ناقش مشاركون في منتدى الشارقة الدولي لصون التنوع الحيوي الـ 21، موضوعات متنوعة ومهمة في عالم البيئة البحرية والشعب المرجانية وأسماك القرش، في اليوم الأول للمنتدى، الذي تنظمه هيئة البيئة والمحميات الطبيعية في منتزه الصحراء.
الشارقة 24: ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الشارقة الدولي لصون التنوع الحيوي، في نسخته الـ 21، الذي تنظمه هيئة البيئة والمحميات الطبيعية، بمشاركة 158 خبيراً ومختصاً من 14 دولة، ناقش باحثون وخبراء ومختصون في البيئة موضوعات متنوعة ومهمة في عالم البيئة البحرية والشعب المرجانية وأسماك القرش.
وتطرق المشاركون إلى أهمية البحث عن أساليب وآليات مستدامة لوقف استغلال أسماك القرش، وضرورة وضع استراتيجيات تسهم في تحقيق تغييرات ونقلات نوعية للحد من التدهور في البيئة البحرية والساحلية، والتأكيد على أهمية التعاون الدولي والإقليمي من أجل العمل معاً للحد من تدمير التنوع الحيوي في البيئة البحرية والساحلية. وأشاروا إلى أن أكثر من ثلث التنوع الحيوي في مياه الخليج العربي يمكن أن يضيع بعد نحو 7 عقود، لافتين إلى التلوث البلاستيكي وزيادة حركة السفن وتغير المناخ كأسباب رئيسية للتدمير في البيئة الحيوية البحرية والساحلية.
ولاقت الأوراق التي قدمت في اليوم الأول تفاعلاً حيوياً لافتاً من قبل الحضور، حيث أثرت النقاشات كل تلك الموضوعات التي تم طرحها في سبيل الخروج بنتائج عملية قابلة للتطبيق وتحقيق أهداف المنتدى وموضوعاته الرئيسية.
وقالت سعادة هنا سيف السويدي، رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية، "حققت إمارة الشارقة خلال السنوات الماضية، بفضل دعم وتوجيه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، العديد من الإنجازات في مجال حماية التنوع البيولوجي البحري، وتم إطلاق مشاريع مختلفة وتنفيذ عديد الأبحاث والدراسات التي تهدف إلى الحفاظ على النظم البيئية الساحلية والبحرية في الإمارة".
وأضافت السويدي : "على مدى السنوات الماضية لم تتوقف جهود إمارة الشارقة في مجال حماية واستدامة التنوع البيولوجي البحري، وقمنا مؤخراً بإنشاء إدارة الاستدامة البحرية التي تنصب جهودها على تنمية واستدامة البيئة البحرية والساحلية، ففي محمية جزيرة صير بونعير البحرية، التي تم إعلانها كمحمية طبيعية وفقاً للمرسوم الأميري رقم 25 لسنة 2000، استمر العمل على تنمية الحياة الفطرية واستدامتها، وتم تسجيل الجزيرة في العام 2012 في قائمة "اليونسكو" التمهيدية للمواقع الثقافية والطبيعية، وكذلك تم في العام 2013 تسجيل محمية جزيرة صير بونعير في الاتفاقية الدولية لحماية الأراضي الرطبة "رامسار"، وانضمت كذلك إلى مذكرة التفاهم حول حماية وإدارة السلاحف البحرية وموائلها في المحيط الهندي وجنوب شرق آسيا في العام 2015.
وأشارت رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية، إلى أن من بين المشاريع المهمة الأخرى التي يتم تنفيذها في محمية جزيرة صير بونعير، مشروع دراسة حالة السلاحف البحرية وتعشيشها، وكذلك مشروع إعادة تأهيل الشعاب المرجانية بمحمية جزيرة صير بونعير، حيث عانت الشعاب المرجانية في العقود الأخيرة من تدهور شديد بسبب العوامل الطبيعية والبشرية، نتيجة للعديد من الممارسات الخاطئة، وكان لا بد من التحرك الفوري لإعادة تأهيل المناطق الساحلية المدمرة وزيادة مساحة الشعاب المرجانية، ما مكننا من رصد 40 نوعاً من الشعاب المرجانية الاصلية.
