إن المحافظة على الصحة لها أهمية كبيرة في حياة الإنسان وهي من الواجبات الدينية، لأنها هي وسيلة لقيامه بالتكاليف الشرعية على الوجه المطلوب، فالصلاة والصيام والحج وطلب العلم والكسب الواجب، تتطلب القدرة الصحية الكافية للقيام بها، وكذلك القيام على أعمال المسلمين من ولايات وتجارات وصناعات وغيرها.
كل ذلك يتطلب صحة البدن وسلامته، فلا ريب إذاً في أهمية الصحة في الشرع، ولذا جعل الرسول الله- صلى الله عليه و سلم - العافية والصحة مطلباً شرعياً يحرص عليه المسلم في دعائه: « اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة»، أخرجه ابن ماجه في سننه. فكما أن القوة في الإيمان مطلوبة شرعاً، فكذلك قوة الجسد، إذ هي سند لقوة الإيمان، وعون لها، ولذا دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المسلم للوصول إلى درجة المؤمن القوي الصحيح لقوله: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير»، أخرجه مسلم في صحيحه. ولأهمية الصحة في الإسلام، أمر الشارع بحفظ النفس، واتقاء المهلكات، كالجوع، والعطش، والبرد، ونحو ذلك، وشرح دفع ذلك كله، بما يحفظ على المرء صحته، وحرم الشارع على المؤمن الخبائث، وأحل له الطيبات، مما يحفظ عليه صحته، وكذلك أمره بالطاعة واجتناب المعصية، وهذا مع حكمته التي شرع من أجلها، فيه حفظ للصحة كذلك. هذا كله يبين أهمية الصحة في نظر الشرع، فالشرع لم يهمل صحة البدن، وهو يهتم ذلك الاهتمام العظيم بالروح، كما أنه لا يقيم لصحة البدن وزنًا، بغير الروح، وهكذا الإسلام وسط، وعدل، لا يأته الباطل، ولا يعتريه، لأنه تشريع الحكيم الخبير .ومن المعلوم أن القرآن الكريم وكتب السنة المشرفة ليست كتب طب، أو هندسة أو زراعة، أو نحو ذلك من العلوم التجريبية، إلا أنها قد حوت قبساً من هذه العلوم، للتدليل على مصدرها الإلهي، لذلك حثّت السنة النبوية على الأخذ بأسباب الصحة والقوة، ولفت النظر إلى أهمية العافية، وسلامة الأعضاء. وعدّ الاهتمام بالصحة جزءاً من تربية المسلم في الحياة، وقد جاء عن النبي- صلى الله عليه وسلم- مما يدل على ذلك، وهو قوله: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»، ولذا دعا النبي- صلى الله عليه وسلم- المسلم إلى العناية بصحته في كل شيءٍ في مأكله، ومشربه وفي مظهره وملبسه وغير ذلك. كما حضّ أيضاً على الوقاية قبل العلاج، وجعلها هي الأساس في سلامة الإنسان من الآفات، وجعل من لزوم الطاعة والتمسك بالفضائل والآداب سبيلاً لتحقيق هذا الجانب المهم من الصحة، كما لم يهمل النبي- صلى الله عليه وسلم- جانب التداوي في حالة المرض، بل حثّ عليه وجعله من قدر الله لدفع قدر الله المتمثل في المرض. الرعاية الصحية في السنة في جانب النظافة المياه:
ولما كانت المياه تعتبر أنها شريان الحياة التي تضمن للإنسان البقاء على هذا الكوكب، فلا يستطيع أحد الاستغناء عنها لأن أصل كل الأحياء من الماء، كما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾ [سورة الأنبياء:31] أي كل شيء حيّ فهو مخلوق من الماء, ولذا إذا كان الماء ملوثاً كان الأحياء في خطر، إذ يؤدي ذلك إلى فقدان الكون كله، لأن الأحياء سيصابون بأمراض، والتي لا أحد يعرف مدى تأثيرها على صحّتهم إلا خالقهم، ولذا شدد الإسلام على تجنب تلويث الماء بإلقاء الزبالة أو النجاسة فيه، أو التبرز أو التبول فيه أو على شواطئه، كما يدل على ذلك أحاديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم- منها ما يأتي:
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: «لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب، فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال يتناولها تناولاً». أخرجه مسلم في صحيحه. - وعن أبي هريرة- رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال:« لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه » أخرجه مسلم في صحيحه.