الشارقة 24:
على مدار تسعة أيام متواصلة، حوّلت إمارة الشارقة، معرض جوادالاهارا الدولي للكتاب، إلى احتفالية عالمية بالثقافة الإماراتية والعربية، فعلى امتداد أجنحة المعرض رُفع علم الإمارات، وعلى كبرى اللوحات الإعلانية برزت أسماء وصوّر الأدباء والمبدعين والفنانين الإماراتيين والعرب، إذ تصّدر جناح الإمارة "ضيف شرف الدورة الـ36 من المعرض"، الأجنحة المشاركة على البوابة الرئيسة لإكسبو المدينة، ليفتح أمام الزوار عالماً على الأدب العربي، وجماليات الخط، والموسيقى، والتراث.
واكتظ جناح الإمارة، بزوار برنامج الشارقة الثقافة وأنشطته وفعالياته، إذ تجاوز عدد زوار الجناح 500 ألف زائر من أصل 850 ألف زاروا المعرض خلال أيام انعقاده، فمن طوابير المصطفين للحصول على أسمائهم اللاتينية المكتوبة بالخط العربي، إلى جمهور الندوات، والمتجمهرين على أنغام الموسيقى العربية، وصولاً إلى مئات المصطفين لتجريب ارتداء الملابس التقليدية الإماراتية من الرجال والنساء، والراغبين في التعرف على طقوس التطريز، والنسيج، وفنون الحناء صناعة البخور.
وشهدت الإصدارات العربية المترجمة إلى اللغة الإسبانية، التي قدمتها هيئة الشارقة للكتاب لنخبة من الأدباء والكتاب الإماراتيين والعرب، اقبالاً كبيراً من جمهور القراء المكسيكيين والناطقين بالإسبانية، حيث اقتنوا 4500 كتاب، كان من أكثرها مبيعاً كتابي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المترجم إلى الإسبانية عن منشورات "القاسمي"، "محاكم التفتيش.. تحقيق لثلاثة وعشرين ملفاً لقضايا ضد المسلمين في الأندلس"، و"إني أدين".
ونجحت الشارقة، في تقديم راهن صناعة السينما الإماراتية والعربية للجمهور المكسيكي، حيث عرضت "فيلم خورفكان" بترجمة إسبانية في اثنتين من كبرى صالات السينما في مدينة جوادالاهارا، وحقق الفيلم نسبة مشاهدة عالية، إذ نفدت تذاكره بتواريخ أيام عرضه كاملة، وأشادت الصحافة الفنية المكسيكية بقوة حكايته، وجماليات إخراجه، وأداء أبطاله من النجوم العرب والإماراتيين.
جمهور من الكبار والصغار، لفتهم جناح الشارقة الذي جاء أشبه بصف من الكتب الضخمة المزينة بألوان علم الإمارات، وكانت زيارتهم لجناح الإمارة رحلة بين أرجاء المشروع الثقافي الذي تقوده إمارة الشارقة بتوجيهات ورؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث مثل رسالة سموه ورؤيته في المعرض، 23 مؤسسة ثقافية وتراثية وأكاديمية، بمشاركة أكثر من 200 شخص، قدمت كل منها أبرز إصداراتها ومبادراتها في مجال الأدب، والترجمة، والفن، والمكتبات، وحماية التراث، تحت إشراف هيئة الشارقة للكتاب.
وحول ختام مشاركة الشارقة في المعرض، أوضح الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة، أنه خلال فعاليات الاحتفاء بإمارة الشارقة ضيف شرف الدورة الـ36 من معرض المكسيك الدولي للكتاب، لمسنا تعطش المكسيكيين ورغبتهم الكبيرة في التعرف على الثقافة العربية، ومد جسور التواصل معها، وهذا ما يحملنا مؤسسات وأفراد مسؤولية أن نمضي على خطى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في ما يقوده من جهود، ونستكمل ما يفتحه أمام العالم العربي من فرص لتقديم القيم النبيلة والأصيلة لهويتنا وحضارتنا في العالم.
وأضاف الشيخ فاهم القاسمي رئيس وفد الشارقة المشارك، أن الأمم والحضارات لا تقدر نظيرتها وتحتفي بها، إلا بمعرفة الجوانب المشرقة من تاريخها وراهنها، و"ما تقدمه دولة الإمارات ومشروع الشارقة الحضاري اليوم يمثل نموذجاً نفخر أننا أبناؤه، وأننا نضيف منجزات جديدة من خلاله باسم الثقافة العربية إلى مسيرة المنجزات الإنسانية"، وتابع أن المكسيك وغيرها من بلدان أميركا اللاتينية تشترك مع العرب بقيم أصيلة عديدة، وهو ما يسهل الطريق أمامنا لبناء جسور تواصل مثمرة وفاعلة تخدم كلا الثقافتين ومجتمعاتها.
