تلجأ روسيا إلى تمويل عمليات الإخصاب في الأنابيب، لمحاربة انخفاض عدد السكان، خاصة أن زيادة معدل المواليد على مستوى البلاد، تمثل أولوية أساسية للرئيس فلاديمير بوتين، الذي أعلن زيادة إعانات الأطفال ومخصصات الأسر، مقابل كل طفل جديد.
الشارقة 24 – أ ف ب:
منذ ثلاث سنوات، تحاول فاليريا باشكو الحمل، ولم يبق أمامها إلا التلقيح الاصطناعي بالأنابيب، الذي تقدمه الخدمات الصحية الروسية مجاناً، إذ تحاول السلطات تجنب حدوث انخفاض جديد في معدل الولادات في البلاد.
وأوضحت هذه العاملة الاجتماعية التي تبلغ من العمر 23 عاماً، أنا وزوجي مرتاحان لأن النفقات التي دفعناها ستعوض علينا، فهذا العلاج يكلف الكثير من الأموال.
وتخضع باشكو لعلاج الخصوبة في مركز خاص بالتوليد، في بلدة بالاشيكا خارج موسكو.
وتمثل زيادة معدل المواليد على مستوى البلاد، أولوية أساسية للرئيس فلاديمير بوتين، الذي جعل هذا الأمر أحد بنود خطابه الموجه إلى الأمة هذا الشهر.
وأوضح بوتين، أن روسيا وآفاقها التاريخية تعتمدان على عدد الروس الموجودين، معلناً زيادة إعانات الأطفال والمخصصات المقدمة للأسر، في مقابل كل طفل جديد لمساعدة البلاد على الهروب من المصيدة الديموغرافية.
وانخفض عدد سكان روسيا إلى 142.9 مليون في العام 2010 مقارنة بالعام 1991، عندما انهار الاتحاد السوفياتي وكان عددهم حينها 148.3 مليون، إلا أن هذا العدد ارتفع مجدداً وأصبح اليوم 146 مليون نسمة، لكنه من المتوقع أن ينخفض مرة أخرى.
في العيادات الخاصة، تكلف جولة التلقيح الاصطناعي بالأنابيب حوالي 100 ألف روبل (1600 دولار)، وهذا السعر يساوي أكثر من ثلاث مرات متوسط الأجر الشهري في روسيا.
لكن منذ العام 2013، بدأت الحكومة تمويل عملية التلقيح في الأنابيب التي تعد أكثر علاجات الخصوبة فعالية، بمعدل نجاح يصل إلى حوالي 30 %، بموجب نظام تأمين صحي إلزامي.
ومن المقرر أن تحصل باشكو على جولتها الثانية من التلقيح الاصطناعي بالأنابيب، بعد فشل الجولة الأولى.
وأوضحت باشكو، أنه أمر مطمئن أن تتاح لي هذه الفرصة الأخيرة لأنني أعرف الكثير من الأزواج في الخمسين من العمر، ممن ليس لديهم أطفال، لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على هذه الفرصة.
وأشارت الدكتورة أولغا سيروفا في عيادة بالاشيكا، إلى أن عدد عمليات التلقيح الاصطناعي بالأنابيب ازدادت ثلاث مرات تقريباً، بفضل التمويل الحكومي.
تزيّن أولغا مكتبها بالأيقونات، وصورة لبوتين الذي جعل المعركة ضد انخفاض عدد السكان أولوية وطنية.
وتابعت سيروفا، هذه السياسة لدعم التلقيح الاصطناعي تعزز معدل المواليد، وتأتي كجزء من مشروع الحكومة الذي يستهدف التركيبة السكانية.
وتتميز هذه العيادة بنظافتها كما أنها مجهّزة بالمعدات الحديثة، على عكس العديد من المستشفيات المتهالكة الموجودة في المقاطعات، وباعتبارها واحدة من الأفضل في البلاد، ترحب هذه العيادة بزيارات الصحافيين لها.
يتوقع أن ينخفض عدد سكان روسيا البالغ 146 مليوناً، بما بين أربعة إلى 12 مليوناً بحلول العام 2035، فقد ولد من هم في العشرينات من العمر، فيما كانت البلاد تشهد تراجعاً هائلاً في عدد المواليد وحالة من عدم اليقين الاقتصادي، لذلك هناك عدد أقل من الأشخاص الذين سيصبحون آباء جدداً.
في الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، انخفض عدد السكان بحوالي 260 ألف شخص، وهو أكبر تراجع خلال السنوات الـ11 الماضية.
وطرح بوتين، سياسات عدة تهدف إلى تشجيع الناس على إنجاب الأطفال منذ وصوله إلى السلطة في العام 2000.
وهذا الشهر، دعا إلى زيادة معدل المواليد إلى 1.7 طفل لكل امرأة بحلول العام 2024 مقارنة بالرقم الحالي البالغ 1.5 والعلاج بتقنية التلقيح الاصطناعي بالأنابيب هو جزء من هذه الاستراتيجية.
وعلى الصعيد الوطني، ارتفع عدد عمليات التلقيح الاصطناعي بالأنابيب التي تمولها الدولة سنوياً من 46 ألفاً إلى 78 ألفاً بين العامين 2016 و2018، وفقاً لوزارة الصحة.
والهدف هو الوصول إلى 90 ألف مولود في السنة بحلول العام 2024، ما يجعل روسيا رائدة في هذا المجال، وفقاً لأرقام الجمعية الروسية للتكاثر البشري.
وغالباً ما تكون هذه الإجراءات مرهقة جسدياً، وتؤدي إلى 25 ألفاً إلى 30 ألف ولادة سنوياً، ما يمثل حوالي 2 % من إجمالي الولادات.
ومنذ العام الماضي، أصبح من الممكن الخضوع لعمليات التلقيح الاصطناعي بالأنابيب في العيادات الخاصة، ثم الحصول على تعويض للنفقات من أجل تقليل وقت الانتظار.
واعتمدت روسيا قوانين ليبرالية للغاية بشأن الحقوق الإنجابية، وليس هناك أي حدود لسن النساء اللواتي يحتجن إلى مساعدة للحمل.
وشنت السلطات حملة نشطة ضد الإجهاض، ما ساهم في انخفاض حالات الإجهاض من 1.5 مليون إلى 567 ألفاً بين العامين 2010 و2018.