يستعين مأوى للمسنين في فرنسا، بحاسة الشم القوية للكلب بوكا، البالغ عامين، للكشف عن الإصابات بفيروس كورونا المستجد بجميع متحوراته بين النزلاء، في سابقة من نوعها في البلاد، بعد أن خضع هذا الحيوان لدورة تدريبية من 4 أسابيع.
الشارقة 24 – أ ف ب:
يوظّف الكلب بوكا، البالغ عامين، منذ الجمعة، حاسة الشم لديه لرصد الإصابات بفيروس كورونا المستجد داخل دار للمسنين في منطقة ألزاس شرقي فرنسا، في سابقة من نوعها في البلاد.
ويقيم كريستوف فريتش، في دار "لا روزوليير" في كونهايم، بالقرب من الحدود مع ألمانيا، وسبق له أن تعامل مع فحصوات تشخيص كوفيد-19، بعد إصابته العام الماضي بالفيروس.
ولا يتوانى هذا البستاني البالغ 85 عاماً، الذي تعافى من المرض عن الإشادة بتقنية بوكا، وهو يوضح لا مجال للمقارنة، ويكفي ضغط قطعة صغيرة من القماش تحت الإبط ثمّ إزالتها بعد خمس دقائق، أما فحص "بي سي آر"، فهو أكثر تعقيداً بكثير.
ثم توضع عيّنات العرق هذه، بواسطة قفّازات يدوية في أكياس معقّمة، توضع بدورها في علب كي لا تمتصّ أيّ روائح أخرى من الجسد.
ويقوم الكلب باشتمامها واحدة تلو الأخرى، ويجلس عند رصده حالة إيجابية، ثمّ يُجرى فحص تفاعل البوليميراز التسلسلي "بي سي آر" لتأكيد النتيجة.
وما يرصده هذا الكلب المدرّب في الواقع، هو بروتينة "سبايك" التي يدخل من خلالها الفيروس إلى الخلايا لينتشر فيها، بحسب ما يوضح آلان لوغران، المدير العام لجمعية "هاندي شيان" المتخصصة في تدريب الكلاب لمساعدة ذوي الإعاقة، والتي ينتمي إليها بوكا، والتي تضمّ أربعة مراكز تدريب في فرنسا، من بينها واحد في كونهايم بجانب لا روزوليير.
وخلال تجارب أجريت الأسبوع الماضي في مأوى العجزة هذا على عيّنات من مستشفى ستراسبورغ، تعرّف بوكا، وهو من نوع غولدن ريتريفر، على 100 % من الحالات الإيجابية والسلبية، على ما يخبر الطبيب بيار كوزير الذي يعمل في "لا روزوليير"، وأنه لأمر مذهل بالفعل، على حدّ قول الطبيب.
ويأتي بوكا القادر على تمييز المتحوّرات المعروفة جميعها بـ100 % من النتائج الصحيحة للمرضى الذي يعانون من عوارض و95 % لهؤلاء الذين لا تظهر أي عوارض عليهم، وهي فئة من الضروريّ جدّاً الكشف عن إصابتها، ويمكنه أن يشخّص الإصابة عند هؤلاء قبل 48 ساعة تقريباً من فحوص "بي سي آر".
وليست فكرة الاستعانة بالكلاب للكشف عن الأمراض بالجديدة، فهي قد طبّقت في حالات السرطان والصرع وغيرهما، لكن ما يميّز بوكا هو أنه الكلب الوحيد راهناً الذي يكشف عن الإصابة بكوفيد-19 في مأوى للمسنين في فرنسا، على ما يؤكد آلان لوغران.
وخدمات بوكا مفيدة جدّاً، بحسب الطبيب كوزير، لأن هذا الاختبار بسيط، وقليل الكلفة ومقبول إلى حدّ بعيد من النزلاء المصابين في أغلب الأحيان باضطرابات إدراكية من قبيل مرض الزهايمر، والذين يقاومون أحياناً محاولات أخذ عيّنات مسحية منهم.
وحاسة الشمّ المعزّزة لبوكا، الذي كان يستعان به في حوالي عشرين مأوى للعجزة ككلب وساطة هي ثمرة دورة تدريبية من أربعة أسابيع في المدرسة الوطنية للطبّ البيطري في ألفور بالقرب من باريس، بالاستناد إلى أسلوب نوزاييس-كوفيد-19 الذي طوّره البروفسور دومينيك غرانجان، على ما توضح كريستال شرايبر مدرّبة الكلاب لدى "هاندي شيان".
وخضع بوكا لهذه الدورة مع كلبين آخرين من الجمعية، وفق بونوا زيفالد المسؤول عن "هاندي شيان" في كونهايم، وحتّى الساعة، يمارس بوكا وحده مهاراته في الكشف عن الإصابة بكوفيد-19.
روبير كولر مدير "لا روزوليير" ورئيس "هاندي شيان" هو على قناعة بجدوى هذه الفحوص في أماكن يمكنها فيها إنقاذ الأرواح، وعلى غرار دور العجزة الأخرى في فرنسا، كانت أوّل موجتين من الفيروس شديدتي الوطأة على "لا روزوليير".
ومن بين الأشخاص المقدّر عددهم بحوالي 112 ألفاً، الذين توفّوا بسبب كوفيد-19 في فرنسا، أكثر من 26 ألفاً قضوا في دور المسنين أو مراكز أخرى من هذا القبيل.
ولم تشخّص أيّ إصابة عند نزلاء "لا روزوليير" منذ ديسمبر 2020، بحسب كولر الذي ينوي إخضاع الجميع في المأوى للفحوصات التي يجريها بوكا، كل أسبوعين أو ثلاثة.
وتطمح المؤسسة، التي موّلت تدريب الكلاب الثلاثة، إلى توسيع نطاق هذه المبادرة كي تشمل مراكز أخرى، غير أن دعم السلطات العامة أساسي في هذا الشأن، إذ تعوّل "هاندي شيان" على الهبات، وليس في وسعها الاتّكال عليها لتدريب 250 كلباً.