تمنح مدرسة مؤقتة، في مخيم أم راكوبة للاجئي منطقة تيغراي الإثيوبية الفارين من النزاع، والواقع في ولاية القضارف بشرقي السودان، بصيص أمل للأطفال، فرغم بساطة التجهيزات، يطلق الصغار، ضحكات صاخبة يصاحبها تصفيق وإيماءات رضى من معلميهم.
الشارقة 24 – أ ف ب:
تردد طفلة إثيوبية، نغمات موسيقية أمام زملائها، الذين اصطفوا جنباً إلى جنب في مخيم للاجئين في السودان، داخل قاعة تدريس مصنوعة من الخشب، مرددين معاً ألحاناً حفظوها عن ظهر قلب.
في مخيم أم راكوبة للاجئي منطقة تيغراي الإثيوبية الفارين من النزاع، والواقع في ولاية القضارف شرق السودان، يجلس الأطفال على حصيرة من القش، وعندما يفرغون من الغناء، يطلقون ضحكات صاخبة يصاحبها تصفيق وإيماءات رضى من معلمهم بيركيت ولدغبرائيل.
ويوضح ولدغبرائيل (32 عاماً)، الذي يعلّم اللغة الإنكليزية والموسيقى، أن التعليم هو منارة العالم.
ولدغبرائيل وتلاميذه، بين تسعة وأربعين ألف لاجىء فروا إلى السودان عقب إطلاق رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، حملته العسكرية على إقليم تيغراي شمال البلاد، في الرابع من شهر نوفمبر الماضي.
وجد هؤلاء المأوى، في سلسلة مخيمات قريبة من الحدود مع بلادهم في شرق السودان، حيث يقيمون في خيم وأكواخ صنعت من الأخشاب والحشائش الجافة، وبحسب الأمم المتحدة، فإن 45 % من اللاجئين أطفال.
ويضيف ولدغبرائيل، الذي كان يدير أكاديمية لتعليم الإنكليزية، وعمل مدرساً بمدرسة عامة ببلدة الحُمرة في إقليم تيغراي، عندما وصلت إلى هنا كان قلبي محطماً.
اليوم، يكتشف المعلم وزملاؤه في المدرسة المؤقتة بمخيم أم راكوبة، معنى جديداً لحياتهم.
ويتابع ولدغبرائيل، الذي تخرج من أكاديمية الموسيقى في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إذا علّمنا الأطفال سيكونون سعداء، إذا حصل الأطفال على التعليم يمكنهم حل مشكلاتهم، ويغالب دموعه قائلاً: عقب هجوم الجيش على الحُمرة، رأيت العديد من الجثث على الطرق، لم أتوقع أن أرى شيئاً من هذا القبيل.
يدير المدرسة في أم راكوبة، تيكلبرهام غيداي (32 عاماً)، الذي كان بدوره مدرساً في الحُمرة، ويوضح أن هناك العديد من هذه المدارس في المخيمات، مشيراً إلى 722 تلميذاً مسجلين في مدرسته من الصف الأول حتى العاشر.
يحمل غيداي في يده ملفاً أزرق وبعض الأوراق وقلماً، موضحاً أن الدراسة تتم لديه ضمن خمسة فصول وفق دوامين في الصباح وعند الظهر.
وزوّد المجلس النروجي للاجئين، وهو منظمة غير حكومية كل فصل، لوحاً أسود وأصابع الطباشير، كما وزّع على التلاميذ الأقلام والمذكرات.
ويضيف مدير المدرسة، لقد حذفنا كل المواد التي تتحدث عن السياسة التي قتلت كثيرين في تيغراي، ويتابع نقوم بتدريس اللغة الإنكليزية، ولغتنا الوطنية الأمهرية ويتعلم الأطفال لغة تيغراي، وبغرض الترويح الموسيقى والفنون والرياضة.
يؤكد غيداي، أنه فر من حميرة بعد أن ركله ضابط عسكري وضربه بمسدسه، ويصف المشهد متحدثا بالإنكليزية، قلت له أعطتني حكومتي طباشير، لكي أتحمل مسؤوليتي وأنجز مهمتي لتعليم الأطفال وأعطتك حكومتنا سلاحاً، لذا فأنت أقوى مني، وفي إمكانك قتلي، بعد أن تحدثت بهذه الطريقة هدأ وأطلق سراحي.
والآن في أم راكوبة، يجتمع بالمعلمين للتحضير لحصص اليوم التالي.
وبحسب كاثرين ميرسي مستشارة التعليم في المجلس النروجي، فإن العديد من الآباء في المخيم أكدوا حاجة أطفالهم للتعليم، على الرغم أن معظمهم فروا إلى السودان حاملين الملابس فقط.
وتوضح ميرسي، يوفر التعليم الأمل، ويوفر التعليم نظاماً، ومكانًا آمناً للأطفال في أوقات النزاع هذه، ويوفر فرصة للأمل بمستقبل أفضل.
إيمانويل ثاجاكيروس ابن العشر سنوات بين تلاميذ المدرسة المؤقتة في أم راكوبة، ويرتدي قميصاً أخضر اللون وبنطالاً، والرياضيات مادته المفضلة، ويؤكد أنه يريد التعلم حتى يصبح سعيداً، ويحصل على وظيفة لمساعدة أسرته.
وتضيف والدته أسكوال هاجوس (36 عاماً)، وهي تضع على رأسها حجاباً طويلاً من القطن الأبيض، أنها ونجلها شاهدا جثثاً لأشخاص ذُبحوا في الحُمرة، ونعاني ذعراً بسبب هذه الجثث.
وعندما يستعد إيمانويل الصغير للذهاب إلى مدرسة المخيم، تطمئنه أمه قائلة: لا أحد سيقتلك هنا، لن يؤذيك أحد.