يحذر خبراء من كارثة في شمال سوريا وشمال شرقها بسبب تراجع منسوب المياه في نهر الفرات منذ يناير، معربين عن خشيتهم من أن يؤدي هذا التراجع إلى حدوث موجة جفاف، إذ تظهر صور للأقمار الاصطناعية التراجع في النمو الزراعي في كل من سوريا وتركيا.
الشارقة 24- أ.ف.ب:
لطالما أنعشت مياه الفرات بستان الزيتون الذي يملكه خالد الخميس في شمال سوريا، لكن منذ بداية العام انخفض تدفق النهر وجفت مياهه على مساحة واسعة، فيبست أشجاره وبات من الصعب عليه حتى تأمين مياه الشرب لعائلته.
في قرية الرميلة في محافظة حلب شمالاً، يقول خالد (50 عاماً) "كأننا نعيش في صحراء.. حتى أننا نريد النزوح ونفكر بالهجرة لعدم توافر مياه للشرب أو لري الأشجار".
منذ أشهر، يحذر خبراء وتقنيون ومنظمات إنسانية من كارثة في شمال سوريا وشمال شرقها حيث يمر نهر الفرات، قد تهدد سير العمل في سدوده. إذ من شأن تراجع منسوب المياه فيها منذ يناير، أن يؤدي إلى انقطاع المياه والكهرباء عن ملايين السكان، وبالتالي أن يزيد من معاناة شعب استنزفه نزاع دام مستمر منذ عقد، وانهيار اقتصادي حاد.
بدلاً من الاهتمام بحقول الزيتون، يزرع خالد وسكان القرية اليوم الذرة واللوبياء على أرض جفت عليها مياه النهر.
في المناطق المهددة بالجفاف والواقعة تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية، يتهم كثر تركيا بمنع المياه واستخدامها كسلاح ضد المقاتلين الأكراد الذين الأمر الذي نفاه مصدر دبلوماسي تركي.
وأعاد أسباب الجفاف إلى التغير المناخي الذي حذرت الأمم المتحدة في تقرير حديث من أنه سيؤدي إلى كوارث غير مسبوقة في العالم الذي تضربه موجات حرّ وفيضانات متتالية.
في العام 1987، وقعت سوريا اتفاق تقاسم مياه مع تركيا تعهدت بموجبه أنقرة أن توفر لسوريا معدلاً سنوياً من 500 متر مكعب في الثانية، لكن هذه الكمية انخفضت إلى أكثر من النصف خلال الأشهر الماضية، ووصلت في فترات معينة إلى 200 متر مكعب في الثانية، وفق تقنيين.
الجفاف مقبل
ويعيد فيم زفينينبيرغ من منظمة "باكس" للسلام الهولندية غير الحكومية تراجع منسوب نهر الفرات في سوريا إلى مشاريع زراعية ضخمة وضعتها الحكومة التركية، وقد فاقم التغير المناخي الوضع سوءاً.
وقد أطلقت تركيا في التسعينات مشاريع زراعية ضخمة في جنوب البلاد، وبات عليها اليوم وجراء تراجع نسبة الأمطار أن تفعل المستحيل للحفاظ على كميات المياه ذاتها اللازمة لمشاريع الري، وقد يكمن الحل باستغلال كبير لمياه الأنهر.
ويقول زفينينبيرغ "الجفاف قادم لا محال"، مشيراً إلى أن صوراً عبر أقمار اصطناعية تظهر التراجع السريع في النمو الزراعي الصحي في كل من سوريا وتركيا.
وقد حمل تقرير صدر الشهر الحالي عن خبراء المناخ في الأمم المتحدة البشر وبشكل لا لبس فيه مسؤولية الاضطرابات المناخية التي ضربت العالم وتهدده أكثر وبينها موجات القيظ والجفاف.
وحذرت الأمم المتحدة من أن فترات الجفاف ستصبح أطول وأكثر حدة حول البحر الأبيض المتوسط.
وقد صنف مؤشر الأزمات العالمية العام 2019 سوريا على أنها البلد الأكثر عرضة لخطر الجفاف في منطقة المتوسط.