الشارقة 24 – أ ف ب:
يواجه سور هادريان الشهير الذي بني عام 1900 للحؤول دون غزو جحافل البرابرة في شمال إنجلترا عدواً جديداً هو التغير المناخي الذي يهدد هذا الكنز الأثري العائد إلى العصر الروماني.
كان آلاف الجنود يعيشون مع عائلاتهم على طول هذا السور الحجري البالغ 118 كيلومتراً، ويجتاز إنجلترا ممتداً من ساحلها الغربي إلى ساحلها الشرقي.
وكان هذا الجدار بمثابة حدود الإمبراطورية الرومانية، وهو يشكل راهناً أكبر كتلة أثرية من الحقبة الرومانية في بريطانيا.
وترك الجنود وراءهم منشآت خشبية، ومقتنيات تعطي لمحة عن حياتهم اليومية، مما أتاح لعلماء الآثار إعادة تكوين طريقة عيش الرومان في هذه المنطقة التي تعصف بها الرياح.
ومن بين هذه الآثار، قلعة فيندولاندا الواقعة على بعد نحو 53 كيلومتراً غرب ما كان مستوطنة Pons Aelius الرومانية التي أصبحت اليوم مدينة نيوكاسل.
وأفاد مدير الحفريات والمدير العام لصندوق "فيندولاندا تراست" أندرو بيرلي أن الكثير من معالم سور هادريان محفوظة تحت مستنقعات، وهي تربة رطبة جداً كانت كفيلة حماية الآثار في هذا الموقع مدى نحو 2000 عام.
إلاّ أن هذه المنظومة البيئية تتأثر اليوم بالاحترار المناخي، فتأثير الاحترار على التربة أسرع منه على الجو، وبالتالي تتحول الأرض من رطبة إلى صلبة، فيتسرب الأكسجين إلى باطنها من خلال الشقوق.
وشرح بيرلي أن دخول الأكسجين يعرّض الأشياء الدقيقة المصنوعة من الجلد والنسيج، والأشياء الخشبية، تتكسر وتتحلل وتتلف إلى الأبد.
وظهرت في محيط السور على مر السنين منشآت حجرية وخشبية، وأحذية وملابس جلدية، وأدوات وأسلحة، وحتى مخطوطات على ألواح خشبية، مما يوفر فهماً أفضل لنوعية الحياة في الحقبة الرومانية.
ولم تشمل أعمال التنقيب إلى اليوم سوى ربع مساحة موقع فيندولاندا، وليست القلعة إلا واحدة من 14 قائمة على طول جدار هادريان، وهو أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1987 ويشكّل وجهة مرغوبة لدى المهتمين بالمعالم الأثرية.
وذكر بيرلي أن كل هذا المنشآت، وكل هذه الأرض التي ورائي كانت مدفونة تحت الأرض، قبل 50 عاماً كان كل ذلك موجوداً تحت حقل مزارع.
وأشار إلى أن علماء الآثار استكشفوا أقل من 1% من سور هادريان.
وأوضح بيرلي أن هذه القطع غيّرت كلياً التصوّر الذي كان قائماً عن الإمبراطورية الرومانية والجيش الروماني، كما أن الموقع لم يكن حكراً على الرجال، بل كان فيه عدد كبير من النساء والأطفال.
وأضاف "لولا هذه القطع الأثرية، لما كانت لدينا هذه المعلومات، وهذا النوع من الآثار هو المعرّض للخطر بسبب التغيّر المناخي."
وتقام أنشطة على مدار السنة بمناسبة مرور 1900 عام على بدء بناء الجدار.