وتابعت هنا السويدي: "في منطقة أخرى من مناطق إمارة الشارقة، في الساحل الشرقي من الإمارة، قمنا بالتعاون مع جمعية الإمارات للطبيعة والصندوق العالمي لصون الطبيعة، بتنفيذ مشروع تتبع السلاحف الخضراء في محمية أشجار القرم والحفية، بغرض اكتشاف المزيد عن العادات المعيشية والغذائية لصغار السلاحف الخضراء التي تتواجد بكثافة عالية في القنوات المائية في محمية أشجار القرم". اليوم الأول للمنتدى
تطرق الخبراء والمتحدثون في اليوم الأول لمنتدى الشارقة الدولي لصون التنوع الحيوي، إلى أثر التغير المناخي والتلوث البلاستيكي وزيادة حركة السفن في البحار والمحيطات، وما ينجم عنها من تلوث، تدمر الكائنات البحرية وتؤثر سلبياً على البيئة البحرية والساحلية، الأمر الذي يستوجب التصدي لذلك، والبحث الجاد عن حلول ناجعة لمثل هذه المشكلات التي تؤدي إلى خلق خلل عام في البيئة يؤثر على كل الكائنات الحية والنظام البيولوجي برمته.
وناقش المشاركون النتائج التي تنجم عن التدخلات البشرية غير السليمة، ما يدفع بالنظام البيئي إلى التدهور والوصول إلى حافة الانقراض، كما تطرقوا إلى التهديدات الرئيسية التي تسببت في تدمير النظام البيئي البحري. وقال الدكتور فريد كروب، من معهد سينكينبرج للأبحاث في ألمانيا، إن الرخاء المتزايد وتزايد عدد السكان في دول الخليج يؤثران سلباً على الحياة والبيئة الساحلية والبحرية.
وأشار إلى أن من بين أهم العوامل التي تشكل تهديدات للتنوع البيولوجي الساحلي والبحري، يمكن الحديث عن التطورات الحضرية والصناعية والسياحية، وقد كان للتجريف، وطمر النفايات، والتخلص من النفايات الصلبة وتصريف المجاري، والانسكابات النفطية، والإفراط في استغلال المياه السطحية والجوفية، من الأسباب الرئيسية للضغط المتزايد على التنوع البيولوجي الساحلي والبحري.
ولفت إلى أن للتنوع البيولوجي البحري والساحلي أهمية قصوى، مشيراً إلى أن تدمير الموائل والصيد الجائر والتلوث أدى إلى تدهور النظام الإيكولوجي البحري، والذي إذا لم يتم السيطرة عليه سيؤدي إلى فقدان النظام الإيكولوجي البحري والساحلي قدرته على توفير الفوائد التي يعتمد عليها الناس منذ آلاف السنين، الغذاء وسبل العيش.
وشرح كروب، الوضع الحالي، وتطرق إلى التحديات المستقبلية التي ترتبط بصون التنوع الحيوي البحري والساحلي، مثل النظم الإيكولوجية البحرية الرئيسية، الموائل شبه الناعمة والقاسية، أشجار القرم، المستنقعات المالحة، الأراضي الرطبة الساحلية، والأعشاب البحرية، قيعان الطحالب الكبيرة، التجمعات والشعاب المرجانية، وغيرها الكثير.
وبين أن عدم كفاية التعاون الإقليمي، وعدم كفاية برامج الرصد، والميزانيات المحدودة، تشكل عناصر رئيسية لتدمير التنوع البيولوجي الساحلي والبحري، فنحن نعيش على "كوكب مائي"، ومن الضرورة بمكان أن نهتم بالنظم الإيكولوجية البحرية والساحلية.
من جانبها، تحدثت الدكتورة جوليا سبايت، من جامعة كامبريدج، عن أسماك القرش وموائلها وما تتعرض له من تدمير، فأسماك القرش هي من بين أكثر الكائنات البحرية التي تتعرض للصيد الجائر وتدمير الموائل.
