبات الشوق، فيقول:
لأنني لا أبيعُ الشكَّ بالحُجَجِ
سلكتُ في الحبِّ دربًا غيرَ ذي عِوَجِ
وما تلَفَّتُّ في أيِّ الجهاتِ صدًى
فكلُّهُمْ أَوْقَدُوا للعشقِ مِنْ سُرُجي
بهاء الشارقة
أطلت خديجة السعيدي لتنسجَ من وهجِ الوفاء غيمات من الانبهار، والعرفان تسّاقطُ غيثاً من يروي القلوب العطشى، وكان الشعر مثل نجمةً لا يأفل بهاؤها، فراحت تشدو للشارقة:
وأتيتُها من عنفوان الأرض بي
صمتُ الجلالةِ والكنايةُ ناطقهْ
والشعر يسألني بملءِ مجازه
"ما الساعةُ الآنَ؟" احتضنتُ دقائقَه
قلت: "الرّؤى لغةٌ وقلبي طفلها
ويدقُّ حبًّا في تمام الشارقة"
حوار الذات
فيما جاءت قصائد سعود اليوسف موشَّحةً بالحزن والألم، غارقةٌ في تيه اللحظة، لنرى الشاعر يقف على أبواب الماضي حاملاً ظله الحزين معلّقاً على جدار الخوف رؤىً مختلفة، يقول:
من جوادي ما لي سوى الكبواتِ
ومنَ الدّربِ ليس غيرُ الشّتاتِ
غيرَ ظِلّي لم أَلْقَ لي من رفيقٍ
وبِظِلّي تعثّرتْ خطواتي
وتخلّى حتى ظلاليَ عنَي
يا لَظِلٍّ لم يحتملْ عَثَراتي
ضاربٌ في خرائطِ التّيهِ ماضٍ
ما امتطى غيرَ صهوةِ الخيباتِ
صوت الحزن
واتّشحت قصائد ناهد شبيب أيضاً بصوت الحزن، وإذ تدنو تارةً من مرايا الحنين فإنها تهرول تارةً أخرى من خوفها الداخلي، فكانت لغتها تعكس أنين السنين ما بين الأبيات في مشهديةٍ عالية، وتقول:
ألا يا طير بلّغ لو سلاما
تجودُ بهِ عليَّ ببعضِ فضلِ
لعلَّ السّقم يشفى والليالي
تطرُّز جَفْنَها الدّامي بكُحْلِ
ملامح الحكمة
فيما توهجت قصائد عصام البخيت بلغةٍ تُحاكي الحكمة، وكأن الشاعر في بحث دائم عن ربيع العمر المطرز بالأماني، يقول:
معاً يا صبح أحلامي سنبقى
نغالِبُ حظّنا جلداً وصبرا
معاً للفجر نخطو والليالي
نجوزُ صِعابها جسراً فجسرا
تطوافٌ بالوطن
قرأ حسن قطوسة نصوصاً طافت في وطنه فلسطين، وكلما اجتثته يد الغريب، هدهد لوعة حرفه ببريدِ الأمل المعنونِ بالصبر، يقول:
وقفتُ وبي من التاريخ نهرٌ
يفيض بهدأةٍ والروح تغلي
وأيقظتُ الحصى وصغارَ بيتي
ومن تاهوا بأرض الله قبلي
أحاول رجعةً فأحثُّ شمسي
لتوغلَ في الصباح بثوبِ حقلي
خرائط العمر
واختتمت الأمسية بقراءات خالد بودريف، الذي جسدت نصوصه مشاعر الوحدة، حيث يرسم ملامح عزلته وغربته على خريطة العمر المهرول نحو الغياب، فيقول:
تُؤَكِّدُ الأَرْضُ لي أنّي هُنَا وَحْدِي
وَأَنَّ مَنْ هُمْ مَعِي لَمْ يَعْرِفُوا قَصْدِي
أنَا الغَرِيبُ وَسِرُّ الوَقْتِ في بَدَني
وَالوَقْتُ يَرْكُضُ مَصْلُوبًا عَلى الجِلْدِ
كَتَبْتُ أَلْفَ طَريقٍ فَوْقَ خَارِطَتي
حَتَّى امْتَلأْتُ بِهَا في غَمْرَةِ العَدِّ
وفي ختام الأمسية، كرم الاستاذ محمد إبراهيم القصير الشعراء المشاركين في الأمسية والإعلاميين وضيوف المهرجان.