وأكد الشيخ فاهم القاسمي، أن قوة العلاقات بين البلدان تختبرها التحديات التي يمر بها العالم، وهذا ما أثبتته عامان من جائحة كورونا، وأن تعميق علاقة دولة الإمارات وإمارة الشارقة مع دول ومدن العالم يعني قدرة أكبر وخيارات أوسع للوصول إلى التطلعات التي تضعها الدولة في مشروعها التنموي الشامل، لافتاً إلى أن ما تجنيه إمارة الشارقة على المستوى الثقافي من توسيع لقواعد المعلومات وتسهيل الوصول إلى مصادر المعرفة واستثمار في القطاع الأكاديمي، له انعكاسات مباشرة على كافة القطاعات الحيوية للإمارات، وثماره لا تحصد بعام أو اثنين، وإنما يظهر حجمها وأثرها باستدامة التواصل والحوار والتقارب عبر السنوات.
بدوره، أكد سعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب قائلاً: خلال تسعة أيام كانت فيها الشارقة ضيف شرف معرض جوادالاهارا الدولي للكتاب، كنا نعيش على أرض الواقع رؤية صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي آمن بأن الأدب والفن والمعرفة مساحة رحبة لتلتقي شعوب وحضارات العالم وتكتشف كم هي متقاربة ومتشابهة، فرغم أن بيننا وبين المكسيك قارات ومحيطات، إلا أننا لمسنا ما يجمعنا من قيم وتاريخ وذاكرة، وقبل ذلك كله لغة، فكنا نسمع خلال الحديث مع جمهور المعرض مفردات لغتنا تمر ضمن الحديث الإسباني.
وأضاف العامري، أردنا من خلال حضور الشارقة في المعرض، أن نفتح أمام المكسيك نافذة للتعرف عن قرب وبصورة حيّة على الثقافة الإماراتية والعربية، فكنا نحرص على تقديم حراك النشر، والتأليف، وواقع الاهتمام بالتراث، والمكتبات، والآثار، وغيرها من أبعاد صناعة المعرفة والثقافة، وعرضنا أهم المبادرات والمشاريع التي تمضي بها الشارقة، لتكون بذلك فرصة أمام المؤسسات المكسيكية لتوسيع أفق التعاون والعمل المشترك مع نظيرتها الإماراتية، ونحن اليوم فخورون بما تحقق للثقافة الإماراتية في واحد من أبرز معارض الكتب في العالم، فعلم الدولة زيّن جدران المعرض، وكتابنا وأدباؤنا استقبلتهم مدارس وجامعات المكسيك بحفاوة كبيرة، وكان كل حدث وفعالية هو تجسيد فاعل لمعنى الحوار وقيمته وأثره، فمبارك لصاحب السمو حاكم الشارقة هذا الاحتفاء العالمي بمشروع الشارقة الحضاري الكبير، ومبارك لدولة الإمارات هذا الحضور العالمي والاحتفاء اللاتيني بتاريخها وراهنها.
وكانت خولة المجيني، قدمت في الحفل الختامي للمعرض، كلمة قالت فيها: لمسنا خلال مشاهداتنا اليومية في المعرض، قوة الروابط التي تجمع مدننا، فقد حققنا إنجازاً كبيراً في المساهمة بمد جسور الحوار والتفاهم بين الشعبين الإماراتي والمكسيكي بشكل أكبر، من خلال تبادل التجارب والخبرات، والرؤى الإبداعية حول صناعة النشر، وإيماننا بقوة الكتاب، وشغفنا بالكلمة المكتوبة.
وأضافت المجيني، كان شرفاً كبيراً لنا أن نقدم نخبة من شخصياتنا الأدبية والثقافية من قادة الفكر، والعاملين في صناعة النشر، والفنانين، لجمهور الثقافة في جوادالاهارا، فقد جمع برنامج الشارقة 24 كاتباً ومبدعاً إماراتياً وعربياً، شاركوا في 25 جلسة.
وفي ختام الحفل، سلمت الشارقة لقب ضيف الشرف للاتحاد الأوروبي "ضيف شرف معرض جوادالاهارا 2023"، حيث قدمت خولة المجيني هدية لممثل الاتحاد، تمثل دلة قهوة تراثية وفناجين مصنوعة من البورسلان والفضة، جاءت من "تصاميم هند" للشيخة هند القاسمي.
وإلى جانب البرنامج الثقافي، نظمت الهيئة 15 عرضاً تراثياً في الجناح و5 عروض على مسرح المعرض الرئيس، بالإضافة إلى تنظيم سلسلة جولات للكتاب والمبدعين الإماراتيين على المدارس المكسيكية، وعدد من المعارض في مدينة جوادالاهارا.