سلط معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الـ41، خلال جلسة حوارية بعنوان "بين المحرر والمؤلف"، الضوء على الأهمية البالغة التي يلعبها المحرر في تطوير الأدب وسوق النشر، بصورة لا تتعارض مع عمل الكتاب والمؤلفين، مستعرضاً الفروق في مهام المحررين، بالمقارنة مع عمل الكتاب.
الشارقة 24:
أكد المتحدثون، في جلسة حوارية بعنوان "بين المحرر والمؤلف"، الأهمية البالغة التي يلعبها المحرر في تطوير المجال الأدبي وسوق النشر، بصورة لا تتعارض مع عمل الكتاب والمؤلفين، مستعرضين الفروق في مهام المحررين، بالمقارنة مع عمل الكاتب، والعلاقة بينهما في دور النشر العربية، وقرينتها من المؤسسات في الولايات المتحدة الأميركية.
جاء ذلك، ضمن فعاليات اليوم الثالث من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي افتتح دورته الـ41 تحت شعار "كلمة للعالم"، مستضيفاً العديد من الكتاب والعاملين في صناعة النشر حول العالم، الذين شارك منهم في هذه الندوة كلاً من القاص والروائي التونسي محمد عيسى المؤدب، والكاتب الأميركي نيل ستراوس، والمحررة الأدبية الأميركية كاري ثرونتون.
وبدأ الجلسة، الكاتب التونسي الحائز على جائزة الكومار الذهبي للرواية العربية 2017 عن روايته الأولى "جهاد ناعم"، مشيراً إلى غياب العلاقة الوثيقة بين الكاتب العربي والمحرر، في مقابل علاقة تقليدية قائمة بصورة أكبر بينه وبين الناشر، رغم الأهمية البالغة التي تتطلب وجود المحرر للارتقاء بصناعة الكتاب وإخراجه بأحسن صورة.
وأوضح الكاتب الأميركي نيل ستراوس، أهمية العلاقة بين الكُتاب والمحررين الأدبيين في بلاده، من منطلق كونه من أكثر الكتاب مبيعاً في الولايات المتحدة، بجانب عمله كمحرر في صحيفة نيويورك تايمز، ومجلة رولينج ستونز، وأن تعامله مع محرريه كمعلمين كان النقد الذي اكتسبه منهم هو ما أكسبه خبرة أكبر في أن يصبح كاتباً أفضل، بصورة تفوق المعرفة التي اكتسبها من مقاعد الدراسة.
واسترسل ستراوس قائلاً: إن السبب الوحيد لكوني كاتباً لائقاً، هو أنه كان لدي محررين جيدين وأعتقد أن هذا ينطبق على أي شيء تفعله في الحياة، إذا أنتجت شيئًا ما في فراغ دون أن يخبرك أحد بكيفية تحسينه، فلن نتمكن من التحسن.
من جانبها، شاركت كاري ثورنتون، نائبة الرئيس في دار دي ستريت بوكس، تجربتها الطويلة كمحررة أدبية، ساهمت في وصول أكثر من خمسين عنواناً لقائمة النيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً، مشيرة إلى الأهمية التي يكتسبها اضطلاع المحرر على المسودات الأولى للنصوص بوصفه القارئ الأول لأي كتاب، ما يجعله عين دار النشر التي تنظر للكتاب من منظور القارئ، واصفة مدى الحميمية التي يوفرها لها عملها مع الكتاب، والتحدث باسمهم لإنجاح الكتاب.
ووصفت ثورنتون، علاقتها بالكتاب بكونها متعددة الجوانب، فهي صديقة لكتابها، ومرشدة ومستشارة لهم، بل تلعب دور المعالجة النفسية معهم في بعض الأحيان، والأمر الذي يكتسب ضرورة أكبر عند عملها على السير الذاتية، التي تجبرها على الاقتراب أكثر من حياة كتابها، في وظيفة أساسية لنجاح أي كتاب، تجمع بين التسويق والفن.
واتفق المتحدثون، على ضرورة الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لفهم ذائقة القراء وتعليقاتهم عن الكتب، مشيرين إلى الدور الذي تلعبه منصات كتطبيق تيك توك، الذي بات منصة لليافعين والشباب للترويج لكتبهم المفضلة، كما علقت ثورنتون قائلة: إن أي شيء يجعل اليافعين راغبين في القراءة هو أمر جيد، ونحن كناشرين نرى ما يعجبهم ونتساءل عما يمكننا فعله لمخاطبة هذا الجمهور، لخلق قاعدة معجبين للكتاب وكأنهم مؤثرون على مواقع التواصل.
وختم الكاتب محمد المؤدب مشاركات المتحدثين في الجلسة بقوله: هنالك خلط بين دور المحرر الأدبي والمدقق اللغوي، وهذا خطأ، موضحاً الفرق بين مسؤولية المحرر في إبراز القصور على المستوى البناء الأدبي للنص، وبين الوظيفة النهائية للمدقق المقتصرة على القواعد الإملائية والنحوية، فيما شدد على أن تطور الكتاب العربي مرهون بالتعامل مع القارئ بوصفه ذكي وصعب الإقناع، الأمر الذي لا يمكن أن يستقيم دون وجود علاقة راسخة ومنظمة بين الكاتب والمحرر.