يخشى أبناء مجموعة رابا نوي للسكان الأصليين في جزيرة الفصح المعزولة في وسط المحيط الهادئ على بعد 3500 كيلومتر من ساحل تشيلي، عودة النشاط السياحي إلى مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، حيث ساهمت القيود الصحية وإجراءات الإغلاق قبل عامين، في الحفاظ على نمط الحياة المتوارث عن أسلافهم.
الشارقة 24 – أ ف ب:
صمد سكان جزيرة الفصح عامين، من دون إيرادات قطاع السياحة الجماعية، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، لكن فيما لا يزال الزوار مرحّباً بهم، يرغب أبناء مجموعة رابا نوي للسكان الأصليين في الحفاظ على نمط الحياة المتوارث عن أسلافهم، بعدما استعادوه بفعل القيود الصحية، والتصدي لمحاولات إعادة الوضع إلى ما كان عليه.
وأوضح خوليو هوتوس، العضو في مجلس حكماء هذه الجزيرة المعزولة في وسط المحيط الهادئ على بعد 3500 كيلومتر من ساحل تشيلي والمعروفة عالمياً بتماثيل مواي الضخمة، لقد حانت اللحظة التي تنبأ بها أسلافنا، وأضاف أصر شيوخ شعب رابا نوي على أهمية ضمان استقلالية الغذاء في الجزيرة.
هذا التحذير كان له صدى على الأجيال الجديدة، فبين ليلة وضحاها في مارس 2020، قطع السكان الدائمون البالغ عددهم سبعة آلاف نسمة في هذه الجزيرة الممتدة على طول 24 كيلومتراً وعرض 12 كيلومتراً، كل الروابط الجوية مع العالم الخارجي لحماية أنفسهم من فيروس كورونا.
واعتادت أولغا إيكاباكاراتي، بيع نسخ مصغرة عن تماثيل مواي الضخمة للسياح، لكنها اضطرت للعودة إلى أنشطة أسلافها وزراعة الأرض، وأوضحت وجدنا أنفسنا بلا شيء لذا بدأنا البستنة، حول المنزل الخشبي وسقفه المصنوع من الصفيح.
من أجل تلبية احتياجات السكان، أنشأت بلدية جزيرة الفصح على وجه السرعة، برنامجاً لتوزيع البذور، وزرعت أولغا الطماطم والسبانخ والشمندر والسلق والكرفس، وكذلك الأعشاب كالريحان والأوريغانو والكزبرة.
وما لم تكن تستهلكه، أعطته أولغا لعائلات أخرى تقاسمت بدورها حصادها مع آخرين، ما أدى إلى نشوء شبكة واسعة من المساعدة المتبادلة.
وأضافت هذه المرأة المنتمية إلى شعب رابا نوي، التي تعيش مع أبنائها وأحفادها، كل سكان الجزيرة يتمتعون بالسخاء على هذا النحو، إذا رأيت أن لدي ما يكفي من الخضار، فسأعطيها لعائلة أخرى.
بعد عامين من التحرر من جنون السياحة الجماعية، عاش سكان الجزيرة حياة جديدة ولا يريدون اليوم العودة إلى فترة ما قبل الجائحة التي كانت تشهد هبوط 11 طائرة أسبوعياً وزيارة 160 ألف سائح كل عام.
وتابع خوليو هوتوس، سنواصل السياحة، لكني آمل أن تكون الجائحة درساً نتذكره في المستقبل.
وفي أوائل الشهر الحالي، بعد 28 شهراً من العزلة، هبطت طائرة أولى في الجزيرة، ما أثار الحماس بين السكان الذين يتوقون لرؤية وجوه جديدة.
وستكون إعادة فتح أبواب السياحة تدريجية بواقع رحلتين أسبوعياً، لكن الوتيرة سترتفع على مر الأيام، وحالياً، لا تزال الفنادق الكبيرة في الجزيرة مغلقة.
ودفعت العزلة القسرية أيضاً، شعب رابا نوي، إلى التفكير في الحاجة الملحّة لرعاية الموارد الطبيعية: الحصول على المياه وإنتاج الطاقة الخضراء.
كما ستعطى الأولوية لسكان الجزيرة من حيث الوظائف، تطبيقا "للقواعد الثقافية"، بما فيها قاعدة "تابو" الموروثة لتعزيز التضامن، على أوضح رئيس بلدية جزيرة الفصح بيدرو إدموندز باوا، الذي أضاف السائح، من اليوم، سيصبح صديقاً للمكان، بينما كان قبل ذلك أجنبياً يزورنا.
كما أن تماثيل المواي المنحوتة التي يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 20 متراً ووزنها 80 طناً، وهي من رموز جزيرة الفصح مع الألغاز التي تحيط بها، تشكّل أيضاً جزءاً من محاور التفكير الجديدة.
وأكدت مديرة البيئة في بلدية الجزيرة فايروا إيكا، أن تغير المناخ، مع هذه الأحداث المتطرفة، يعرض للخطر تراثنا الأثري، وتابعت أن نوعية الحجر تتراجع، لذا ستتخذ المتنزهات إجراءاتها للحماية، من دون إعطاء تفاصيل إضافية.
وأوضح خوليو هوتوس، أن المشكلة في تماثيل مواي هي أنها هشة للغاية، ويجب أن نترك الرؤية السياحية والمناظر الطبيعية جانباً ونعتني كثيراً بهذه القطع ونحميها، لأن قيمتها لا تُقدّر بثمن.