يقوم فريق بحثي يتألف من عدد من المهندسين الإماراتيين الشباب في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، بتصنيع وتطوير أطراف اصطناعية ذكية، باعتماد تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد.
الشارقة 24:
يعمل عدد من المهندسين الإماراتيين الشباب في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، على تصنيع وتطوير أطراف اصطناعية ذكية، باعتماد تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد.
ويسعى الباحثون الشباب، من وراء هذه الخطوة، إلى مساعدة المرضى ممن فقدوا أطرافهم أو جزءاً منها، نتيجة عوامل متعددة كالحوادث والكوارث الطبيعية وضحايا الحروب وذوي الإعاقة.
وتحدث المهندس عبد القادر عطية، أحد أعضاء الفريق البحثي في المجمع، عن مجسمه الأول في إطار بحثه وتجاربه في مختبر الشارقة المفتوح للابتكار "سويلاب" التابع للمجمع، حيث نجح الفريق البحثي في تصنيع أرجل اصطناعية تم إنتاجها عن طريق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي في آن واحد، وتعد هذه التقنيات تحولاً علمياً مميزاً في مجال الأجهزة والأطراف التعويضية التقليدية، حيث يأتي العمل على هذه النوعية من البحوث تماشياً مع توجهات الدولة وتعزز مكانة الشارقة كحاضنة للابتكارات والبحث العلمي في هذا المجال الأكثر تطوراً على الصعيد الدولي.
وعن أهمية هذا الابتكار، أوضح المهندس عطية، أجرينا بحثاً وتطويراً مكثفين للتأكد من أن الساق الاصطناعية ليست خفيفة الوزن وقوية فحسب، لكنها أيضاً مريحة وقابلة للتكيف مع احتياجات المستخدمين المختلفة، وأضاف أن تصنيع الأطراف الاصطناعية بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد له العديد من الفوائد والأهمية، ومن بين هذه الفوائد نذكر منها أولاً: تخفيض التكاليف، حيث يمكن تصنيع الأطراف الاصطناعية بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد بكلفة أقل من تصنيعها بالطرق التقليدية، ما يوفر المال للمرضى والمؤسسات الطبية.
ثانياً: عنصر الدقة والتخصيص؛ إذ يمكن استخدام التصميم الثلاثي الأبعاد لتصميم أطراف اصطناعية مخصصة لكل مريض وفقاً لاحتياجاته الفردية، كما أن التصنيع بتقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد يسمح بإنتاج أجزاء دقيقة ومعقدة بشكل أكبر من الطرق التقليدية.
ثالثاً: السرعة: يمكن تصنيع الأطراف الاصطناعية بتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد بشكل أسرع من الطرق التقليدية، ما يتيح للمرضى الحصول على العلاج بسرعة أكبر.
رابعاً: تقليل الخطأ البشري: يمكن تصنيع الأطراف الاصطناعية بتقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد بدقة أكبر وبدون الحاجة إلى تدخل بشري، ما يقلل من الخطأ البشري ويجعل العملية أكثر دقة وتكراراً.
وأخيراً الراحة والمرونة: إذ أن تصنيع الأطراف الاصطناعية بتقنيات الطباعة الثلاثية الأبعاد يجعلها أخف وزناً وأكثر راحة للمرضى، كما يتيح هذا النوع من التصنيع تعديل الأطراف بسهولة وسرعة في حالة تغيير احتياجات المريض.
ويمضي المجمع قدماً، فيما يخص التوظيف الأمثل لتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد التي تركز على طباعة أطقم الأسنان والعظام والأعضاء الاصطناعية والأجهزة الطبية والجراحية وأجهزة السمع وهي التقنيات المتصلة بأكثر التخصصات الطبية الحيوية.
وأعرب سعادة حسين المحمودي المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، عن سعادته بهذا الإنجاز العلمي الذي جاء ضمن برنامج استراتيجي تطويري ينتهجه المجمع ترجمة لرؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتوفير بيئة ملائمة للإبداع والابتكار وتطوير المهارات للباحثين والمبتكرين من الشباب المواطنين بمختلف الاختصاصات.
وأضاف المحمودي، نحن فخورون بأن نقدم للإمارات الجيل القادم من المتخصصين والمحترفين بالتصنيع الإضافي وخبراء التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد، حيث أطلقنا برنامجاً احترافياً متكاملاً لتطوير ورعاية المهندسين الإماراتيين الشباب وجعلهم مستعدين ليكونوا قادة ورواد أعمال صناعيين مهرة ومتخصصين محترفين في المستقبل.