ولفتت سبايت إلى أن عدد أنواع أسماك القرش يصل إلى نحو 500 نوع، من بينها 56 نوعاً يوجد في المنطقة البحار العربية، (الخليج العربي، خليج عمان، البحر الأحمر)، بعضها معرض لخطر الانقراض، لافتة إلى أن معظم الدول في المنطقة لديها قوانين لحماية أسماك القرش، لكن التهديد الأكبر هو صيد الأسماك، فجميع التهديدات المحتملة الأخرى، مثل تدهور الموائل أو التلوث، ضئيلة للغاية.
وبدوره، تناول الدكتور جون بيرت، الأستاذ المساعد في البيولوجيا لدى جامعة نيويورك أبو ظبي، الشعب المرجانية في المنطقة البحرية العربية وأهميتها، ومميزات وسمات الشعب المرجانية في الخليج العربي، وتطرق إلى سطح البحر والبيئة العامة ودرجات الحرارة والظروف العامة التي تتعلق بالشعب المرجانية والتغيرات في درجة الحرارة، والتغيرات المناخية التي تؤثر على الشعب المرجانية، والنظام البيئي الإيكولوجي للشعب المرجانية في المستقبل. وتحدث أيضاً في جلسة اليوم الأول للمنتدى، المستشار والخبير البيئي الأردني، إيهاب عيد، عن الدراسة التي أنجزتها الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية حول الشعاب المرجانية في خليج العقبة، ونتائج تلك الدراسة، وذلك ضمن الجهود الهادفة إلى الحفاظ على البيئة البحرية وحمايتها من التلوث، وتوفير قاعدة بيانات وطنية لأنواع المرجان الصلب، وعلى ضوء الدراسة التي استمرت نحو خمس سنوات، أصدرت الجمعية دليلاً نوعياً عن أنواع المرجان الصلب في الأردن، يحتوي على معلومات تفصيلية مرتبطة بخليج العقبة من حيث خصائص الخليج الحيوية والفيزيائية التي ساهمت بتكوين حيود مرجانية مهمة وفريدة من نوعها، كما يتضمن شرحاً عن المهددات والفرص المتوافرة على الصعيد التشريعي والمؤسسي والفني لحماية أنواع المرجان المهدد بالانقراض في خليج العقبة.
ولفت إلى أن الدراسة هي الأولى من نوعها التي تم تنفيذها في العقبة، والخاصة بتصنيف الشعاب المرجانية، وتحديد ارتباط هذه الأنواع الجغرافي مع البحر الأحمر وغيره من المناطق التي توجد بها الحيود المرجانية.
إلى ذلك، يناقش منتدى الشارقة الدولي لصون التنوع الحيوي في شبه الجزيرة العربية عدة موضوعات رئيسية، على مدار أربعة أيام يستعرض خلالها مقدمة واسعة للإدارة البحرية والساحلية، بما في ذلك المجموعات الرئيسية من أنواع المرجان والسلاحف وأسماك القرش والثدييات البحرية وأشجار المانغروف والأعشاب البحرية، ولمشكلات الحالية التي تواجه هذه البيئات، بما في ذلك مصائد الأسماك، تربية الأحياء المائية، التلوث، البلاستيك، التسربات النفطية، والتغير المناخي.
ويكمن هدف المنتدى في المساهمة في إعداد وصياغة استراتيجيات حماية وخطط عمل ذات صلة بشأن الأنواع المهددة بالانقراض في المنطقة العربية، حيث يستند إلى خطة تقييم وإدارة الحماية الموضوعة والمعدة من قبل المجموعة المتخصصة في حماية وإكثار الحيوانات التابعة للاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، وتتجلى أهميته في كونه محطة لقاء وتفاعل الخبراء والمختصين من مختلف بلدان العالم، وتبادل الخبرات والتجارب والمعلومات، بما يساعد في معرفة أوضاع وطبيعة الحياة الطبيعية في دولة الإمارات بشكل خاص، ومنطقة شبه الجزيرة العربية بشكل عام.