تبعث عودة العلاقات المباشرة بين تركيا وأرمينيا، بصيصاً من الأمل النادر في نفوس سكان الجبال المكللة بالثلوج، في أقصى شمال شرق تركيا، الذين يترقبون لقاءً بين موفدي البلدين بموسكو، وإنهاء ثلاثة عقود من إغلاق الحدود المشتركة، وسط صراعات دامية.
الشارقة 24 - أ ف ب:
أصبحت آخر محطة قطارات تركية قبل الحدود مع أرمينيا، مرتعاً للطيور والكلاب الشاردة، منذ إغلاقها قبل ثلاثة عقود وسط صراعات دامية، لكن عودة التواصل المباشر بين أنقرة ويريفان يبعث بصيص أمل نادر في نفوس سكان الجبال المكللة بالثلوج، في أقصى شمال شرق تركيا، الذين يترقبون لقاءً بين موفدي البلدين في موسكو، اليوم الجمعة.
ويوضح إنجين يلدرم رئيس جمعية تجار أكياكا، البلدة التركية الحدودية، أنه منذ إغلاق الحدود في 1993، حُجب النظر عن منطقتنا التي أغلقت من كل الجوانب، ويضيف أن الحدود هي نافذتنا الوحيدة على العالم.
وتسبب تفكك الاتحاد السوفياتي الفوضوي عام 1991، في موجة من النزاعات الاقليمية وأطلق شرارة حرب واسعة بين الأرمينيين والأذربيجانيين، بشأن منطقة ناغورني قره باغ.
وانتصار أرمينيا في النزاع، دفع بتركيا، التي تسممت علاقاتها بيريفان أصلاً على خلفية رفض أنقرة الاعتراف بإبادة الأرمن على أيدي العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، إلى إغلاق الحدود في 1993 دعما للحلفاء في باكو.
ويشير الأهالي الآن، إلى محطة القطار في أكياكا والمبنية من حجر البازلت الأسود بعبارة "محطة النوستالجيا"، شعوراً منهم بالحنين للماضي والأيام التي كانت فيها القطارات تعبر في الاتجاهين، حاملة إلى المنطقة الخلابة حركة سياحية وتجارية.
ويتذكر المؤرخ المحلي فيدات أكجايوز، أيام سقوط الاتحاد السوفياتي، ويؤكد في 1991 كان الناس يعبرون الحدود في الاتجاهين للتلاقي، ويضيف تفجر الغضب لعامين.
ومنذ ذلك الحين، اندلعت حرب ثانية على ناغورني قره باغ في 2020، استعادت فيها أذربيجان معظم خسائرها، ووافقت أرمينيا على هدنة بوساطة روسية، وأدى ذلك إلى تحسن المزاج العام.
وأعلن الرئيس رجب طيب أردوغان في أكتوبر الماضي، أنه لا يرى عائقاً أمام تطبيع العلاقات مع أرمينيا، في حال حافظت يريفان على نية حسنة تجاه باكو.
ثم تبادلت أنقرة وأرمينيا، تعيين موفدين خاصين للمحادثات، والشهر الماضي قررت يريفان إلغاء حظر على استيراد سلع تركية فرضته في أعقاب الحرب الثانية على قره باغ.
وأوضح يلدرم، أن الأهالي يتابعون التحركات الدبلوماسية عن كثب، وتابع حكومتنا تؤيد إعادة فتح الحدود وأعتقد أن الأرمينيين يؤيدون ذلك أيضاً، وليس لدينا مشكلة مع الأرمينيين، وليس لديهم مشكلة معنا.
ويستذكر أصحاب المحلات في المنطقة النائية، فترة كان فيها الأرمينيون يعبرون الحدود لشراء حاجاتهم، إذ يشير حسين كانيك، الذي يملك متجراً لبيع الأجبان في محافظة قارص المجاورة، إلى أنه قام بأعمال تجارية نشطة مع الأرمينيين، وتابع خلال الحقبة السوفياتية، كانوا يأتون مع الفراء والأواني ويعودون حاملين منتجاتنا، سنعود قريباً إلى تلك الأيام.
وأمام فندقه الذي يعود للقرن التاسع عشر، وكان ذات يوم يستقبل نخبة روسيا القيصرية، يراهن غفار دمير أيضاً على السلام قائلاً إن الوضع الراهن ليس منطقياً، ويضيف لدينا طريق وسكة حديد لكن ليس لدينا علاقات مع الأرمينيين.
ويذكر صاحب فندق "كرباغ" المحلي، الأعمال العدائية التي تمثل خطراً على سلام دائم، لكن أكجايوز يفضل عدم الإشارة إلى الأرضية المتعددة الثقافات في المنطقة، والتي تشمل إلى جانب الأتراك والأرمن، جورجيين وأذريين وأكراد وأقليات أخرى، ويرى أنه حان الوقت كي يعيش الجميع بسلام.