جار التحميل...

°C,
في خضم أزمة "كوفيد-19"

هجرة الأطباء إلى الخارج تضعف قطاع الصحة في تونس

April 01, 2021 / 9:06 PM
تشهد تونس، ظاهرة هجرة الأطباء، وخاصة الشباب منهم، إلى الخارج، بعد أن وجدوا أنفسهم مهمشين من قبل السلطات، بعد 10 سنوات من الدراسة، الأمر الذي يهدد بإضعاف قطاع الصحة في البلاد، الذي يعاني أصلاً من نقص المعدات والدواء في خضم أزمة "كوفيد-19".
الشارقة 24 – أ ف ب:

يعمل طبيب الطوارئ عبد الوهاب في الصف الأول لمكافحة وباء "كوفيد-19"، لكنه لم يتسلم راتبه منذ أشهر، ويستعد شأنه في ذلك شأن غالبية الكوادر الصحية، لمغادرة تونس، بحثاً عن ظروف عمل أفضل.

ولم تتوقف ظاهرة هجرة الأطباء الشباب، إلى فرنسا وألمانيا أساساً، وكذلك إلى دول الخليج.

ويؤكد الطبيب الجرّاح سليم بن صالح، الذي كان رئيساً لعمادة الأطباء، أن قرابة 80 % من الأطباء الشباب هاجروا إلى الخارج في 2019، محذراً من كبر سن الأطباء في القطاع الحكومي.

ويتابع الجرّاح، أن هذه النخبة أحست دائماً بالاشمئزاز، موضحاً أن هؤلاء الشباب نجحوا في الشهادة الثانوية بمعدلات عالية، ويجدون أنفسهم مهمشين من قبل السلطات بعد عشر سنوات من الدراسة، وتساءل لكن ماذا فعلت الدولة ليبقوا؟ أنا أيضاً لم أعد أتحمّل وسأغادر.

وتؤهل تونس سنوياً، 800 طبيب بكفاءات عالية معترف بها دولياً، لكن في المقابل، تشهد البلاد تدهوراً في وضع المنشآت الصحية، بسبب نقص في المعدات والدواء وقلة الطواقم نتيجة سوء تصرف في إطار فساد.

ويقرّ الطبيب في قسم الطوارئ في مستشفى حكومي بالعاصمة تونس عبد الوهاب المغيربي، أنه يشعر وكأنه دفن حيّاً في تونس.

وتزوج هذا الطبيب منذ خمس سنوات، ويحرم نفسه من إنجاب أطفال خشية ألا يستطيع توفير الإمكانيات اللازمة لتحمل مسؤوليتهم، ويوضح أن المشكلة الكبيرة هنا هي الجانب المادي، رواتبنا مهينة.

وكشفت دراسة حديثة أعدتها منظمة ومعهد دراسات، أن الطبيب الداخلي في تونس يتقاضى حوالي 365 يورو شهرياً، وهذا أقل من معدل الرواتب وبالكاد يكفي لموازنة عائلة تتكون من أب وأم وطفلين للعيش "بكرامة".

ويضيف عبد الوهاب "هذا غير مقبول ومقرف"، مشيراً أيضاً إلى الساعات الإضافية الإجبارية، بسبب اكتظاظ بعض المستشفيات ونقص عدد الطواقم.

مقابل ذلك، "صفر حقوق" حسب المغيربي، الذي لم يتسلم راتبه منذ أن تم انتدابه بعقد محدود المدة في ديسمبر الفائت، وهو لا يتمتع بضمان صحيّ، ويعمل بالرغم من غياب المعدات والتجهيزات الضرورية لعلاج المرضى.

ويؤكد أنه لا يستطيع التمتع بالحياة لقلة الموارد ولا العمل في ظروف جيدة، ولا شيء آخر، ويخشى ألا تتمكن الدولة من سداد رواتبه هذا العام.

ويمثل قطاع الصحة، 6 % من موازنة الدولة التي تبحث عن موارد تكميلية للعام 2021، بينما تصعب أمام المسؤولين مهمة الانطلاق في مشاريع إصلاحات كبرى للقطاع والمطلوبة من المانحين الدوليين.

وفي مقابل ذلك، تغذي الصراعات السياسية والاضطرابات الاجتماعية والصعوبات الاقتصادية المناخ الخانق في البلاد.

ويتابع الطبيب، الذي تلقى عروض عمل، ويُعد ملفه لمغادرة البلاد، لا أرى أملاً هنا، أريد أن أهاجر من أجل روح معنوية أفضل.

في مؤشر على تأزم وضع قطاع الصحة في تونس، نفذ الأطباء الشبان في ديسمبر الفائت، تظاهرات واحتجاجات على أثر وفاة طبيب في مستشفى حكومي بمحافظة جندوبة (شمال غرب) المهمشة، بعد أن سقط في مصعد معطل أثناء مباشرة مهامه.

وأكدت دراسة نُشرت العام 2020 من قبل طالب دكتوراه شاب في الطب، أن هجرة الأدمغة تؤثر على جميع اختصاصات الأطباء والكوادر الصحية، ما يعزز أوجه القصور "لا سيما في المناطق الأقل نمواً".

وتوضح الكاتبة العامة في نقابة الأطباء أحلام بالحاج، أن الدول التي تشغل هذه الكفاءات، تستفيد بدون مقابل من رأس مال بشري بكفاءة عالية.

ويوضح المدير العام للصحة فيصل بن صالح، أن هذا "التدفق يقلقنا"، وأن كلفة تكوين طبيب في تونس تقدر بحوالي 46 ألف يورو.

ويخلص المسؤول، إلى أنه يمكن أن تُعتبر هجرة الأدمغة، تصديراً لخدمات، ولكن يجب أن يكون هذا مراقباً، داعياً إلى تنظيم هذه الهجرة باتفاقيات بين الدول.
April 01, 2021 / 9:06 PM

مواضيع ذات صلة

أخبار ذات صلة

Rotate For an optimal experience, please
rotate your device to portrait mode.