استعرض مجمع اللغة العربية بالشارقة خلال مشاركته في الدورة الـ 21 من "معرض عَمّان الدولي للكتاب"، الذي يستمر حتى العاشر من الشهر الجاري، دور المعجم التاريخي للغة العربية في بلورة علم المصطلحات في شتّى الفنون والعلوم.
الشارقة 24:
شارك مجمع اللغة العربية بالشارقة في الدورة الـ 21 من "معرض عَمّان الدولي للكتاب"، الذي يستمر حتى العاشر من الشهر الجاري، في ندوة حوارية ضمن فعاليات المعرض، نظّمها المجمع الأردني للغة العربية تحت عنوان "المعجم التاريخي للغة العربية: تحدّيات وحلول".
وتحدث الدكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة، والمدير التنفيذي لمشروع المعجم التاريخي للغة العربية، والدكتور مأمون وجيه، المدير العلمي لمشروع المعجم، في الندوة التي أدارها الدكتور محمد السعودي، أمين عام المجمع الأردني للغة العربية.
وسلطت الندوة أضواء على دور المعجم التاريخي للغة العربية في بلورة علم المصطلحات في شتّى الفنون والعلوم، والفوائد والمقاصد التي يحقّقها المعجم ومراحل إعداده وعدد العاملين فيه من باحثين وخبراء، وأهمّ التّحدّيات التي برزت في مسيرة العمل والحلول التي تم اقتراحها لتذليل الصّعوبات وفق خطة زمنية لاستكمال إنجاز المعجم التاريخي الذي أُنجز منه سبعة عشر مجلّداً للحروف الخمسة الأولى من أحرف اللغة العربيّة.
وبيّن الدكتور امحمد صافي المستغانمي، أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة والمدير التنفيذي لمشروع المعجم التاريخي، الدور الكبير للدعم الذي يوليه صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لمشروع المعجم وأثره في سير العمل بهمّة كبيرة، إضافةً إلى حماس المشاركين في إعداد المعجم انطلاقا من إدراكهم لما يمثله من قيمة حضارية وعلمية وضرورة تاريخيّة؛ لأنه سيكون ديواناً لألفاظ الأمّة وتعابيرها، وديوانا لأشعارها ونصوصها الأدبيّة واللغوية، وسجلاّ لتاريخها العريق المجيد.
وأشار أمين عام مجمع اللغة العربية بالشارقة إلى أن المعجم يغطي مختلف عصور اللغة العربية ويفيد الباحثين في معرفة الكلمات والعبارات التي كانت رائجة في كل عصر وكانت توظف في كلام العرب اليومي وفي إبداعاتهم الأدبية من شعر ونثر في مختلف حقول التأليف.
واستطرد الدكتور المستغانمي متحدثاً حول مزايا اللغة العربية وخصائصها، لافتاً إلى أنها تمتلك من المميزات ما يجعلها تحتل مكانة مرموقة بين اللغات العالمية لما تتمتع به لغة الضاد من تقنيات وخصائص توليد المفردات واشتقاق المعاني والألفاظ، بالإضافة إلى مرونتها وتنوع أوزانها وصيغها وقدرتها على التطور ومواكبة مستجدات العلوم الحديثة.
وفي سياق تقديمه للندوة، أشاد الدكتور محمد السعودي، أمين عام المجمع الأردني للغة العربية، بمبادرة ومتابعة صاحب السّمو حاكم الشارقة لسير مراحل إعداد مشروع المعجم التاريخي للغة العربية، مشيراً إلى أن هذا المعجم سيصبح بعد استكماله مرجعاً لعشّاق اللغة العربية والراغبين في التعمق في فنونها وتراثها وجذورها التراثية الغنية، وقد أصبح فعليا واقعا بعد عقود من التّنظير والتّسويف.
وبدوره، تحدث الدكتور مأمون وجيه حول مزايا المعجم العديدة، وأبرزها رصده لتاريخ الكلمات العربية وتتبعه لميلاد الألفاظ من خلال البحث في مراجع تشمل أقدم النصوص، ومنها تلك التي وردت في النقوش العربية القديمة الجنوبية المكتوبة بالخط المسند، والنقوش الشمالية الثمودية، حيث يتتبع المعجم استعمالات الألفاظ القديمة وتطور دلالاتها وما طرأ عليها في جميع العصور، وكذا يحفل المعجم بنظرات مقارنة بين اللفظ العربيّ ونظائره في الساميات مع ضرب أمثلة وشواهد لذلك.
وأشار إلى أن المعجم يمثل ضرورة حضارية لخدمة لغة الأمة وذاكرتها وضرورة لغويّة لأنّه يتتبع ألفاظ العربيّة المستعملة منذ نشأتها الأولى إلى الوقت الحاضر، وضرورة تاريخية، لأنه يؤرّخ لأحداث الأمة العربية في مختلف عصورها، منذ عصر النقوش القديمة على جدران الكهوف والجبال والمغارات مروراً بالعصر الجاهلي حتى عصر التدوين وكتابة العلوم وتوثيق الفنون والآداب والمعارف التي أثرت لغة الضاد ومفرداتها.
وتطرق المتحدثون في الندوة إلى 4 تحديات ضمن مشروع المعجم التاريخي للغة العربية، تتمثل في كيفية الإحاطة بمخزون التراث العربي، وتحدي الاستفادة من الجانب التّكنولوجي الذي تم من خلال توثيق المراجع التي يعتمد عليها المعجم في مدوّنة لغوية تحتوي على أكثر من مليار كلمة، يسهل على الباحثين العاملين في إنجاز المعجم البحث فيها وفق منهج التحرير المعجمي.
وأشار المتحدثون أيضاً إلى تحدي التكلفة المالية الكبيرة للمشروع والتي تم تجاوزها بفضل رعاية صاحب السمو حاكم الشارقة، للمشروع، وأخيراً تحدي توحيد الجهود من خلال التنسيق بين المجامع اللغوية العربيّة وجمع كلمتها في الشارقة ومصر والأردن وسوريا والجزائر وتونس والسودان وموريتانيا والمملكة السعودية وليبيا، وتشكيل فريق من اللغويين في العالم العربي والإسلامي، للقيام بمهمة التحرير المعجمي التي تسير بصورة منظمة وفقا لخطة العمل والمنهج المرسوم لها.