يهدد ارتفاع مستوى البحر، باختفاء قرية فيربورن الويلزية الصغيرة، وفيما تماطل السلطات، باتخاذ إجراءات لمواجهة مخاوف السكان، قد يصبح هؤلاء أول لاجئين يتركون منطقتهم بسبب المناخ في المملكة المتحدة، التي تستعد بصورة متزايدة للعواقب الناجمة عن التغير المناخي.
الشارقة 24 – أ ف ب:
تقرّ جورجينا سولت، بأنّها تشعر بقشعريرة عندما تتنزه ليلاً برفقة كلبها، ويكون الطقس متقلباً أحياناً بمجرّد التفكير بهشاشة قريتها الويلزية الصغيرة المهددة بالزوال نتيجة ارتفاع مستوى البحر المحيط بها.
إلا أنّ سولت، وعلى غرار معظم سكان فيربورن، وهي منطقة محاطة بمصب وبحر إيرلندا ومنطقة سنودونيا الجبلية في شمال غرب ويلز، تحاول في الفترات الأخرى أن تخفف من القلق الذي ينتابها نتيجة ارتفاع مستوى البحر الذي يهدد قريتها بالاختفاء.
واتُخذ قبل عشر سنوات، قرار يقضي بنقل موقع القرية بحلول منتصف القرن الحالي.
وفيما تماطل السلطات، في اتخاذ إجراءات لمواجهة مخاوف السكان، قد يصبح هؤلاء أول "لاجئين يتركون منطقتهم بسبب المناخ" في المملكة المتحدة، التي تستعد بصورة متزايدة للعواقب الناجمة عن التغير المناخي، بعدما شهدت صيفاً اتسم بالجفاف وتسجيل درجات حرارة قياسية.
وأشار خبراء الأرصاد الجوية في يوليو الماضي، إلى أن مستوى المياه المحيطة بالمملكة المتحدة، يرتفع بوتيرة أسرع بكثير مما كانت عليه قبل قرن، فيما حذرت وكالة البيئة، من أنّ المجتمعات التي تعيش بمحاذاة البحر، لا يمكنها البقاء مستقرةً في مكانها.
وسنة 2013، تبنّى مجلس غويند الذي تتبع له فيربورن، وهي قرية أسسها تاجر طحين في أواخر ثمانينات القرن الفائت وتضم حالياً 900 نسمة، مقترحات من شأنها أن تضع حدّاً لصيانة الحواجز المائية في القرية، واتخذ قراراً بنقل السكان منها في غضون أربعين إلى خمسين سنة.
وفي العام التالي، اعتبر البرلمان المحلي، أنّ القرية معرضة لخطر فيضانات كارثية، ووُضعت بنتيجة ذلك خطة تقضي بنقل موقع القرية بحلول سنة 2054.
وأصبحت فيربورن تالياً، أول قرية بريطانية تلقى هذا الحكم المصيري، مع أنها لم تشهد فيضانات كبيرة منذ عقود، إلا أن جورجينا سولت، وهي أحد أعضاء المجلس البلدي، تعتبر أنّ قرار السلطات المحلية آنذاك كان سابقاً لأوانه واتُخذ من دون إحراء استشارات في شأنه.
وتوضح سولت، أنّ المشكلة الأكبر تكمن في أنهم حددوا موعداً معيناً، لتغيير موقع القرية، مضيفةً نحاول إقناعهم في أن يكونوا مرنين أكثر في قرارهم.
وتشهد فيربورن، انخفاضاً في معدل بيع العقارات التي تقلصت قيمتها أيضاً، فيما يجد المشترون المحتملون أنفسهم عاجزين عن الحصول على قروض سكنية.
وفي الوقت نفسه، يتعرض مجلس غويند لانتقادات نتيجة عدم توفيره تفاصيل في شأن خطط تغيير موقع القرية، وهو ما يثير إحباط السكان المحليين بصورة متزايدة، إذ لا يفهمون السبب الكامن وراء معاملتهم بشكل مختلف في حين لم يُتخذ القرار نفسه في حق قرية بارماوث الواقعة على الجانب الثاني من المصب.
وتوضح المتقاعدة أنجيلا توماس آسفةً، أنه لم يتم إعلامنا بالمكان الذي سننتقل إليه، وكيف سيجد السكان وظائف فيه؟، مؤكدةً أنّ السكان يعيشون في ظل سيف مسلّط فوق رؤوسهم.
ويضيف ستيوارت إيفز، وهو عضو آخر في المجلس البلدي ويتولى إدارة مخيّم في فيربورن، أنه لا يمكن تحديد مصير قرية قبل 40 سنة وعدم امتلاك أي خطة في شأنها.
ويعزز هذا الوضع، إيمان السكان بانّ نظريات مؤامرة تُشنّ ضدهم، إذ تشير سولت إلى اقتناعهم بأن القرية مستهدفة، لأنّها تضم أفراداً إنكليزيين في الأساس داخل أرض تابعة لويلز.
وبعد عشر سنوات سادتها الشكوك، بدأت الحكومة الويلزية أخيراً إعادة النظر في المسألة، إذ لا يبدو أنّ الموعد المتمثل بسنة 2054 سيكون ثابتاً، على ما يؤكد السكان.
وكُلّف عدد من الخبراء إعادة دراسة الملف مجدداً، وإعداد تقرير جديد من شأنه إظهار أن الخطة الرئيسية لم تأخذ في الاعتبار حركة الشاطئ الطبيعية ولا تكلفة نقل القرية.
وأكد ناطق باسم الحكومة الويلزية التي يقودها حزب العمال، أنّ قرار مجلس غويند لا يعني بالضرورة أن التمويل الخاص بمكافحة الفيضانات سيتوقف سنة 2054.
وأوضح ناطق باسم هيئة "ناتشورال ريسورسز ويلز" الحكومية التي تتولى إدارة الحواجز المائية، ما دمنا نملك التمويل اللازم، سنواصل تقييم أنظمة مكافحة الفيضانات في القرية وصيانتها.
ويعطي هذا التصريح، بعض الأمل للسكان، فيما يفتح المجال لإتمام بعض عمليات بيع العقارات وانتقال السكان الجدد إلى القرية.
ويبرز من بين هؤلاء الشاب مايك أوين، الذي غادر شمال غرب إنكلترا، واستقر في القرية مع والديه بسبب أسعار السكن المقبولة فيها، فضلاً عن طبيعتها الخلابة، ويؤكد لا يمكنني أن أستوعب أنّ موقع القرية سيتغيّر.