وأضاف بدأنا برامجنا التطويرية مع إطلاق مختبر الشارقة المفتوح للابتكار(SOILAB ) كأول مركز حاضن للشركات الناشئة والأعمال الابتكارية في الشارقة، ليكون بيئة ملائمة للإبداع والابتكار من خلال توفيره لمساحة تسمح لمجتمع الممارسين بتبادل المواد وتعلم مهارات جديدة والتركيز على إشراك المشاركين في محتوى التعلم، وهي وسيلة من شأنها أن تسمح للمدارس والجامعات بأن تكون جزءاً من هذا المشروع، إذ تهدف فكرة المختبر إلى تزويد الطلاب والباحثين والمبتكرين بأحدث التقنيات والآلات الحديثة والمبتكرة في عدة مجالات واختصاصات مختلفة، وبكلفة رمزية، إضافة إلى استقطاب الشركات العالمية في تلك القطاعات في مكان موحد.
وتابع المحمودي، أن مشروع طباعة الأطراف بهذه التقنيات يهدف إلى معالجة مشكلة ندرة فرص الحصول على الأطراف الصناعية، ويشير إلى سهولة وسرعة وقلة كلفة إنتاج الأطراف الاصطناعية المطبوعة بالتقنية ثلاثية الأبعاد، إذ أن هذه التقنية تعد أرخص بخمس أو ست مرات عن الأطراف المُصنعة بالطرق التقليدية.
ويضيف أحد المهندسين المواطنين القائمين على المشروع، أن تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تمثل كذلك خياراً عملياً في حالات الأطفال والمراهقين، كما أن الأطراف الصناعية المُنتَجة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد أكثر راحة للمرضى بسبب وزنها الخفيف، علاوة على أن العملية أقل إزعاجاً للمرضى، لأن جميع القياسات يتم أخذها من واقع الأشعة.
وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية، إلى أن أكثر من 40 مليون مبتور يعيشون في الدول النامية، ومعظمهم من ضحايا النزاعات، ووفقاً لمنظمة أطباء بلا حدود فإن نسبة 5% منهم فقط يحصلون على الرعاية المتمثلة في توفير الأطراف الصناعية.
حتى وإن توقفت الحروب، فإن الجرحى وضحايا الكوارث الطبيعية يظلون بحاجة لمزيد من هذه الأطراف الصناعية التعويضية، ويسعد المجمع مشاركة إنجازنا مع العالم ونلتزم بمواصلة دفع حدود التصنيع الإضافي في مجال الأطراف الصناعية، وأضاف المحمودي، أن هدفنا جعل الساقين الاصطناعية أكثر سهولة وبأسعار معقولة للأشخاص الذين يحتاجون إليها في جميع أنحاء العالم، نعتقد أن تقنيتنا الرائدة لديها القدرة على إحداث ثورة في صناعة الأطراف الاصطناعية وتغيير حياة ملايين الأشخاص حول العالم الذين يعتمدون على الأجهزة التعويضية لعيش حياة نشطة ومُرضية.
واحتفل مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، في وقت سابق من العام الماضي، بتخريج الدفعة الثانية من المتدربين المهندسين الإماراتيين الشباب ضمن البرنامج التدريبي والتأهيلي الخاص بالصناعات والتقنيات المستقبلية وفي مقدمتها التصنيع المضاف، إذ امتد هذا البرنامج على مدار ثلاثة أشهر تمكن المنتسبون خلاله من التعامل والتكيف والانخراط بالتطبيق العملي في العديد من الصناعات ذات التقنيات المتقدمة، حيث ركز البرنامج على تصميم القطع الهندسية من خلال البرامج على الحاسب الآلي، ثم تشغيل آلات الطباعة باستخدام الليزر لإنتاج النموذج الهندسي كقطع حديدية تنافس دقة الطرق التقليدية في الصناعة، بالإضافة لتقنيات التخزين الرقمي، الهندسة العكسية، تصميم المنتج، تصميم وتنفيذ النماذج الأولية، التصنيع الإضافي باستخدام مجموعة واسعة من الآلات والماكينات الصناعية الأكثر تقدماً على الصعيد التقني وطباعة المعادن ثلاثية الأبعاد، بحيث يتمكن الخريج من التعامل مع مفاهيم الثورة الصناعية الرابعة، والتقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وثورة الروبوتات والأتمتة والواقع الافتراضي.
وصمم هذا البرنامج لإعداد جيل جديد من رواد الأعمال الصناعيين من المهندسين المواطنين المهرة والمحترفين في عدد من التخصصات الهندسية المستقبلية من خلال تأهيلهم وتمكينهم من تلك التخصصات، وعمل المجمع خلال الدولة السابقة على توظيف مجموعة من المتدربين المهندسين المواطنين في المجمع في عدة مواقع قيادية وتنفيذية.
وحقق البرنامج، نجاحاً كبيراً، إذ تم اختيار المشاركين من مختلف الجامعات والكليات في الإمارات، ممن لديهم خلفية ومؤهلات أكاديمية في الهندسة.